ما كنت أود الكتابة عن هذه الحكومة الخائبة ، حكومة " عطالى أميركا والغرب " و" كسالى السودان " التي " شمتت فينا العدو والصليح " وقررت أن أكتفي بالصمت المطبق الغاضب حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا .. لكن تسجيلا رأيته فجّر في داخلي براكين الغضب الصامت ولم أكمل رؤيته حتى رأيتني أقول " تنحّ يا حمدوك " ولم يطل الوقت حتى رأيت تسجيلا أخر أكثر إيلاما .. وما أكثر ما نرى من فواجع حكومتنا الغائبة. " غور يا حمدوك " أنت ومن معك في " ستين داهية " ..صرخة مدوية لا بد أن يطلقها كل سوداني اليوم بعد أن أصبح من المحال الصمت على ما يجري وصاحبنا رئيس حكومة الثورة لا يجيد سوى " التغريد " وللأسف " خارج السرب " وخارج " الدنيا " كأنه رئيس حكومة يرفل شعبها وينعم برغد العيش في " جنات النعيم " .. ما الذي يجري وما الذي يحدث ؟؟ هل حمدوك ومن معه من " عيال أمريكا " هم قدر الثورة الشعبية ؟؟ وهل ضحى الشهداء بأرواحهم كي يزداد الشعب جوعا وفقرا وألما مرضا وعنفا وموتا ؟؟ .. التسجيل الذي أثارني يتعلق بمواطنين يتزاحمون في أحد الأفران والعامل الذي لا يجد كهرباء لم يجد سوى الاستجابة لطلبات " الأمهات " والمواطنين ببيع الخبز لهم وهو عجين وفعل ذلك وهو يخرج طاولات العيش المعدة للخبز ويحسبها ويجمعها " يلخّها " " عجينا خالصا " ويمدها للزبائن .." و " الرغيفة بي عشرة جنيه " ويتزاحم الناس ..والغريب أن بعضهم يضحك " وشر البلية ما يضحك " .. مشهد لم نره في أشد بقاع العالم جوعا وفقرا وبؤسا ولم نسمع به في روايات مجاعة " سنة ستة " التي ضربت دولة عبد الله التعايشي !! ولم يطل الوقت حتى جاءني تسجيل آخر يذرف فيه فتى الدموع الصادقة على رحيل " حبوبته " بسبب وضع المستشفيات وتردي الخدمات وانعدام البنج آومن يقوم بالتخدير وما أكثر من قضوا بسبب التدهور المريع في القطاع الصحي .. أخبار الدولار تقول إنه وصل 288 جنيها ولن يستريح الفرس الجامح ليأخذ راحته قليلا إلا في محطة 300 جنيه قريبا.. أما التجار فتقدير بيعهم لمستورداتهم ومنتجاتهم لن يقل عن 350 جنيها .. وفي ذلك ما يكفي للدلالة على أداء هذه الحكومة التي اعترفت وزيرة ماليتها بالإنابة الموهومة هبة بأنها " تشحت " .. وللأسف فإن حكومتها فشلت حتى في " الشحدة " !! وقد رأيناها مؤخرا تعرض ميزانية " فالصو" ، تتلاعب فيها بالأرقام على عقول البسطاء وتنسى التضخم وانحدار العملة وغلاء الأسعار الذي حدث خلال العام الماضي لتوهم من أعطتهم مثلا العام الماضي مائة مليار جنية كميزانية أنها زادت لهم الميزانية لتصبح مائة وعشرين مليارا لكنها لا تدرك أو " تتغابى العرفة " في أن الميزانية التي زادت رقما قد انخفضت كثيرا خاصة إن كانت تتعلق بأي مشتريات بخلاف الرواتب الثابتة. فشلتم في توفير الوقود حتى بعد رفع الدعم .. فشلتم في توفير الخبز حتى بأعلى من أسعار سعره العالمي .. فشلتم في توفير الكهرباء حتى بعد زيادة سعرها لخمسة أو ستة أضعاف .. باختصار فشلتم في كل هدف وضعتموه لأنفسكم مع أننا لم نسمع لكم عن هدف أصلا .. سنتان ولم نشهد مسؤولا يقف على افتتاح مشروع أو يبشر بمشروع .. اختفى الوزراء كالخفافيش .. لماذا جئتم وأنتم لا تملكون حلا ولا رؤية .. ؟؟ لم يعد الدفاع ممكنا عن حكومة لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم ولا تحس ولا " تعي " شيئا مما يدور حولها .. الناس جوعى " وسكارى وما هم بسكارى " وحمدوك في انتظار الحركات المسلحة الحمقى والأحزاب الجربى " المتردية والنطيحة " / " المتعوس وخايب الرجا " لكي يختاروا وزراءهم على " أقل من مهلهم !! " .. ولا يهمهم من أمر الشعب شيء .. لا تهمهم الصفوف التي تنتظم البلاد من منتصف الليل في انتظار قطعة خبز أو بنزين أو غاز .. لا يهمهم الباحثون عن جرعة دواء في كل الصيدليات فلا يجدونها .. لا يهمهم من يفتك بهم فيروس كورونا ويتجول بهم ذووهم بين المستشفيات بعد أن " انقطع نفسهم " بحثا عن " نفس " من أنبوبة أكسوجين فيموتون اختناقا أمام أعينهم.. لا يهمهم الواقفون في الطرقات بالساعات ينتظرون المواصلات التي يدفعون مقابلها فقط كل ما يحصدون في يومهم .. حكومة يهيم شبابها في الطرقات فلا مدارس ولا جامعات ولا عمل ولا أمل .. وظني أن أزمة الكورونا كانت في صالح الحكومة وربما أطالت في عمرها .. لأنه لو قُدّر لها أن تكون الحياة طبيعية لما صبر عليها شباب الجامعات والمدارس يوما واحدا ولأسقطوها غير مأسوف عليها. " كان د. عمر القراي قد صرح العام الماضي أن فتح الجامعات والمدارس سيؤدي لثورة نظرا لانعدام المواصلات والخبز وتم تأجيلها في ذلك الوقت " ونقول لكم.. " كان رجال افتحوها الآن لتروا مقدار حب الشعب لكم ." حكومة بائسة .. لا تعرف الأولويات ولا تدرك مخاطر تقاعسها وتهورها .. حكومة تورد البلد موارد الهلاك فمن لم يمت بالجوع مات بغيره .. حكومة تفتح حربا كان يمكن تأجيلها .. وكان من الأجدى أن تجعل الردع محدودا وبحجم التعدي والتحدي والحكمة تقتضي تقدير القوة والظرف المناسب .. معظم بلدان العالم لها خلافات حدودية .. ومعظمها لا يعترف بالحدود التي حددتها اتفاقيات سابقة وإن كانت دولية لكنها لا تشن حرب استردادها إلا بحسابات دقيقة .. صحيح أن الإثيوبيين من المعتدين وأنه لا حق لهم في الأرض ، لكن للأنظمة أولويات وحسابات وإلا لجاءت النتائج عكس ما يتمنى المرء .. وحكومتنا غير الرشيدة ليس لها من الحكمة والتعقل نصيب .. سنفترض جدلا أنها حققت انتصارات في الحبشة فهل تتوقع أن تهدأ المنطقة ويعم السلام غدا أم ستظل بؤرة صراع مسلح بما يقتضي وجود جيش دائم واستعدادات وأسلحة بتكاليف مرهقة للدولة .. إلخ .. وحين يعود الجيش ظافرا فهل ستقومون بتوجيهه إلى كل من حلايب شمالا وأبيي جنوبا ؟؟ أفريقيا الوسطى غربا ؟؟ .. إنها سياسة التعايشي التي أسقطت الدولة المهدية حذو النعل بالنعل . حكومة تدعي أنها حققت السلام مع حركات لم تعد فاعلة على الأرض وليس مع الفصائل المسلحة التي تحتل جزءا من راضي الدولة حتى اليوم ولا تخضع لسلطانها وحتى الذين جاءوا " جبريل ومناوي " صاروا يتحدثون بلسان " الإخوان المسلمين " لا بلسان الثورة المجيدة والآن البلد تشتعل أطرافها بالحرب " الفشقة / الجنينة " نموذجا والقادم أسوأ . ويتضور أهلها في الداخل جوعا فيشترون العجين .. وغدا يأكلون الطين والحكومة " دي بي طينة ودي بي عجينة " !!.. حمدوك ليس قدر الثورة والبرهان ليس صانع الثورة والشعب الذي جاء بهم من غير حول منهما ولا قوة قادر على نزع السلطان منهما ووضع حد لهذه المأساة الملهاة .. الآن يحاول كل طرف من الأحزاب والحركات الحصول على نصيبه لكنهم لو عقلوا ما سعوا بأظلافهم لحتفهم لأن فشل الحكومة القادمة مؤكد ولا يحتاج لتكهنات والجواب من عنوانه .. الميزانية الكسيحة والحرب المستعرة والأزمات الشديدة والصراعات القبلية القاتلة وتدهور الجنيه وبقية الكيزان .. فأسرعوا بتشكيل الحكومة حتى تحترق ويستريح الشعب من الذين يبيعون " أوهام الأمل دون عمل من مزارع الكسل " فيما لا يعرف المسؤول منهم كوعه من بوعه " . في تسجيل تلفزيوني للرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي لم يستبعد أن تتجدد الثورة في كل من مصر والسودان وتونس .. وها هي نبوءته تتحقق وقد اشتعلت الثورة مجددا بالفعل في تونس بسبب تردي الوضع المعيشي وغدا في السودان .. فالثورة نتيجة لمقدمات منطقية وظروف موضوعية متى ما نضجت انفجرت ولأن الشعب السوداني قد أكمل كل مراحل الصبر لم يتبق أمامه سوى الانفجار .. وإن غدا لناظره قريب . المأساة / الملهاة: المؤتمر الصحفي الذي شاهدناه لإعلان نتيجة الشهادة السودانية كان مأسويا بائسا ومرتبكا و" تافها " وهو خير دليل على أن هذه الوزارة يجب طمرها بالتراب.. كان المؤتمر الذي يفترض أن يكون مدخلا للسرور والبهجة والفرح لمئات العائلات يعلن النتيجة بما يشبه إعلانات النعي وإذاعة أسماء الموتى .. لم نشهد الفرح الذي كان يسود في مثل هذا الموقف .. اكتفى هؤلاء البؤساء بعشرة أوائل بدل أن تفرح 107 عائلة .. اختفت أسماء الأمهات وهن اللائي يقفن وراء هذا النجاح .. اختفت عبارات الإشادة بالنابهين والنابغين .. اختفى المسؤولون فلم يبرروا لهذه النتيجة السيئة ولم يفتح الله عليهم بكلمة لتطييب خواطر من فاتهم النجاح لأسباب موضوعية. أما النتيجة نفسها فكانت هي المأساة الأكبر حيث ارتفعت نسبة الرسوب بصورة غير مسبوقة لتكاد تلامس النصف وأبكت مئات آلاف الأسر .. نتيجة لم تقدّر فيها الوزارة البائسة ظروف الطلاب المعيشية ولا ظروف الكرونا وإغلاق المدارس لفترات طويلة ولا الفيضانات ولا زحمة المواصلات ولا انعدام الخبز والغاز والكهرباء وقلة الحيلة وأكل البليلة وغير ذلك كثير .. وذلك ما تفعله كل دول العالم فهي تقدر ظروف الطلاب عند النظر للنتيجة النهائية .. كل ما تريد وزارة التعمية والتأليم هذه وهؤلاء الكذبة أن يقولوا إنها النتيجة الحقيقية وأن النظام البائد كان يزوّر النتائج .. لكنها نتيجة لا تعكس الواقع فلا يعقل أن يرسب نصف طلاب السودان لولا الأزمات المتلاحقة التي كنتم سببا فيها وسوف ترونهم غدا في الطرقات أما هائمين على وجوههم أو وقودا لثورة لا تبقي ولا تذر . . باختصار .. " ارحل يا حمدوك .. فلم يبق في " كيسك" شيء .. ولو حفنة من الأمل "!!