توتر حاد يسود المشهد السياسي في السودان، بعد إعلان رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان رسميا عن تشكيل جديد باسم "شركاء الفترة الانتقالية" وُصف بأنه محاولة انقلابية على السلطة المدنية. ويعمق التوتر السياسي حدة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير، في أبريل من العام الماضي، بثورة شعبية أشعل فتيلها رفع أسعار الخبز وتدهور مستويات المعيشة. وتقود السودان حكومة انتقالية مكونة من العسكر والمدنيين، يفترض أن تنضم إليها عناصر إضافية من الحركات المسلحة وفقا لاتفاق سلام أبرم مؤخرا في جنوب السودان. ليست أداة للوصاية وقال البرهان في تصريحات صحفية إن "تشكيل مجلس الشركاء الانتقالي جاء بمبادرة من قوى الحرية والتغيير، وتمت إجازته من قبل مجلسي السيادة والوزراء وفقا للوثيقة الدستورية"، بهدف "حل الخلافات بين الشركاء" نافيا أن يكون المجلس "أداة للوصاية على أجهزة الدولة". وقوى الحرية والتغيير هي الجناح المدني الذي أشعل ثورة ديسمبر ضد نظام عمر البشير، وهي تتكون من عدة كتل وأحزاب سياسية أبرزها تجمع المهنيين. وقال الناشط السياسي هجو أحمد إن المجلس "دستوري بنص المادة 80 من اتفاق السلام"، وتلا النص لموقع الحرة: "ينشأ مجلس يسمى مجلس شركاء الفترة الانتقالية تمثل فيه أطراف الاتفاق السياسي في الوثيقة الدستورية ورئيس الوزراء وأطراف العمليه السلميه الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان يختص بحل التباينات في وجهات النظر بين الأطراف المختلفه وخدمة المصالح العليا للسودان وضمان نجاح الفترة الانتقالية ويكون لمجلس شركاء الفترة الانتقالية الحق في سن اللوائح التي تنظم أعماله". انقلاب عسكري من الداخل لكن يبدو أن كلام البرهان لم يكن مقنعا لعدد من القيادات السياسية في الشق المدني من الحكومة الانتقالية. ويرى الكاتب الصحفي أيمن تابر أن "مجلس البرهان هو محاولة لتكريس السلطة في يد العسكر والانتهازيين من المدنيين والحركات المسلحة. بالواضح هي محاولة انقلاب عسكري من الداخل". وتحدثت مصادر محلية عن خلافات حادة بين البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك على خلفية المجلس الجديد. حمدوك، بحسب مصادر محلية، شدد على أهمية أن يقتصر دور المجلس على العمل التنسيقي والتشاوري، من دون التغول على عمل السلطة التنفيذية. والمجلس برئاسة البرهان، وعضوية المكون العسكري في مجلس السيادة، وحمدوك، إلى جانب قوى الحرية والتغيير والأطراف الموقعة على اتفاق سلام جوبا. وما يزيد قلق الشارع السوداني هو أن بعض الأطراف التي وافقت على تشيكل مجلس الشركاء تشعر أيضا بالاستياء على خلفية النسب التي منحت لها، وفق مصادر محلية. التراجع أو الطوفان الناشط في قوى الحرية والتغيير محمد الأمين عبد العزيز قال لموقع الحرة، إن المجلس "فاقم التوتر في الساحة السياسية، إنه يعرض فعلا الفترة الانقالية للخطر". وهدد عبد العزيز بتحريك الشارع ما لم يتم التراجع عن القرار، وقال "ندعو جميع أعضاء مجالس السيادة والوزراء وخاصة الحرية والتغيير المختطَف، وأطراف السلام، إعادة النظر في تكوين هذا المجلس بما يخدم السودان". وأضاف محذرا "لابد من التراجع أو مواجهة الطوفان". وتحكم السودان سلطة انتقالية مدتها 39 شهرا على أن تعقبها انتخابات ديمقراطية، وذلك وفقا للوثيقة الدستورية التي وقعها العسكر والمدنيون في أغسطس من العام الماضي. وخلال هذه الفترة تحدثت مصادر عن إحباط عدة محاولات انقلابية وجهت أصابع الاتهام فيها لقيادات موالية للنظام المخلوع.