لا يمكن للصراع على رئاسة اتحاد كرة القدم السوداني أن ينتهي على مزاج المؤتمر الوطني؛ فهو ليس حزب أمة، ولا اتحادي ديمقراطي؛ ليتحول إلى فكة يفعل بها ما يشاء، فهو مؤسسة عالمية تحكمها قوانين ولوائح اختار السودان الانضمام إليها بمحض إرادته، وعليه أن يتناغم معها مثل كل الدول، وما كان للفيفا أن يقف متفرجا حيال الأزمة، وقد كان القرار متوقعا، ولا أحد ينوي تنجنبه، وقد صرحت بعض أطراف الصراع ألا تنازل حتى لو تم تجميد الاتحاد- وقد كان، وقع الخبر كالصاعقة على رؤوس المواطنين لكنه لم يهز شعرة في رأس أي رجل من المؤتمر الوطني؛ فكلهم أطراف في الصراع، من لم يكن مع معتصم فهو مع سر الختم. يبدو أن المشكلة ليست الأولى؛ فقد حكى لي أحدهم- ولا أعرف مدى صحة الحكاية، وأرجو من يعرف عنها معلومة يفيدنا بها- أن نفس هذه المشكلة حدثت من قبل، وتصارع اثنان في الاتحاد؛ فاستدعى وزير الشباب والرياضة- حينها- الشخص الذي لا يريدونه، وقال له: والله إن لم تتخل عن هذه الفوضى (نلبسك تهمة عمرك ما تطلع منها)، فما كان من الرجل إلا أن قدم استقالته، وذهب، وأظنه لم يكن مؤتمرا وطنيا فإن كان كذلك لما استقال ولأصر وأصبح له جناح، وامتد الصراع، وحدث للاتحاد ما حدث الآن، وزير الشباب والرياضة الحالي لا يمكنه التدخل، وأن تدخل فقد يكلفه ذلك المنصب، ويبقى حل الفيفا هو المحك، ويشترط عودة مجموعة معتصم جعفر إلى مقر الاتحاد لإلغاء القرار، وعادي يمكن للحكومة أن تعاند ما فارق معاها كتير فهو إنجاز جديد من الفشل يضاف إلى سجلها الحافل بالاستمرار في إنتاج وتوطين الفشل. كل يوم يثبت لنا المؤتمر الوطني أنه ليس هناك عدو للسودان غيره، فالحزب كله ليس به رجل عاقل ولا حكيم ولا ناكر لذاته ولا شجاع، فكل يوم يصبح علينا لا بد من فجيعة جديدة خلفها رجال من المؤتمر الوطني، فالبلد لم تعد دولة تحكمها القوانين والدستور إنما الأمزجة والمصالح الشخصية، فالصراع بين الدكتور معتصم جعفر والفريق عبد الرحمن سر الختم إن ترك للقوانين واللوائح لعرف كل منهم مكانه، لكن لأن الأمر له جوانب أخرى، ما كان له أن ينتهى إلا بنهاية الاتحاد، وحين تدخلت (الفيفا) لم تجد بداً من أن تضع حدا للأمر بتجميد عضوية السودان، هذه هي الإنجازات التي تعود أن يحققها رجال المؤتمر الوطني، ينتصرون لأنفسهم ليهزم الوطن، وشعبه، ففي الوقت الذي ينتظر المواطنون أن ترفع أمريكا عن كاهل الوطن عقوبات فرضت عليه لأن المؤتمر الوطني انتصر لنفسه قبل 20 سنة، يفاجئون بقرار الفيفا وآمالهم معلقة بهلال كادقلي المتفائل وهو يأمل أن يفرح الشعب، ويرفع حالة الإحباط الرياضي، وكذلك يأمل المريخ المثقل بجراح الفشل أن يفرح جماهيره، لكن كيف يفعلان والحكومة- نفسها- تقف بالمرصاد لكل حلم وفرحة فتغتالها. على أية حال لم يبق ما يقال لكن السؤال.. إلى متى سننتظر وقد أصبح الوطن لعبة في يد فئة معينة لم يعد يهمها ماذا يدفع المواطن ولا الوطن في سبيل إرضاء نفسها. وقرار الفيفا هو نتيجة حتمية لوضع الكرة المتدهور في السودان بفعل عملية رهن المؤسسات للمؤتمر الوطني، فلا تنشغلوا بتجميد عضوية السودان فهي أهون بكثير من الكوليرا الكارثة الأكبر، ولدى الحكومة ألف كارثة تشغل بها المواطن عن الموت الذي يحصد المواطنين، اتحاد الكرة (هين) المشكلة في المؤتمر الوطني فهو عدو السودان الأول. التيار