لا زالت تداعيات الجزئين الأول والثاني من المقال تتواصل وتلقي بظلالها على واقع الجامعة المتهالك، فالبروفيسور كمال عبيد يزور مجمع الشريعة ظناً منه أو كما نُقل له أن المقنّع الكندي هو أحد ساكني هذا المجمع، ففي صبيحة الخميس الرابع عشر من نوفمبر الماضي زار كمال عبيد مجمع الشريعة والتقى بعدد من أساتذة الكليات الثلاث التي يضمها المجمع، وتجاذب معهم أطراف الحديث على غير العادة، حيث لم يكن يعرهم اهتماماً أو يلقي عليهم سلاماً، وهذا في تقديري تطور ملحوظ في سلوكيات الرجل، أو ربما الظرف الحرج الذي وضعته فيه هذه السلسلة من المقالات حتّم عليه الانكسار ولو قليلاً، والانحناء للعاصفة ريثما تصفو السماء وينقشع الغمام. فوضى الدرجات العلمية: عند مغادرة كمال عبيد لمبنى الكليات الثلاث، عرّج على مكتبة المجمع، وتجاذب أطراف الحديث مع الدكتور حسام (ملازم المكتبة المناوب حينها)، وهو شاب يحمل درجة الدكتوراة في إدارة الأعمال، ولكن لا زال يعمل بإدارة المكتبات موظفاً على الرغم من تقديمه طلب تعديل وظيفة ونقل لكلية العلوم الإدارية، ولكن قوبل طلبه بالرفض كالعادة، علماً بأنه ليس وحده من يحمل درجة الدكتوراة من موظفي الجامعة؛ فهناك الدكتور محمد عطية والدكتور عماد الهادي (يحملان درجة الدكتوراة؛ الأول في اللغة العربية والثاني في إدارة الأعمال، ويعملان بالحرس الجامعي)، وكذلك الدكتور صباحي (رحمه الله) الذي كان قاب قوسين أو أدنى من مناقشة رسالته في التربية، ولكن وافته المنيّة قبل ذلك، وكان أيضاً يعمل بإدارة الحرس، وكذلك الدكتور محمد عبد الله الصافي (دكتوراة في القراءات) ويعمل موظفاً بعمادة شؤون الطلاب، وغيرهم ممن يحمل نفس الدرجة ولكن لم يجدوا حظهم في الترقّي والتعيين بهيئة التدريس، أما حملة الماجستير من الموظفين والعمال فحدّث ولا حرج، فالجامعة تعجّ بعدد كبير منهم لا يزالون في صف انتظار الترقية الذي يبدو أنه لن يأتي أبداً طالما هذه الإدارة الحزبية تمسك بزمام الجامعة. من أبرز حملة الماجستير الذين قوبل طلبهم للترقية بالرفض أكثر من مرة؛ الأستاذ جمال حسن ميرغني الذي يحمل درجة الماجستير في الشريعة ويعمل كاتباً بكلية الشريعة، والذي تقدّم بطلب ترقية لعميدها آنذاك الدكتور محمود حمودة، إلا أنه رُفض رفضاً باتاً، فقام بالتوجه لنائب المدير ومن ثم المدير شاكياً لهما معاكسة عميده له في التعيين محاضراً بالكلية، إلا أنهما لم يكونا ليتخذا قراراً قبل الرجوع للعميد حمودة، الذي تفنن لهما في إبداء مساوئ الرجل وعدم صلاحيته للترقية، بل قام بأكثر من ذلك، حيث قام بتزوير تقرير لجنة معاينة هيئة التدريس التي شُكلت بواسطة إدارة الموارد البشرية بعد إعلان كلية الشريعة حاجتها لملء عدد من الوظائف بها، منها وظيفة محاضر التي تقدّم لها الأستاذ جمال، فكان أن تم إغلاق باب التعيين حينها دون أن يتم تعيين أحد. كما أن المدعو محمود حمودة هذا استغلّ فرصة عدم وجود مدير الجامعة بها، ليقوم بتحرير خطاب لنائب المدير للشؤون العلمية المدعو موسى طه تاي الله، للتوصية بتعيين الدكتور مكاوي خضر عميداً لكلية الشريعة والقانون، وذلك بعد انتهاء فترة عمل الدكتور حمودة وإحالته