أعمال صيانة وترميم تنتظم مقابر اليهود بالخرطوم، وفقاً لما نقلته صحيفة (البعث) أمس، فإن حملة نشطة بدأت بإزالة المساكن العشوائية وأكشاك صيانة وتركيب زجاج السيارات، حيث اكتملت المرحلة الأولى، ووفقاً لمديرة وحدة المنطقة الصناعية فإن ولاية الخرطوم بصدد الاتصال بعدد من الأسر اليهودية لتولى الإشراف على المقابر والاعتناء بها، وحمايتها من أي تغوّل. يبدو حماس الحكومة إزاء ترميم مقابر مثيراً للتساؤلات، لكن الأمر لا يُفسر إلا في اتجاه واحد، هل بدأت الخرطوم فعلياً الاستعداد للتطبيع، أم هي مغازلة. قبل أيام صدر التقرير السنوي من الخارجية الأمريكية، التقرير مهّد، فما يبدو على رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، حيث أشاد على غير العادة بالخطوات التي اتخذها السودان في هذا الصدد، وذكر التقرير أن السودان توقف عن إعطاء أي دعم لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) كما كان يفعل في السنوات الماضية. قبل القرار الأمريكي الذي اتخذه الرئيس السابق باراك أوباما، برفع العقوبات الأمريكية على السودان مؤقتاً، كانت إحدى الصحف الإسرائيلية نشرت أن إسرائيل اوصت الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي بإقامة علاقات جيدة مع السودان. العام الماضي، فاجأ وزير الخارجية الرأي العام، حينما قال لا مانع من دراسة التطبيع مع إسرائيل، الوزير استند على لجنة العلاقات الخارجية في الحوار الوطني، والتي ايّد غالبية عضويتها التطبيع مع إسرائيل. قبل أن ينتهي جدل تصريحات وزير الخارجية، كان رئيس حزب إسلامي يقيم ندوة عما إن كانت هناك موانع دينية للتطبيع، وخلصت تلك الندوة إلى دعوة علنية للتطبيع، ويبدو أن ما جرى كان خطوات في اتجاه تهيئة الرأي العام وكذا التيارات المتشددة في الحكم. تلك الندوة، وجدت تجاوباً سريعاً من حزب الليكود الحاكم، حيث رحب أحد أعضائه بالدعوة التي أطلقها الحزب الإسلامي للتطبيع مع إسرائيل. الجديد كلياً هو التقرير السنوي للخارجية الأمريكية الذي منح الخرطوم شهادة (حسن سير وسلوك) بوقفها دعم ما تُسميه (الحركات الإرهابية) أو هكذا تصنيفها. وهذا يُقرأ مع الحلف السوداني السعودي الذي يقود دوراً محورياً في رفع العقوبات الأمريكية على السودان.. ولعل الزيارة الأخيرة للبشير إلى المملكة والتي أعلن بعدها مُباشرةً أن السعودية نصحت بمواصلة الحوار الأمريكي. والمشهد في كلياته، مقروء مع تغييرات كبيرة تنتظم المنطقة، وتتهيأ فيما يبدو لإعادة صياغة في أعقاب الاصطفاف السُني في وجه إيران. التيار