في كل مرة تفاجئنا الحكومة بقرار أو تصرف مؤذٍ ناتج عن سوء تقدير يتسبب في ربكة ما وتظل أثاره باقية عبر الزمن، فتؤذي بها المواطن والوطن، وتضع نفسها في مواقف محرجة، وتظل تبحث بعدها عن مخارجة دبلوماسية، فتدفع من أجلها الغالي والنفيس؛ فهي تنسى أنها صاحبة سوابق، وموضوعة تحت مراقبة العالم، الذي وضعها في عدة قوائم سوداء، ويحسب عليها النفس بسبب التصرفات، والقرارات غير المدروسة العواقب، التي تأتي- دائما- في التوقيت الخطأ. وزارة التربية والتعليم الولائة أصدرت قرارا يلزم المدارس التابعة إلى الكنائس بمواصلة نشاطها الأكاديمي يوم الأحد، وإلغاء العطلة المعروفة في هذا اليوم؛ بحجة أنها تربك سير التقويم الدراسي، وتؤثر على العملية التعليمية في مدارس الولاية على المستويين- الأساس والثانوي- كيف لا أدري، الوزارة تصدر هذا القرار في الوقت الذي يزور فيه البلاد راعي كنيسة كانتبريري بالمملكة المتحدة؛ ليشهد افتتاح الكنيسىة الإنجليكانية، وتنصيب أسقف الكنيسة الأسقفية في الخرطوم، الوزارة مصرة على إلزام المدارس المسيحية بإلغاء عطلة الأحد، بل واعتبار الأحد يوم عمل عادي في جميع مؤسسات الدولة- أي أنه يشمل حتى الموظفين المسيحيين، المدارس المسحية رفضت القرار، وعدّته (اضهادا للمسحيين)، ومثل هذا الحديث لن يمر مرور الكرام، وسيكون له ما بعده. الغريبة أن القرار وضعه مجلس الوزراء الاتحادي- نفسه- وعليه فهو يشمل كل السودان، البداية في الخرطوم، والبقية تأتي، لكن السؤال الذي يُفرض- هنا- ما هي الحكمة من إتخاذ هذا القرار الآن؟، وما هي الربكة التي أحدثتها عطلة الأحد في العملية التعيلمية طوال السنوات الماضية؟، وكل الناس يشهدون أن تلك المدارس تعمل دون أية مشاكل عكس المدارس الأخرى تماما، لدرجة أنها أصبحت مرغوبا فيها، واتجه نحوها عدد كبير من المسلمين.. الحكومة تركت كل مشاكل التعليم التي تعاني منها الولاية من مدارس بلا حمامات، وأزمة الإجلاس، والكتاب المدرسي، وانهيار بيئة المدارس، ومشاكل المعلمين، وغيرها من مشاكل عويصة تحتاج جهودا جبارة وزمنا لتحل لتمسك في إلغاء عطلة الأحد رغم أنها ليست مشكلة، إنما هي تخلق مشكلة من العدم، وسيستغلها البعض، وستجد نفسها في مأزق لا تحسد عليه، مع أنها يمكن أن تعالج المشكلة إن كانت هي فعلا مشكلة بهدوء، ومن غير قرار، فالأمر أسهل مما تتخيل.. أن تعمل المدارس المسيحية يوم الأحد أو لا تعمل لا أعتقد أنه يمثل قضية مهمة للدرجة التي تجعلها تناقش في مجلس الوزراء؛ إذ يمكن لوزارة التربية- وحدها- أن تقدر الأمر، وتقرر فيه حسب المصلحة العامة؛ فهناك قضايا مجلس الوزراء أسوأ من يقرر فيها. التيار