سرت (ليبيا) (رويترز) - عادت قوات الحكومة الانتقالية الليبية يوم السبت الى الهجوم على بلدة بني وليد المحاصرة وسط الصحراء بعد يوم من هزيمة القوات الموالية لمعمر القذافي لهم واجبارها لهم على الانسحاب بشكل مهين. وتقاتل قوات المجلس الوطني الانتقالي أيضا القوات الموالية للقذافي في شوارع مدينة سرت مسقط رأس الزعيم المخلوع. وبعد ايام من المعارك احتفل الثوار بالسيطرة على بلدة الهراوة على بعد 60 كيلومترا الى الشرق من سرت لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق تقدم يذكر امام المقاومة العنيفة لقوات القذافي في سرت نفسها. وبعد نحو شهر من طردهم لقوات القذافي من العاصمة طرابلس ما زالت قوات الحكومة الانتقالية تحاصر المعاقل الباقية للقذافي وانصاره وتجد صعوبات في السيطرة عليها مما يثير الشكوك بشأن قدرتها على توحيد البلاد بسرعة. وقال متحدث باسم القذافي ان الزعيم المخلوع ما زال في ليبيا وانه يقود "المقاومة". واتهم موسى ابراهيم حلف شمال الاطلسي بقتل 354 شخصا خلال غارات جوية شنها ليلا على مدينة سرت وهو اتهام لم يتسن لرويترز التحقق منه من مصدر مستقل. وقال الحلف ان مثل هذه الاتهامات ثبت في الماضي كذبها. وقال مراسلو رويترز ان رتلا من الشاحنات الصغيرة التابعة لقوات الحكومة الانتقالية محملة بالمدافع الالية المضادة للطائرات والمزيد من الذخيرة توجهت الى داخل بني وليد مع حلول الظلام. وقال عبد الله كنشيل المسؤول المحلي الرفيع في المجلس الوطني الانتقالي ان قوات القذافي هاجمت نقطة تفتيش فتدخلت قوات المجلس وقال ان قتالا عنيفا يدور داخل البلدة الان. ولقيت قوات المجلس الانتقالي هزيمة مخزية يوم الجمعة عندما حاولت اقتحام بني وليد واضطرت للانسحاب تحت وطأة القصف العنيف لقوات القذافي. ودخلت قوات أخرى للمجلس الانتقالي الى سرت من ناحية الغرب وسيطرت على بلدة الهراوة في الشرق لكنها لم تتمكن من طرد قوات القذافي العنيدة من المدينة المطلة على ساحل البحر المتوسط. واتصل المتحدث باسم الزعيم الليبي الهارب برويترز من هاتف يعمل عبر الاقمار الصناعية وقال ان القذافي ما زال في ليبيا وانه يقود "المقاومة" ضد خصومه. وقال ان قوات القذافي قادرة على مواصلة هذا القتال ولديها أسلحة تكفيها لشهور وشهور. وقال ان الضربات الجوية لحلف شمال الاطلسي على سرت مسقط رأس القذافي أصابت مبني سكنيا وفندقا وقتلت 354 شخصا. واضاف ان نحو 700 شخص اصيبوا في الغارات الجوية على سرت يوم الجمعة وان 89 شخصا ما زالوا مفقودين. وقال انه خلال السبعة عشر يوما الماضية قتل أكثر من ألفين من سكان سرت في ضربات حلف شمال الاطلسي. ولم يتسن التحقق من هذه الروايات حيث اصبحت اجزاء من المدينة التي يسيطر عليها القذافي مغلقة امام الصحفيين. وينفي حلف شمال الاطلسي كثيرا استهداف غاراته الجوية للمدنيين. وقال الكولونيل رولاند لافوا المتحدث باسم حلف الاطلسي في بروكسل "نحن على علم بهذه المزاعم... هذه ليست المرة الاولى التي تصدر فيها مثل هذه المزاعم. كثيرا ما تبين أنها لا أساس لها من الصحة أو غير مؤكدة." ورغم مرور نحو اربعة اسابيع على اجتياح مقاتلي المجلس الوطني الانتقالي طرابلس لم يتمكن المجلس