تهدف اجتماعات تحالف نداء السودان والجبهة الثورية، المنعقدة في منتجع العين السخنة الواقع شرق العاصمة المصرية، إلى بلورة رؤية سياسية جديدة للتعامل مع مرحلة بناء مؤسسات السلطة الانتقالية بالسودان، وهو ما يفرض عدم فقدان الاتصال السياسي بين القوى السياسية في الداخل وقادة الحركات المسلحة في الخارج. القاهرة: أحمد جمال بدأت اجتماعات تحالف نداء السودان والجبهة الثورية السبت، في منتجع العين السخنة (شرق القاهرة)، والتي من المقرر أن تنتهي الأحد وتستهدف التمهيد لدمج الحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية في مؤسسات السلطة الانتقالية بالسودان، قبل أيام من بدء مفاوضات السلام التي تنطلق في 14 أكتوبر المقبل. وحضرت مكونات نداء السودان، المسلحة والحزبية، مكان انعقاد اجتماعات الجبهة الثورية التي انطلقت قبل أسبوع، برعاية مصرية، في خطوة ترمي إلى إزالة الغيوم التي غطّت سماء العلاقة بين الطرفين، بعد توقيع الإعلانيين السياسي والدستوري بين قوى الحرية والتغيير، والتي يعد نداء السودان أبرز هياكلها، والمجلس العسكري من دون مشاركة الجبهة الثورية. وتأسس تحالف قوى نداء السودان في العام 2014 ويضم قوى سياسية وعسكرية واجتماعية أبرزها: حزب الأمة القومي وحزب المؤتمر السوداني وحزب الاتحاد الديمقراطي الموحد، بالإضافة إلى فصائل وحركات الجبهة الثورية السودانية وعدد من منظمات المجتمع المدني. وقالت مصادر مطلعة ل"العرب"، إن الاجتماعات ستنتهي إلى إعادة تشكيل الهياكل التنفيذية للتحالف، بما يؤدي إلى صياغة دور الجبهة الثورية الجديد، وعدم السماح بتكرار التفسخ الذي حدث من قبل بين الأحزاب المدنية والجبهة، ودعم انخراط الحركات المسلحة في العملية السياسية وفقا لرؤية السلام المنتظرة، التي أقرت بتأجيل تشكيل باقي مؤسسات السلطة الانتقالية، أي المجلس التشريعي ورؤساء الولايات الاتحادية، إلى ما بعد الوصول إلى اتفاق شامل للسلام. وتأتي اجتماعات العين السخنة عقب استقالة تقدم بها الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي من رئاسة نداء السودان في 18 سبتمبر، ودعا من خلالها مكونات التحالف إلى اجتماع عاجل لمراجعة الموقف وهيكلة التحالف، وعلاقته بالتحالفات الأخرى، حسب ما تتطلبه المرحلة الانتقالية. وعلمت "العرب" التي كانت قريبة من اجتماعات العين السخنة السبت، أن الاجتماع يناقش أسباب الاستقالة التي تقدم بها المهدي إلى وسائل الإعلام من دون الرجوع إلى مكونات التحالف، لأنها جاءت في توقيت أضحى فيه التحالف من دون جسد سياسي، ما انعكس على سرعة الدعوة للاجتماعات للإبقاء على تماسك القوى الموجودة داخله وعدم السماح بانهياره. وأكد عمر الدقير، رئيس حزب المؤتمر السوداني والقيادي بقوى الحرية والتغيير، أن الاجتماعات تعقد في توقيت مهم للغاية بعد تشكيل هياكل السلطة الانتقالية وفقا للوثيقة الدستورية، ويقود ذلك القوى السودانية للدخول في مرحلة جديدة تتطلب فيها تقوية المكونات السياسية التي قادت الثورة، وعلى رأسها نداء السودان، وأن ذلك يصب مباشرة في صالح