للتقاعد الإجباري. وهذا الإجراء على الرغم من عدم لائحيته وقانونيته، إلا أن الدكتور مكاوي وافق عليه لموافقته هوىً في نفسه التواقة للقيادة والعمادة، على الرغم من وجود أكثر من أستاذ بالكلية مؤهلاً لتولي هذا المنصب، أكثر منه خبرةً، وأكبر منه سناً، فكان أن قام مكتب الشؤون القانونية بالجامعة بتوجيه نائب المدير بعدم صحة هذا التعيين من الناحية القانونية، فعدّل الأخير عنه ليكون تكليفاً مؤقتاً إلى حين تعيين عميد يتم التوافق عليه. هذه الحادثة تؤكد مدى استخفاف المدعو حمودة بأساتذة الكلية الأكفاء، ومدى ما يحمله من حقد عليهم، لم يستطع مواراته حتى وهو يغادر الكلية إلى غير رجعة. وحتى حادثة إحالته للتقاعد الإجباري لم تقل إثارة عن بقية حياته المهنية المليئة بالأحقاد والضغائن، حيث قام بتحرير خطاب مطول لمدير الجامعة خلاصته أن مجموعة من أساتذة الكلية يطالبون بمقابل نظير إشرافهم على بحوث الماجستير والدكتوراة، وهو طلب كان عادياً في السابق، بل كان حقاً من الحقوق، ولكن بمجيء كمال عبيد الذي قام بإلغاء كل البدلات والعلاوات التي كانت تُصرف للأساتذة والموظفين والعمال، مكتفياً بالراتب فقط، أصبحت مثل هذه المطالبة جُرماً يستوجب العقاب، فقام كمال عبيد باستدعاء جميع أساتذة الجامعة في المزرعة، وبحضور المدعو حمودة (صاحب الادّعاء) وبمواجهتهم جميعاً وسؤالهم عن صحة ما يقوله حمودة فيهم، نفى الجميع صحة هذا الكلام، مما يعني أن المدعو حمودة أصبح كذّاباً أشِر أمام المدير وأمام زملائه من أساتذة الكلية، مما دعا المدير لتوبيخه أمام الجميع، ومن ثم كانت تلك الحادثة ممهِدةً لإحالته إلى التقاعد. بينما يسعى ويلهث عمال وموظفو الجامعة للحصول على ترقية بعد تأهلهم لذلك، ولكن دون جدوى، يتم تعيين موظف كالمدعو آدم البشير (كان موظفاً بإدارة الحسابات) بهيئة التدريس بكلية الاقتصاد بمجرد مناقشته لرسالة الماجستير، ليس هذا فحسب، بل تمت ترقيته إلى درجة الأستاذ المساعد مباشرة، فقط لأنه (كوز) وما سواه ليسوا كذلك، ولذلك يجب أن يظلوا عمالاً وموظفين إلى أن يقضيَ الله أمراً كان مفعولاً، كما أن هذا المدعو آدم البشير قام بتعيين أبناءه الاثنين بالجامعة؛ الأول بإدارة الحسابات والثاني بإدارة الموارد البشرية، ودقي يا مزيكا!!! كذلك تمت ترقية كل من الموظف كمال الفاضل (رئيس إدارة الموارد البشرية) والموظف أسامة ميرغني راشد (مساعد المدير للتنسيق والمتابعة الإدارية سابقاً) الأول إلى درجة الأستاذ المشارك، والثاني إلى درجة الأستاذ المساعد، على الرغم من كونهما موظفين!!! منبرشات إفريقيا وعوض الجاز: من التداعيات التي أعقبت الجزء الأول من المقال، تصريح البروفيسور حاتم عثمان محمد خير بأنه ليس بينه وبين كمال عبيد خلافات حتى يقوم بإعفائه من وظيفته السابقة نائباً له للشؤون المالية والإدارية، وبالتقصي عن السبب الحقيقي للإعفاء، أفادنا قروب (منبرشات إفريقيا) بأن السبب الحقيقي هو اعتراضه على صرف مرتبات لعدد من منسوبي المؤتمر الوطني على الرغم من عدم مزاولتهم لأية أعمال بالجامعة؛ منهم اللص عوض الجاز (ناهب مليارات البترول) الذي كان يصرف راتباً بالعملة الصعبة من الجامعة عن وظيفته