* حينما تقرأ خبراً عن تلف الآلاف من جوالات الذرة بديوان الزكاة بولاية القضارف جراء سوء التخزين؛ يقفز إلى ذهنك أن الخبر يتعلق بعصابة جشعة تمارس الإحتكار؛ لا صلة لها بأي ركن من أركان الإسلام.. لكن ومع الأسف ما حدث في زكاة القضارف جاء بفعل موظفين يعملون في الضوء؛ وهو جريمة يُسأل عنها المسؤول الجالس فوق خراب الديوان..! وعلى الأرجح أنه بعد هذه الواقعة ستتم ترقيته وفقاً لأسس (المشروع الحضاري) الذي تكونت منه الحكومة القائمة اليوم؛ وهو مشروع نقيض للخير والعدل والفضيلة، يتحصن أفراده بالخبث (كمؤهل) حتى تستمر خِدمتهم برضا الذين أعلى مِنهم تنظيمياً أو إدارياً..! لا يوجد مُفسد خبيث إلّا وشملته عناية تعضِد شوكته.. هل تخفى الأمثلة على أحد؟! * بالعودة إلى الخبر نجد أمين أمانة المزارعين بالحزب الحاكم بالولاية واسمه عبد المجيد التوم؛ أشار إلى تعرُّض مخزون الذرة للأمطار مما أدى لتلفه.. والأصح من ذلك القول: (ما فتك بحبوب الزكاة فاتكٌ أكبر من هذا الحزب) فهو الرأس المسؤول عن كل ضرر يقع على الناس في القضارف أو خلافها؛ بسبب فشل توجهاته و(تلف) سياساته العامة..! * لو كنا في دولة غير هذه التي تدار (عصبجياً) لحققت العدالة هدفاً لصالح آلاف الفقراء الذين تعمّدت إدارة الزكاة إهمالهم (بإهمالها للذرة)؛ وكأن الإدارة تتحالف مع باقي دواوين الحكومة التي صنعت من الضيم جحافل غزت جهات السودان جمعاء.. وما القضارف إلّا سودان مُصغر؛ يصيبها ما يصيب بقية الولايات من هذا الضيم رغم (مطاميرها)..! * المزارعون (الذين يعرفون الله) عليهم توزيع زكواتهم بأنفسهم؛ لو وجدوا سبيلاً يخلصهم من متسكعي المحليات؛ فذلك أجدى وأضمن تعميماً للبر.. يجب أن تحفزهم رداءة دواوين الزكاة إلى الخطى بهذا الاتجاه تحاشياً لضياع جهدهم (ولا نقول أجرهم)..! فالأدهى من ضياع الأجر هو (تلف الزاد)..! وفي الحسبان أن الزكاة تدفع (لله) وليست للوالي..! * ديوان زكاة القضارف نموذج مُحبِط بفعلته النكراء.. فالذرة التي يوفرها دافع الزكاة للمحتاجين تبدو في نظر الإدارة شيئاً ثانوياً لا يستاهل الإهتمام؛ ربما لأن (الشبعانين) داخل الديوان فقدوا الإحساس بالجائع والسائل والمحروم.. إنها سِمة مرحلة سياسية مشبّعة بالربا والنهب وشتى المُنكرَات..! * إن المسؤولية الأكبر في تلف الذرة بالقضارف تقع على عاتق الوالي؛ قبل وقوعها على رقاب بضعة موظفين أدى تعفن ضمائرهم إلى تعفن المحصول..! خروج: * ذات عام قريب؛ ارتكزت في الشوارع لافتات (تلفت النظر) توحي للعابر أن النفاق جزء لا يتجزأ من ذاكرة تجار الدين الذين مازالوا يتربحون باسمه ابتغاء وجه الدولار.. فقد ظهرت اللافتات تحت شعار (مشروع تعظيم شعيرة الزكاة) وكل حدث تسبقه كلمة (مشروع) في عهد الإسلامويين ليس وراءه (شيء لله) إنما ينطوي على مأكلةٍ ومُكر.. فالزكاة التي عظمّها الرّب لا ينقصها تعظيم (بالِعِيها) ومُفسِديها..! ثم الآن نرى عكس ما كانوا يدَّعون.. لقد تحوّل المشروع من التعظيم إلى (التحقير) والقضارف شاهدة..! فكيف تبدو الرؤية مع المذلّة التي يتعرض لها الخلق أمام أبواب الزكاة ومدرائها؟! أعوذ بالله الجريدة