بالطبع لم يكن القصاص لشهداء ثورة ديسمبر المحرك الوحيد لمليونية استقلال القضاء، فخلال عهد نظام الإنقاذ ظُلم الكثير من الأحكام القضائية، سواء عبر تدخلات نافذين أو عن طريق "التسيس". والأحكام القضائية، التي صُدرت بحق الثوار، بموجب أمر الطوارئ، تشير إلى حد يمتثل القضاء للسٌّلطة التنفيذية، على الرغم من أن الأول لم يفتأ عن الحديث من استقلاليته. وإذا عدنا للثوار، ومن خلال مناقشاتهم في وسائط التواصل الاجتماعي، تجد شغلهم الشاغل القصاص للشهداء ومحاكمة فاسدي النظام البائد. ولا تمثل مليونية اليوم، التي انطلقت من عدة مدن أبرزها: سنجة، الدويم، القضارف، بورتسودان ومدني؛ تجديد الدعوة للإسراع بالقصاص، وتعيين رئيس للقضاء والنائب العام وحسب، وإنما توصيل رسالة قوية للحكام الجدد أن ل "الثورة شعب يحميها"، بحد تعبير شوقي إبراهيم، 22 سنة، الذي أوضح ل "الراكوبة" أن يشعر بعدم الارتياح لتأخر محاكمة من قاتلي الشهداء، وقال إنه شارك في مليونية اليوم التي توجهت للقصر الرئاسي من عدة نقاط تجمع، لتأكيد شعار الثورة المرفوع: "دم الشهيد ما راح، لابسنه نحن وشاح". واعتبرت ساجدة عباس، 26 سنة، موكب اليوم بمثابة رد الجميل للشهداء "فبأرواحهم انتصرت الثورة"، وأقسمت على أن يهنأ لها بال حتى يقتص القضاء للشهداء. وقدمت قوى إعلان الحرية والتغيير مذكرة إلى المجلس السيادي، أكدت فيها التزامها بمواصلة السير في الثورة حتى تحقق شعاراتها في الحرية والسلام والعدالة. وأشارت إلى أن موكب استقلالية القضاء يطالب بتكوين مؤسسات العدالة المتمثلة في رئيس القضاء والنائب العام إيذاناً ببداية عهد جديد لا ييأس منه ضعيف ولا يطمع فيه قوي. وأضافت في لهجة مشددة: " إن العهد الذي قطعناه على أنفسنا وتواثقنا معكم عليه إن دماء الشهداء دين دونه خرط القتاد، وفيصل للعلاقة بين الثوار وحكومة الثورة، فإن لم يتم القصاص وتتحقق العدالة فلا كنا ولا كنتم".