إطلعت على خبر زيارة السيد/ الصادق المهدي للجزيرة أبا الذي نشر بصحيفة الإنتباهة العدد رقم 4826 بتاريخ 07/12/2019 ، و أثار انتباهي الجزء التالي من حديث السيد / الصادق – مع إحترامي و تقديري له – أثناء مخاطبته جماهير الجزيرة أبا مساء الجمعة 06/12/2019:- و تابع المهدي قائلاً : هذه رواية المقولات لكن الغيبيات رؤية أخرى بإنني رأيت بأن النظام سيسقط بتفجير داخله و قد كان، و هذه فراسة المؤمن الصالح لأنه يرى بنور الله و ألخص تعليقي على هذه الفقرة من حديث السيد / الصادق في النقاط التالية : – أولاً:- إن هذه المخاطبة توهم المتلقي بأن نظام الإنقاذ قد سقط برؤية السيد / الصادق و هذا استخدام للدين الإسلامي كأداة للتعبئة السياسية مثل ما كان يفعل أهل الإنقاذ ايام حرب جنوب السودان... عرس الشهيد و الحور العين.... و رائحة المسك التي تفوح من الجثامين و غير ذلك من المقولات التضليلية ... و هذا بدوره يدخل في خانة الاستغلال السياسي للدين. ثانياً:- بالرغم من أن نظام الإنقاذقد سقط في 11/04/2019 أي قبل ثمانية أشهر و خاطب السيد/ الصادق الرأي العام السوداني عشرات المرات خلال هذه الفترة الماضية إلا أنه لم يذكر هذه الرؤية إلا في لقائه الجماهيري بالجزيرة أبا ..... و تفسير ذلك – حسب تقديري الشخصي- هو أن السيد/ الصادق يخاطب جماهير الجزيرة أبا بعقلية الخمسينات و الستينات من القرن الماضي عندما كان يتم تعبئتهم دينياً و ترحيلهم إلى الخرطوم بالشاحنات يحملون السيوف و الحراب و يبحثون عن حلة الشيوعين و يتم تبشيرهم بأمتار بالجنة إذا تعرضوا لأي شيوعي ملحد. إن جماهير الجزيرة أبا لم تعد هي نفس جماهير الجزيرة أبا قبل نصف قرن..... و حتى إذا كانوا يحافظون على ولائهم لحزب الأمة إلا إنهم جزء من هذا الشعب الذي ثار ضد الاستغلال السياسي للدين الإسلامي مجسداً في سلطة الإنقاذ. ثالثاً:- إن حزب الأمة تاريخياً هو حزب سياسي وطني مدني بالرغم من أن أغلبية جماهيره كانت و مازالت من الأنصار، و قد كان هناك فصل تام بين إمامة الأنصار و رئاسة الحزب حيث أن قادة حزب الأمة كانوا من العناصر المدنية الليبرالية إلى أن جاء السيد /الصادق و دمج إمامة الأنصار مع رئاسة الحزب و خرج ببرنامج الصحوة الإسلامية و ظل يحاول إدخال حزب الأمة إلى حوش الإسلام السياسي.... بل و منافسة جماعات الإسلام السياسي في السودان في الطرح الإسلامي و كأن الإسلام السياسي للسيد / الصادق يختلف عن الإسلام السياسي للأخوان المسلمين و غيرهم من الجماعات الأخرى التي تستخدم الدين الإسلامي لأغراض تعبوية سياسية مستغلة تمسك الجماهير بدينهم و ثقتهم في كل من يستخدم لغة الدين الإسلامي. خلاصة ما أود أن أقوله هي أن جماهير حزب الأمة سواء كانت من الأنصار أو غير الأنصار هي جماهير واعية و مشبعة بحس وطني عالٍ و مصادمة لجميع الأنظمة العسكرية التي حكمت السودان و لا أعتقد إنها يمكن أن تستجيب لأشواق و تطلعات السيد/ الصادق المهدي في أن يحولها إلى جماهير إسلام سياسي تُعَبَأ بالغيبيات و بالرؤية الشخصية له كأحد الصالحين.... فهذا مسلسل تابعه أبناء الشعب السوداني بمن فيهم جماهير الجزيرة أبا طوال ثلاثين عاماً متواصلة و لن ينخدعوا به مرة أخرى.