جريمة فض الإعتصام.. اعادت تشكيل المواقف جريمة فض الإعتصام والتي أدلتها واضحة وضوح الشمس في كبد السماء من خلال الصور والفيديوهات التي نشرت بعد إعادة خدمة الإنترنت والتي توضح بجلاء هوية من قاموا بفض الإعتصام ومن ارتكبوا كل هذه الجرائم والإنتهاكات الفظيعة في حق المعتصمين. هذه الجريمة ليست الأولي التي حدثت في تاريخ البلاد ولكن الوحيدة التي ارتكبت أمام عدسات الكاميرات.. ليست عدسات الإعلام أو مراصد حقوق الإنسان بالطبع وإنما كاميرات الساديون الجدد الذين يتلذذون ويستمتعون عندما يقومون بتعذيب ضحاياهم وتوثيقها بأنفسهم بطريقة غبية لا يدرون إفرازاتها وتبعاتها القانونية لأنهم ببساطة وبكل أسف هم مجرد مليشيات أدمنوا ارتكاب مثل هذه الجرائم منذ زمن طويل. هذه الجريمة التي تنضح لها جبين الإنسانية ووصمة عار علي من أرتكبتها أو من غض الطرف عنها أو من صمت عليها.أن ما حدث يقتضي وقفة حقيقية وحراك قانوني وإعلامي في كل الأصعدة وعلي كل المستويات لمحاكمة هؤلاء المجرمين فوراً ومن دون أي تأخير حتي لا تحدث عملية الإفلات من العقاب وتمويت القضية وخاصة بعد أن اتفقا الطرفان علي تكوين لجنة تحقيق بخصوص هذه القضية،فلجان التحقيق دائماً ما تقتل القضايا ولم نشهد في السودان لجنة تحقيق أنجزت مهامها حتي النهاية ولم يشير الطرفان عن سقف زمني لإنجاز هذه المهمة من خلال تصريحاتهما بعد الإتفاق. جريمة فض الاعتصام أوضحت بأن عملية التحول السياسي في خطر والمجلس العسكري بات غير مؤهل اخلاقياً وقانونياً ليكون شريك في هذه المرحلة..حتي الإتفاق الذي تم يعتبر عملية تطبيع غير أخلاقية مع طرف أياديه ملطخة بدماء الثوار وشريك ماكر غير موثوق فيه لإدارة هذه المرحلة الحساسة من تاريخ السودان لأن يكفي فقط ممارساته في الأشهر البسيطة التي مضت ولا أحد يتكهن بما تؤول إليه الأمور في المستقبل، وخاصة بعد تورطه في جريمة فض الإعتصام أصبح يتخوف من عمليه المحاسبة أو أن يتعرض مصالحه ووضعته الحالية للخطر.فضلاً عن أنه الطرف الأقوي الذي يتمسك بزمام الأمور وله حلفائه الإقليميين والذين لهم سجل سيئ في وئد الثورات وهزيمة إرادة الشعوب. الثورة السودانية أمام محك حقيقي هل ستمضي بهذا الإتفاق الهش والذي بات ليس لديه أي سند أو حاضنة اجتماعية بعد مجزرة القيادة العامة وتحول المجلس العسكري من شريك في الثورة كما يزعم إلي جاني بعد عملية فض الاعتصام والذي ارتكب جرائم في حق الثورة والثوار.أم سيتحول الشارع الثوري إلي معارضة سترفع ميزان العدالة والمحاسبة في المرحلة الإنتقالية وتقف ضد أي تسوية سياسية وشراكة انتهازية بين طرفي الإتفاقية علي حساب أهداف الثورة وخاصة بعد أن أصبحت قوي الحرية والتغيير نفسها تبحث عن أي تسوية للهروب الي الامام وبأي ثمن ضاربة مبادئ الثورة ودماء الشهداء عرض الحائط وأصبحت ثوريتها الآن علي المحك ليس تخويناً ولكن العبرة بالأفعال وليست بالأقوال، وربما وثقت قوي الحرية والتغيير في المجلس العسكري مرة أخري ولا سيما بعد التطمئينات الأخيرة والتي جاءت من قادة المجلس العسكري في اللقاءات التي تمت في قناتي العربية والنيل الأزرق ولكن التطمينات السابقة بعدم فض الإعتصام من قبلهم في الماضي درس قابل للاستفادة. أعتقد أن قضية فض الإعتصام أعادت تشكيل المواقف من جديد وهدمت الثقة وربما تؤدي الي فرز الكيمان علي الأرض ما بين مكونات الثورة نفسها..ولكن الكل يتحدث عن التعامل بحذر وتحفظ مع هذا الواقع والحفاظ علي الوضعية الثورية بوسائلها كافة لأن التجارب في هكذا ثورات تتحدث عن من يقبل بإنصاف الحلول سيدفع الثمن غالياً لا محالة. إستعادة النقابات وتأسيسها تعتبر الخيار الاستراتيجي في هذه المرحلة حتي تصبح للنقابات المهنية إسهاماتها في إنجاز أهداف الثورة من خلال التشبيك مع النقابات المهنية المختلفة لبناء أجسام ضغط تأثر بشكل فاعل في صناعة القرار والتأثير عليه..المهنيون هم من قادوا الثورة إلي هذه المرحلة وهم قادرون علي مواصلة المشوار حتي النهاية لأن من يتهافت ويهرول نحو السلطة تمنعه غبار التسابق من الروية بشكل سليم. محمد عبدالله موسي