تصريحات عقار .. هذا الضفدع من ذاك الورل    طموح خليجي لزيادة مداخيل السياحة عبر «التأشيرة الموحدة»    السعودية تتجه لجمع نحو 13 مليار دولار من بيع جديد لأسهم في أرامكو    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    عزمي عبد الرازق يكتب: قاعدة روسية على الساحل السوداني.. حقيقة أم مناورة سياسية؟    الحلو والمؤتمر السوداني: التأكيد على التزام الطرفين بمبدأ ثورة ديسمبر المجيدة    هلالاب جدة قلة قليلة..لا يقرعوا الطبل خلف فنان واحد !!    مذكرة تفاهم بين النيل الازرق والشركة السودانية للمناطق والاسواق الحرة    عقار يلتقي وفد المحليات الشرقية بولاية جنوب كردفان    سنار.. إبادة كريمات وحبوب زيادة الوزن وشباك صيد الأسماك وكميات من الصمغ العربي    (شن جاب لي جاب وشن بلم القمري مع السنبر)    شائعة وفاة كسلا انطلقت من اسمرا    اكتمال الترتيبات لبدء امتحانات الشهادة الابتدائية بنهر النيل بالسبت    كيف جمع محمد صلاح ثروته؟    اختيار سبعة لاعبين من الدوريات الخارجية لمنتخب الشباب – من هم؟    حكم بالسجن وحرمان من النشاط الكروي بحق لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    شاهد بالفيديو.. القائد الميداني لقوات الدعم السريع ياجوج وماجوج يفجر المفاجأت: (نحنا بعد دا عرفنا أي حاجة.. الجيش ما بنتهي وقوات الشعب المسلحة ستظل كما هي)    المريخ السوداني يوافق على المشاركة في الدوري الموريتاني    شاهد بالفيديو.. مستشار حميدتي يبكي ويذرف الدموع على الهواء مباشرة: (يجب أن ندعم ونساند قواتنا المسلحة والمؤتمرات دي كلها كلام فارغ ولن تجلب لنا السلام) وساخرون: (تبكي بس)    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني أبو رهف يلتقي بحسناء "دعامية" فائقة الجمال ويطلب منها الزواج والحسناء تتجاوب معه بالضحكات وتوافق على طلبه: (العرس بعد خالي حميدتي يجيب الديمقراطية)    شاهد بالفيديو.. بصوت جميل وطروب وفي استراحة محارب.. أفراد من القوات المشتركة بمدينة الفاشر يغنون رائعة الفنان الكبير أبو عركي البخيت (بوعدك يا ذاتي يا أقرب قريبة) مستخدمين آلة الربابة    مصر ترفع سعر الخبز المدعوم لأول مرة منذ 30 عاما    السلطات السعودية تحذر من نقل أو ايواء مخالفي انظمة الحج    هكذا قتلت قاسم سليماني    الكعبي يقود أولمبياكوس لقتل فيورنتينا وحصد لقب دوري المؤتمر    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني في السوق الموازي ليوم الأربعاء    خبير سوداني يحاضر في وكالة الأنباء الليبية عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    الموساد هدد المدعية السابقة للجنائية الدولية لتتخلى عن التحقيق في جرائم حرب    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    دراسة "مرعبة".. طفل من كل 8 في العالم ضحية "مواد إباحية"    السعودية: وفاة الأمير سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    والي ولاية البحر الأحمر يشهد حملة النظافة الكبرى لسوق مدينة بورتسودان بمشاركة القوات المشتركة    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يترأس اجتماع هيئة قيادة شرطة الولاية    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    بيومي فؤاد يخسر الرهان    نجل نتانياهو ينشر فيديو تهديد بانقلاب عسكري    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    بالنسبة ل (الفتى المدهش) جعفر فالأمر يختلف لانه ما زال يتلمس خطواته في درب العمالة    شركة الكهرباء تهدد مركز أمراض وغسيل الكلى في بورتسودان بقطع التيار الكهربائي بسبب تراكم الديون    من هو الأعمى؟!    اليوم العالمي للشاي.. فوائد صحية وتراث ثقافي    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب جنوب طوكر.. ذاكرة المعتقلات والتعذيب
نشر في الراكوبة يوم 16 - 04 - 2021

بالرغم من مرور حوالي ال(24) عامًا على حرب منطقة جنوب طوكر في أقصى شرقي السودان؛ ما تزال المنطقة محكومة بقانون الطوارئ، وما يزال مواطنوها يواجهون صعوبة في التحرك إلا بإذن من السلطات العسكرية أو تصريح رسمي صادر من طرف الجهات الأمنية، وينطبق هذا أيضًا على الزائرين لها من مدينة بورتسودان. يشمل هذا الوضع كل المواطنين العائدين لمناطقهم وكذلك القافلات الصحية والاجتماعية التي تزور المنطقة بين الحين والآخر لتقديم المساعدات الصحية والاجتماعية، خاصة أن المنطقة بحاجة دائمة للدعم بسبب تقاصر السلطات في تقديم الخدمات، بالإضافة لوقوفها عائقًا في وجه الجهات التي تحاول تقديم المساعدات.