قوى الحرية والتغيير المشكّلة للحكومة الحالية. وأضاف الدقير، ل"العرب" أن الاجتماعات تهدف إلى بلورة رؤية سياسية جديدة للتعامل مع واقع ما بعد سقوط نظام عمر حسن البشير، والرؤية المرتبطة بقضية السلام، وأن تشكيل الهياكل الجديدة يريد التواصل مع القوى السياسية في الداخل وقادة الحركات المسلحة في الخارج، وعدم تكرار فقدان الاتصال السياسي بين الطرفين عقب نجاح الثورة. ويبدو أن توسيع الجبهة الثورية بعد أن أضحت تضم خمس حركات مسلحة بجانب أربع قوى سياسية، يتطلب إدخال تعديلات في هياكل نداء السودان بما يسمح لها بدور أوسع، وسيكون ذلك من مسؤولية الهيكل التنفيذي الجديد ومهمته زيادة فعالية الحركات المسلحة في القضايا السياسية المطروحة مستقبلا. وأوضح الدقير ل"العرب"، أن اجتماعات العين السخنة تناقش العديد من الأسئلة التي لم تجد لها إجابات حتى الآن، ومرتبطة بكيفية تأسيس دولة المواطنة بمشاركة جميع القوى والمكونات والعرقيات السودانية، وأن يكون هناك توافق على البنود الأساسية للسلام، بما يساهم في تأسيس دولة مدنية. وهناك رغبة مصرية في أن يكون دور القاهرة يساهم في انطلاق مفاوضات السلام التي ستكون أحد الأطراف الراعية له، الأمر الذي انعكس على دفعها لأن تكون الاجتماعات مكثفة ومحددة الأهداف والملامح، بما يشي بأن اجتماعات نداء السودان تعدّ جزءا أصليا من هندسة الدبلوماسية المصرية لمسارات اتفاق السلام التي جرى التوافق عليها بين الحركات المنضوية داخل الجبهة الثورية أخيرا. وقال أسامة السعيد، الناطق الرسمي باسم الجبهة الثورية، إن تحالف نداء السودان سيدخل تعديلات جذرية على الأساسات المكونة له، ومن المفترض أن يتم إجراء تغيير في دستور التحالف باعتباره المؤسس لهياكل المجلس الرئاسي والمجلس القيادي والأمانة العامة لنداء السودان، بما يتواكب مع التحولات السياسية التي تتطلب تغييرا على مستوى وضع النداء داخل قوى الحرية والتغيير. وأضاف السعيد،"العرب"، أن الهدف حاليا هو الحصول على دعم جميع القوى، ومن ثم فإن إعلان جوبا بين الجبهة الثورية والسلطة الانتقالية سيكون محل نقاش من مكونات نداء السودان، بجانب استحداث رؤية جديدة تدعم الأهداف الرئيسية وتساعد على دمج الجبهة الثورية بشكل أكبر. وأشار إلى أن الجبهة اتخذت قرارا خلال اجتماعاتها السابقة بالاستمرار في تحالف نداء السودان وعدم الخروج من قوى الحرية والتغيير، بالتالي فإن نقاشات العين السخنة تعد بوابة لإعادة تموضع الجبهة بين القوى التي تشكل الحكومة لتكون غطاء سياسيا وشعبيا بالنسبة للاتفاق المزمع التوصل إليه. ويذهب متابعون للتأكيد على أن تحركات الجبهة الثورية تقطع شوطا في طريق اندماجها السياسي عبر خوض الانتخابات التشريعية المقبلة، وأن ذلك ظهر عبر توسيع قاعدتها وفتحها الباب أمام انضمام حركات شبابية، وتأكيدها المستمر على تطلعها للمستقبل من خلال التغيير الشامل، وهو ما ستحاول تحقيقه على أرض الواقع عبر مناقشات حثيثة مع قوى نداء السودان، لأنها تشكل كتلة عريضة تساهم في انخراطها في مؤسسات الدولة الانتقالية والمستقبلية.