حالة من الفوضى والإزعاج تغزو أسواق الخرطوم .. عشرات من المحلات التجارية وترابيز الباعة المتجولين بغرض تسويق البضائع ، وهناك تسعة مكبرات صوت تعلن عما يحويه المحل فكيف للأذن أن تستقبل أكثر من خمسين صوتاً مختلفاً في لحظة واحدة دون أن تتأثر؟؟ (التيار) قامت بجولة في عدة مواقف بالأسواق جمعت من خلالها توسلات المواطن للجهات المختصة لإيقاف هذه الكارثة، أيضاً تعرفت على آراء بعض أصحاب مكبرات الصوت عن أثرها في زيادة معدل البيع. وصفها بالمزعجة خلال جولتنا التقينا بالمواطن عبد المحمود عوض وجدناه غاضباً من هذه الظاهرة التي وصفها بالمزعجة، وناشد المسؤولين لوقفها. أما صاحب مركز (التخفيضات لخدمات الموبايل) مصطفى محمد قال : إن ما يحدث ليس سوى ضوضاء تأباها النفس وتصرف غير مقبول وأضاف: لو كانت طريقة ناجحة لاعتمدتها وانضممت إلى فاعليها، لكن الأرزاق بيد الله الذي يسخر الأرزاق من غير هذه الطريقة. ضجيج مكلف مادياً وفي ناحية أخرى حيث محل لتحويل الرصيد ب(ميدان جاكسون) اضطررنا لتكرار سؤالنا لأكثر من ثلاث مرات في محاولة لإسماع صاحب المحل جبريل محمد نسبة للأصوات العالية التي تصدر من جيرانه، فتحدث بألم وحرقة عما تسببه له هذه الأصوات من توتر، وأنه كثيرا ما يضطر إلى التوسل لجيرانه حتى يخفضوا من هذه الأصوات المؤذية، وفي الوقت نفسه يتمكن من الاستماع لما يطلبه زبائنه لأن أي خطأ في الرقم يكلفه خسائر فادحة هو في غنى عنها في ظل الظروف الصعبة على حد تعبيره ، وأضاف جبريل بأن كثيرا من زبائنه والمارة يسدون آذانهم بكفوفهم للتخفيف من حدة الأصوات وتقليل نسبة الإزعاج، وأردف أنه وحتى بعد عودته لبيته يشعر بأن الأصوات ما زالت تعلو فوق رأسه ويسمعها جيدا، الأمر الذي يدخله في شك بأنه مريض، وزاد وهو يبدي أسفه: لو كان الأمر بيده لأوقف هذا العبث فوراً. أجواء تفاقم المرض وفي واحدة من المحلات وقفت الموظفة سهى عبد الحميد وقد بدت على ملامحها آثار الضجر والتذمر.. اقتربنا منها واستطلعناها فقالت: هذا إزعاج لا يحتمل سيما أن هذا مكان تجمع تجبرك الظروف أن تمر عبره يوميا بعد يوم شاق من العمل، ولفتت سهى إلى أن هناك أصحاب أمراض مزمنة وآخرين في طريقهم للمشافي، فمثل هذه الأصوات والجو غير الصحي المؤذي للآذان والنفس قد يفاقم من حالتهم، وناشدت المحلية بالتدخل السريع لإنقاذ المواطن من هذا التوتر اليومي. من جانبه يرى بائع ممن يستخدمون مكبرات الصوت أن أي شيء في هذا الزمان يحتاج إلى إعلان وأن مكبرات الصوت تزيد من نسبة البيع، وعما تسببه من أذى للمارة قال إنه يقوم بخفض الصوت حتى لا يتأثر أحد. ووافقه الرأي محمد عوض الذي قال إنهم يقومون بتسجيل الصوت بمبلغ (150) جنيهاً، وهذه طريقة ناجحة لاستقطاب الزبون. سنغير وجهتنا أما طالبة سارة قالت :على خلفية سؤالنا لها: بصفتي أدرس في مجال الأعمال فرأيي أنها من أسوأ طرق التسويق، لأن الزبون يحتاج إلى أجواء هادئة وآذان صاغية كيما يتمكن من التفاوض والشراء، إذا فما الذي يضطره لوضع يديه في أذنه وهو يقوم بعملية الشراء في الوقت الذي تتوفر فيه متاجر أخرى بها كل سبل الراحة للزبون والتي تمكنه من شراء احتياجاته "برواقة" واستطردت: إن عملية المرور التي تفرضها علينا الوجهة ببعض الأماكن مثل (موقف جاكسون) بات من الأمور التي تدرج في زمرة الهموم، ومهما كان مقدار سعادتك الذي تخرج به من المنزل لابد أن يتحول إلى أسوأ حالاته. روشتة طبية وفجر اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة محمد يس معلومة طبية أن الأصوات العالية والتلوث السمعي واحدة من أسباب ازدياد ضغط الدم وقرحة المعدة والصداع النصفي والأرق مما يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب النفسي والملل والذي بدوره يؤدي إلى الانتحار شنقاً بالأشجار أو القفز من على الجسور كما يحدث هذه الأيام. ولم ينس "بلدو" تقديم روشتة لقراء (التيار) أن الصوت الجميل يمكن أن يكون شفاءً ومريحا للأعصاب ومهدئا للتوتر، ولكن ما نراه من ازدياد في الضجيج والتلوث السمعي ينذر إلى أننا موعودون بمجتمع أكثر توترا ومرضا. التيار