حتى الان من اعلان "تحرير" ليبيا وبدء تنفيذ الجدول الزمني لوضع دستور جديد للبلاد واجراء انتخابات. والقى مقاتلو المجلس الانتقالي باللائمة في هزيمتهم على الخونة والقناصة والنفط الذي سكبه رجال القذافي على الشوارع المنحدرة المؤدية لوسط المدينة. وقال مقاتل يدعى ابو شوشة بلال "عندما دخلنا المدينة اطلق القناصة النار علينا من الامام واطلق الخونة النار علينا من الخلف. دائما ما يقومون بحيل ويطلقون النار علينا من الخلف." والقى اخرون باللوم على نقص القوات والتنسيق والانضباط بين الكتائب المختلفة التي شاركت في الهجوم. وقال مقاتل يدعى نور الدين زردي لرويترز ان وحدته لم تنفذ الامر بالتراجع ووجدت نفسها محاصرة ومعزولة داخل بني وليد لساعات بعدما فر زملاؤهم. وقال زردي ان وحدته حافظت على ذخيرتها وشقت طريقها شارعا بشارع وهي تخرج من المدينة. واضاف "لن نعتمد على قادتنا بعد اليوم" الامر الذي يعكس انشقاقا متناميا بين الوحدات تجاه الضباط. وتابع بقوله "سنفعل كل شيء بأنفسنا وسنتخذ قراراتنا." وبدأت تعزيزات المجلس الوطني الانتقالي تصل من انحاء ليبيا في وقت متأخر من صباح يوم السبت وقال مقاتلون ان الف رجل اخرين من طرابلس واجزاء أخرى من البلاد في طريقهم للبلدة. لكن قوات القذافي ايضا تتلقى تعزيزات وهي تلقي بكثير من ثقلها في بني وليد حسب ما قال كنشيل لحماية احد ابناء القذافي وشخصية بارزة اخرى تختبئ هناك. وقال للصحفيين ان المعروف ان سيف الاسلام القذافي موجود في البلدة لكن المعتقد هو ان شخصية بارزة اخرى موجودة ايضا هناك. وعندما سئل عما اذا ما كانت هذه الشخصية هي القذافي نفسه اشار كنشيل الى ما يوحي ان الامر كذلك. والقذافي مطلوب هو ونجله سيف الاسلام للمحاكمة في جرائم في حق الانسانية امام المحكمة الجنائية الدولية. وقال كنشيل ان قوات اضافية من القوات الموالية للقذافي وصلت من سرت على بعد 160 كيلومترا الى الشمال الشرقي لمساندة المقاومة في بني وليد المحاصرة منذ نحو ثلاثة اسابيع. وفي سرت قاتلت القوات المناوئة للقذافي لليوم الثالث على التوالي في شوارع المدينة وقد احاطت بهم نيران القناصة والصواريخ وطلقات البنادق التي يطلقها انصاره. وقال جنود موالون للمجلس الانتقالي انهم يقاتلون في سرت على ثلاث جبهات من ناحية الغرب والجنوب والشرق لكنهم يتقدمون ببطء. وقال مقاتل رفض الكشف عن هويته "هناك قتال ناحية البحر وفي المدينة... نحن نتجمع ثم نتقدم. نحن نعيد السيطرة خطوة بخطوة." ورقص جنود المجلس الوطني في الشوارع وهم يتوعدون بحرق القذافي ومزقوا صور الزعيم الهارب وداسوا على وجهه. وقال المقاتل نوري الفانوسي "تقدمنا الى داخل الهراوة بعد نحو خمسة ايام من القتال العنيف والقصف الذي يقوم به حلف شمال الاطلسي. "تمكنا من انقاذ البلدة بسرعة جدا هذا الصباح وبدون اي مقاومة." لكن الصعوبات جاءت عندما بدأت القوات في اقامة قاعدة في مسجد على حافة البلدة. واطلقت القوات الموالية للقذافي صواريخها على المسجد وأدى القصف العنيف الى تفرق قوات المجلس الوطني الانتقالي. وجلس أحد مقاتلي المجلس وهو يحتضن جثة زميله الذي قتلته شظايا اصابت رأسه وأخذ يطلب منه أن يرد عليه. واصيب مقاتلان اخران