أطاح ملف حقوق الإنسان آمال الحكومة السودانية في استصدار قرار أميركي يرفع بشكل نهائي العقوبات الاقتصادية التي فرضت على الخرطوم قبل ما يزيد عن عشرين عاماً، إذ أعلنت الخارجية الأميركية، فجر الأربعاء، تمديد مهلة الستة أشهر التي منحها الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، للخرطوم لرفع العقوبات، لثلاثة أشهر أخرى تنتهي في الثاني عشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل. وبرّرت الخارجية الأميركية القرار ب"سجلّ السودان في ملف حقوق الإنسان وقضايا أخرى" لم تذكرها. ورفعت الحكومة السودانية من سقف توقعاتها بشأن قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والذي ترك له أوباما استصدار القرار النهائي بشأن رفع العقوبات عن السودان أو الإبقاء عليها. ووفقاً لمصادر حكومية، فإن الخرطوم تلقّت تطمينات أميركية بشأن الرفع النهائي للعقوبات اليوم الأربعاء، لا سيما أن التقارير الصادرة عن الاستخبارات الأميركية، والجهاز التنفيذي عموماً، كانت "إيجابية" وضمنت توصيات للرئيس ترامب برفع العقوبات. وجاء القرار الأميركي صادماً للحكومة السودانية، والتي تحاشت إصدار أي بيان رسمي حتى الآن للتعليق، باستثناء محاولات بعض الصحافيين لاستجواب المسؤولين السودانيين. ويرى مراقبون أن القرار الأميركي من شأنة أن يحدث "ارتباكاً قوياً" داخل الحكومة، والتي لم يكن ضمن حساباتها تمديد المهلة لأشهر إضافية، لا سيما بعد التزامها بتنفيذ حزمة المسارات الخمسة بشكل كامل، باستثناء المسار الإنساني، معتبرين أن القرار سيضع الحكومة أمام خيارين: إما المواجهة وعدم الوثوق بالقرارات الأميركية والعودة إلى المربع الأول، والرجوع لمحور إيران وروسيا، أو المضي قدماً في تنفيذ الاشتراطات الأميركية وإيلاء ملف حقوق الإنسان أهمية قصوى والعمل في تحسين سجلها، مع اتخاذ خطوات حاسمة في مواجهة الجهات الحكومية التي "أفسدت عليها إنهاء العقوبات"، عبر ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان. وأغلق وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، الباب أمام إضافة مسار سجل حقوق الإنسان لخطة المسارات، مشدداً على أن الحكومة ستعمل على تنفيذ ما التزمت به من مسارات، والتي قال إن "حقوق الإنسان ليس من بينها". وعبّر غندور، عن أسفه للقرار الأميركي، والذي وصفة ب"غير الموضوعي"، مؤكداً أن بلاده ما زالت تتطلع لرفع العقوبات بشكل كامل. وقال وزير الخارجية السوداني إن "الخرطوم أوفت بكل ما جاء في المسارات الخمسة المتصلة بمكافحة الإرهاب واستقرار جنوب السودان، ومكافحة الاتجار بالبشر، وفتح المسارات الإنسانية بمناطق النزاع وتسهيل عمل المنظمات الإنسانية، فضلاً عن وقف العمليات العسكرية في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان". وبحسب محللين، فإن ترامب لا يريد أن يفتح واجهة للانتقادات على نفسه بسبب سجل السودان على صعيد حقوق الإنسان، بالنظر إلى الضغوط التي يرزح تحتها، خاصة ما يتصل بالتدخل الروسي في الانتخابات الأميركية والشبهات التي تحوم حول أفراد من إدارته، وعائلته كذلك.