بها عميداً لكلية النفط والمعادن التي كان من المفترض أن يتسلم مقاليدها بعد إقالته بواسطة البشير قبل الثورة، ولكن تم اعتقاله بعدها، وزُجّ به في مكانه الطبيعي خلف القضبان، إلا أن الراتب لم يتوقف بالرغم من ذلك، وذلك كما عوّدنا الكيزان من استمرار صرف رواتبهم حتى بعد الموت، ناهيك عن كونهم في السجن، فهذا غاية الجهاد في نظرهم!!! إعفاءات جمركية: بما أن جامعة إفريقيا العالمية تعتبر من المنظمات الدولية، فهذا يعني تمتعها بالإعفاءات الجمركية لكل ما تقوم باستيراده من الخارج، فمن هذه النقطة استفاد كل من البروفيسور حاتم عثمان محمد خير والبروفيسور حسن علي الشايقي (أستاذ بقسم الدعوة والسيرة بكلية الدراسات الإسلامية) وقاما بشراء سيارات من الخارج، وأدخلاها للبلاد تحت مظلة المنظمة الدولية، علماً بأن جمارك السيارتين لا تقلان عن نصف سعر الواحدة منهما (برادو 2019 وكامري 2015)، ليس هذا فحسب، بل قامت الجامعة بمنحهما لوحة منظمة دولية لكل منهما، وفي ذلك ما فيه من الامتيازات والتهرب من الضرائب وغيرها مما لو كانتا سيارتين عاديتين. ومن هذا الباب أيضاً (أي باب المنظمة الدولية) كان المدعو قسم السيد إبراهيم (عميد كلية الحاسوب سابقاً) يستجلب جميع مستلزمات شركته الخاصة بصيانة أجهزة الحاسوب ومستلزماتها، متمتعاً بالإعفاء الكامل من الجمارك، والمضحك المبكي في ذات الوقت أن شركته هذه كانت متعاقدة مع الجامعة لصيانة جميع أجهزة الحاسوب والطابعات وماكينات التصوير بها (يعني من دقنو وافتلّو)، وفي هذا السياق كانت هناك حادثة مشهورة مرتبطة بشركته هذه، حيث قام باستجلاب كمية من الأجهزة والمعدات المعفاة من الجمارك، ولسوء حظه قامت شركة التخليص من المطار بشحنها له إلى الجامعة، بل إلى كليته التي كان يعمل بها آنذاك (كلية الحاسوب)، ويبدو أن أفراد الأمن الاقتصادي كانوا متتبعين لهذه العملية، فقاموا بمداهمة السيارة بمجرد وصولها للجامعة، وبسؤالهم عن صاحبها، أنكر قسم السيد تبعيتها له، وتصبب عرقاً غزيراً، ولكنه قام بتسوية الأمر مع أفراد الأمن الاقتصادي بعد ذلك، فالفساد ملة واحدة. أين ذهبت الخمسة مليون يورو؟ أمام العالم أجمع اعترف رئيس حسابات الجامعة (عبد المنعم) أثناء استجوابه في إحدى جلسات محاكمة المخلوع البشير، بأنه استلم من مكتب المخلوع مبلغ خمسة مليون يورو قام بإيداعها بعد ذلك في حساب الجامعة ببنك الشمال، وبسؤاله عن المشاريع التي تم تنفيذها بهذا المبلغ الضخم، ذكر قائلاً بأنه قد تم توظيفها فيما يسمى بالتعليم الإلكتروني الذي تتبناه الجامعة، وهو شراء أجهزة حاسوب وشاشات ذكية وأجهزة حاسوب لوحي (تاب) للأساتذة، وبالتقصي عن هذا الموضوع وصل إلينا أن جميع أجهزة الحاسوب العاملة بجميع معامل الجامعة، لا تتجاوز الخمسمائة جهاز، كما أن الشاشات الذكية وأجهزة التاب تعتبر من أردأ الأنواع؛ حيث تم استيرادها من الصين بواسطة شركة (مارج للبرمجيات) المملوكة لأحد أشقاء المخلوع البشير، وقد تلف معظمها، فإذا كانت قيمة جميع هذه الأجهزة لا تتجاوز التسعة أو العشرة مليارات جنيه، فأين ذهبت بقية المبلغ الذي تتجاوز قيمته أكثر من ذلك بكثير؟ ليس على الكوز حرج: مواصلةً للسوابق التي تؤكد تمييز الجامعة في التعامل مع منتسبيها بين منتمي وغير منتمي للمؤتمر الوطني، والتي سقنا أمثلة كثيرة منها في الجزئين الأول والثاني؛ نواصل في هذا الجزء سرد المزيد منها، حيث تم فصل كل من الموظف كمال (موظف سابق بإدارة العلاقات العامة) والموظف عبد الرحمن (الموظف بالشؤون الإدارية سابقاً)، فالأول تم فصله لقيامه بالحجز للسيد المدير في الدرجة الاقتصادية بدلاً عن درجة رجال الأعمال في الخطوط الجوية التركية عندما كان مسافراً إليها، والثاني تم فصله لتركه مفتاح السيارة التي كان يقودها (وهي داخل حرم الجامعة) بها، فأية نفسية سادية تلك التي تسيطر على هذا المدير؟!! أما (الكوز) معتز مدني (مسجل كلية الشريعة والقانون حالياً، والموظف بالعلاقات العامة سابقاً) فقد تمت ترقيته من موظف بالعلاقات العامة، لمسجل كلية على الرغم من ارتكابه حادثة شبيهة بحادثتي (كمال وعبد الرحمن) حيث قام بالحجز لممثل الرئيس التركي أردوغان الذي كان يزور الجامعة حينها، قام بالحجز له في فندق عادي (كورال) وكان من المفترض أن يحجز له في فندق ثلاث أو خمس نجوم على الأقل، فقام السيد المدير بالطلب من أسامة ميرغني (مساعد المدير للتنسيق والمتابعة الإدارية سابقاً) والذي كان الكوز معتز مدني يتبع له حينها، طلب منه عدم رؤيته في الجامعة بعد هذه الحادثة، فقام أسامة بإخفائه معه في مكتبه ومن ثم تم تعيينه مسجلاً بدلاً عن فصله كما تم مع الحالتين السابقتين. أسامة ميرغني راشد: كما وعدنا في الجزء الثاني من تناول المدعو أسامة ميرغني راشد تفصيلاً، فها نحن نفي بوعدنا ولكن حسب المعلومات المقتضبة التي وردت إلينا عنه، فالرجل من الكوادر الأمنية التي يصعب البحث والتقصي عنها، وقد قام كمال عبيد بتعيينه في الجامعة لهذه الخلفية الأمنية التي يحملها، فقام بتفصيل هذه الوظيفة تحديداً له (مساعد المدير للتنسيق والمتابعة الإدارية) ليكون لصيقاً بكل ما يدور بالجامعة، مطلعاً على كل المكاتبات المتداولة فيها من وإلى مكاتب المدير ونوابه، ثم بعد ذلك تبدّى للمدير التخلص من هذه الوظيفة وصاحبها بعد التمدد الذي بدأ يمارسه أسامة ميرغني، فقام بإلغائها محولاً إياه لإدارة المكتب التنفيذي لمدير الجامعة، وهي وظيفة أقل صلاحية من سابقتها. وسنقوم بإيراد المزيد عن الرجل في الحلقات القادمة بإذن الله. الخذلان: كما أسلفنا بأن معظم تعيينات الجامعة تعيينات حزبية ومحسوبية، يُراعى فيها الانتماء للمؤتمر الوطني في المقام الأول، دون النظر للكفاءة والمهنية، وهذا ما كشفت عنه سابقة التلاعب في درجات الطلاب بكليتين بالجامعة، حيث عجزت إدارة تقانة المعلومات عن التوصل للفاعل من خلال النظام البرمجي، فتمت الاستعانة بشركة (النيل للبرمجيات) وهي شركة أمنية معروفة، والتي بدورها لم تستطع التوصل للفاعل، وإنما حصرت الاختراق الذي تم في النظام في نطاق معين تمت محاصرته بعد ذلك، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن التعيينات الحزبية لم تخدم الجامعة في هذه الحادثة في شيء، بل كانت ولا تزال وبالاً عليها، ولكن من يقول (البغلة في الإبريق)؟!! يتبع… المقنع الكندي… الوسوم جامعة افريقيا العالمية فساد