لن أتحدّث عن شباب مُبادرة شارع الحوادث، لأنّ كل السودان يعرفهم جيداً، فهم شباب صغار في أعمارهم، كبار في أفكارهم وأحلامهم، نبذوا الفرقة والشتات وجعلوا هدفهم الوطن، يعملون من أجله بلا مُقابلٍ، دافعهم الحب والوفاء لأهله، قدّموا أنفسهم بصُورة ناصعة قلبت كل الموازين وزرعت الأمل في الشعب السوداني، بعد اليأس الذي أصابه من مُسؤولين أدمنوا الفشل والفساد حتى كاد ينعي نفسه، في هذه اللحظة أزهرت مُبادرة شارع الحوادث التي تحدت اليأس والاستسلام وسجلت حُضُوراً أكدت من خلاله أنّ أهل السودان ما زالوا بخير. لن أتحدّث أيضاً عن المؤتمر الوطني هذا النبت الشيطاني الفاسد الذي أثبت بنفسه أن لا خير فيه، فهو يحكم 28 سنة والبلد لم تتقدّم قيد أنملة في كل القطاعات ومنها القطاع الصحي الذي تعلمون كم يُعاني اليوم من فساد القائمين على أمره، فالمُستشفيات الحكومية خلال كل هذه السنوات لم تمتلك غرف عناية مكثفة للأطفال، إلا بعدما ولدت نساء السودان شباب شارع الحوادث، الذين كانوا في العدم عندما جلس كل المسؤولين الموجوين الآن في مناصبهم ولم يغادروها 28 سنة دون أن يفعلوا شيئاً فقط يتجولون من منصبٍ إلى منصبٍ. في زمنٍ وجيزٍ استطاع شباب شارع الحوادث وبجهدهم الخاص أن يمنحوا بعض المستشفيات الحكومية لأول مرة في تاريخها غرفاً حديثة للعناية المكثفة للأطفال، فقد جعلت المبادرة هدفها إنقاذ الأطفال من الموت، وضعت لنفسها مشروع حلم ومضت عليه، وأول حلم تحقق في مستشفى حوادث الأطفال بأمدرمان (غرفة عناية مكثفة) كلفت أكثر من 2 مليار كُنت شاهدةً عليها لحظة بلحظة، والثانية بمستشفى عطبرة، والثالثة بمستشفى كسلا، وقاموا بصيانة عدد من العنابر في بعض المستشفيات. في مستشفى كسلا قضى الشباب عامين يلهثون خلف المال يجمعونه من أهل الخير حتى تَمَكَّنوا من إنجاز المشروع (غرفة عناية مُكثّفة حديثة) للأطفال الآن اكتمل منها80% ولم يبقَ إلاّ القليل وهم ينوون تسليمها في احتفالٍ بهيجٍ لوزارة الصحة لتخلد اسم زميلهم التقي حمدي بدران المولود سنة 94 الذي مات مُعتمراً بعدما ذهب مستشفياً إلى السعودية من مرض السرطان وهو من أبناء شندي، ولكن حكومة ولاية كسلا لا تريد أن تمنحهم هذه الفرصة ووقفت لهم بالمرصاد، وحين شارف المشروع على النهاية اختطفته منهم قبل أن يكتمل، طبعاً ليس هناك سبب منطقي، فمعلومٌ عن مسؤولي المؤتمر الوطني الفاشلين يختطفون نجاحات الآخرين ويحسبونها لأنفسهم، ولكن إنجاز شارع الحوادث لن يُحسب لأحدٍ غيرهم ولن تروح جهودهم لفاشلي المؤتمر الوطني. وزارة الصحة سحبت المشروع من شارع الحوادث بحجة انتهاء الزمن المُحدّد حسب خُطة الشباب 18 شهراً، حدث التأخير ولأسبابٍ خارجة عن إرادتهم، السبب الثاني، أن الوزارة لديها المال لإتمام ما تبقى من المشروع. وزارة الصحة كسلا لم تقم بإنشاء عناية مكثفة في تاريخها رغم أن كسلا بها أعلى معدلات وفيات أطفال في السودان، ولكنها تسحب المشروع من شباب شارع الحوادث لأنه تأخر 4 أشهر، ثم تقول لديها المال الكافي لإتمامها بعدما تأكدت أنها لن تدفع شيئاً يذكر أين كانت من زمان؟؟؟!!. عموماً هذا إعلان لكل أهل السودان وأهل ولاية كسلا أن اشهدوا أن مُبادرة شارع الحوادث قد أنجزت ولأول مرة في تاريخ مستشفى كسلا غرفة عناية مُكثّفة للأطفال، وقد تم تسليمها إلى وزارة الصحة مُكتملة تقريباً، وبهذه المُناسبة نمنح شهادة تقدير أخرى لشباب شارع الحوادث الشرفاء الذين يعملون وسط مناخٍ ملغومٍ بالشر والفساد، ونذكر أهل كسلا أنه الآن أصبح لديهم غرفة للعناية المُكثّفة للأطفال هي جهد خالص لشباب شارع الحوادث بدعم من الخيِّرين من أبناء الشعب السوداني من داخل وخارج الوطن، الحكومة لم تدفع ولا مليماً، عليكم بمُراقبة هذه الغرفة وحراستها من الأيادي العابثة غير الأمينة . ولنا عودة التيار