افترض ان ماحدث لابناء دارفور حدث لك: ذهبت في رحلة خارج قريتكم للدراسة في العاصمة ووصلتك رسالة بان الطيران الحكومي قصف القرية ولم يتبق منها شي ومصير والدتك مازال مجهولا وان هناك مجموعة من المغتصبات طريحات الفراش في مستشفى الجنية . او افترض ما يحدث للغالبية في عهد الدولة البوليسية حدث لك: ان ابنك الطالب في الجامعة كان في اتحاد الطلاب وكان ناشطا شياسيا في الجامعة اختطفته كتائب الظل او جهاز امن الدولة وبدأت رحلة البحث عن ابنك فلا عنوان ولا بلاغ حتى تعرف من هي الجهة التي اختطفته وبعد رحلة عناء طويلة عرفت انه في سجن شالا ثم ذهبت الى هناك وبعد اسبوع كامل سمحوا لك برؤيته وكان بعد اذلال لك فوجدته في حالة يرثى لها ملابس مهترئة وفي حالة اعياء واثار التعذيب ظاهرة عليه فسمحوا لك بمقابلته لساعات فقط . او تخيل من هو اسوأ حالة لم يعرف مكان ابنه المختطف حتى الان وهو كان في طريقه من المدرسة الى المنزل منذ خمسة عشرة عاما ثم ظهرت لك جهة أجنبية طلبت منك أن تحكى لها تفاصيل قضيتك وانها ستساعدك بالقصاص من قتلوا ابنك ومن عذبوك واذلوا والدك لينشروها لك في وسائل اعلام عالمية وسنعمل على محاكمتهم حتى لا يتكرر ذلك في المستقبل لبقية ابنائك او ابناء وطنك كيف سيكون تصرفك ؟ لا اعتقد شخصا عاقلا سيرفض ان يحكي لمن اراد ان يقتص له من ظلمه وسيحميه او من اراد ان يحمي غيره حتى لا يقع في الذي وقع فيه هؤلاء هم من يوافقون على وجود بعثة (يونيتامس) للمساعدة في بناء وطن عادل وفيه حماية لحقوق الانسان اما من يرفضون البعثة فهم من كانوا يدعمون منتهكي حقوق الانسان او هم أنفسهم منتهكي حقوق الانسان او من تأثروا بالتفكير الذي تروج له الانظمة الفاشية الدينية الديكتاتورية والتي اقنعتهم بأن اعتقالهم وتعذيبهم مشاكل داخلية لا يجوز لهم مناقشتها خارج الوطن !!. وفكرة النظم الفاشية ان المواطن الوطني هو الذي يتم التنكيل به في بلاده لكنه يرفض الحديث عن مأساته مع الأجانب. هذا النوع من الوطنية التي تروج له هذه الانظمة لا تعير أدنى اهتمام للحق والعدل، وهي تشوش الافكار حتى لا تفرق بين النظام والدولة وتعتبر كل من يشكي الظالم بن بلده لاجنبي يكون خائنا للوطن !!.وستزيد التعجب عندما تجد من ينعتون المظلومين بالخونة ينتفضون غضبا تنديدا بجرائم الجيش الاسرائيلي والأمريكي في حق الفلسطينيين والعراقيين او انتهاك حقوق المسلمين الايغور في الصين لكن الجرائم التى يرتكبها نظامهم في دارفور والجنوب لا تجد عندهم ادنى اهتمام .هذه النوعية هي التي تقف ضد بعثة (يونيتامس) التي ستساعد على انتقال السودان إلى الحكم الديمقراطي، ودعم حماية وتعزيز حقوق الإنسان والسلام المستدام، ودعم عمليات السلام وتنفيذ اتفاقيته، والمساعدة على بناء الحماية المدنية وسيادة القانون في جميع أنحاء البلاد، بالتركيز على دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. فضلاً عن دعم تعبئة المساعدات الاقتصادية والإنمائية،