يعاني سكان المنطقة من صعوبة الحصول على المواد الغذائية الأساسية بسبب قانون الطوارئ المفروض حتى يومنا هذا، وخدمات أخرى كالكهرباء والماء الصالح للشرب؛ وأيضًا توفر الأدوية العلاجية، فعلى طول المسافة ما بين طوكر وقرورة لا يوجد مستشفى تتوفر فيه الخدمات العلاجية في حدها الأدنى، ويشمل هذا الأمر -بجانب المواطنين المدنيين والعسكر- مبعوثي وممثلي سلطة الدولة، فهم أيضًا متروكين في العراء كحال غيرهم ممن خطت أقدامهم منطقة ما قبل الموت.
كانت منطقة جنوب طوكر ككل مناطق السودان التي تتعافى رويدًا رويدًا من تريُّفها الاضطراري، وتسمو بنفسها نحو مدينة ذات مؤهلات مدنية كاملة، ولكن جاءت حرب جنوب طوكر وقطعت سلسلة هذا الحلم، الحرب التي لم تكن بين معارضين مسلحين وسلطة دكتاتورية قابضة على أنفاس المواطنين، بل كانت حرب بين قوتين تمتلكان السلاح، وصراع متسارع في أيهم أسبق في تحويل هذه المنطقة إلى رماد!
يقول المواطن (إ. ب) وهو أحد ساكني قرورة في سرده لتلك الأحداث: "قبل أن تبدأ معركة قرورة سبقتها سنوات من المعاناة في زرع الألغام، وكانت تُحصد كل فترة مجموع من أرواح المواطنين، بسبب زراعة هذه الألغام في الطريق الرئيس الذي يمثل شريان المنطقة والرابط بحاضرة الولاية".
ويضيف أنه كان حاضرًا يوم الهجوم على قرورة في 26 آذار/مارس 1997، وقبلها بأيام أحد أعضاء الحركة الشعبية "مجموعة جون قرنق" سلّم نفسه للاستخبارات العسكرية السودانية، وفيما قدم من اعتراف أثناء التحقيق أن قوى المعارضة السودانية ستهجم على المدينة قريبًا؛ أي مدينة قرورة. وتصادف هذا الأمر مع سحب القوات العسكرية السودانية لحاجتها في الكرمك وقيزان والميل (40)، ولم يتبقَ في قرورة إلا ما يقارب (130) إلى (140) جندي موزعين على خيام طرفيّة للمدينة ومسؤول استخباراتي غادر قرورة بالعربة الوحيدة التي تحمل راجمات وقاذفات عسكرية.
اجتاحت المعارضة السودانية جميع مناطق جنوب طوكر وسيطرت عليها حتى تخوم مدينة طوكر، ونصبت قواها العسكرية القوية بمساندة من جيش الدفاع الإريتري في جبل "تقدرا"، وقررت أن المنطقة ما بين جبل تقدرا وطوكر هي منطقة دفاع متقدمة، بينما قررت الحكومة السودانية أن كامل جنوب طوكر منطقة دفاع متقدمة، وهو ما يعني أن سلطات الخرطوم رأت أن ما بعد طوكر هي أرض حرب وكأنها تدور خارج سلطتها؛ وهذا ما يفسر الإهمال الحالي.
معتقلات التعذيب
في الوقت الذي كان يجب فيه على السلطات أن تحمي مواطنيها في جنوب طوكر؛ قامت بحملات اعتقال وسط المواطنين في مدينة بورتسودان وعموم جنوب طوكر على أساس الهوية المجتمعية، بتهمة التجسس ودعم المعارضة المسلحة أو القوات الإريترية والتي كانت جزءًا أساسيًا من الحرب، فاعتقلت الاستخبارات العسكرية مواطن ومعلم مدرسي، كان قد أوصل صوت احتجاجه لقائد مجموعة عسكرية استباحت منطقة متاخمة للسكن الداخلي للمعلمات، وتحرشت بهن حسب شهاداتهن وشهادات الأهالي.
انتهى الحال بالمعلم معتقلًا وتم تبليغ أهله بواسطة وزير الدفاع السوداني وقتها جمال الدين عمر محمد إبراهيم ، أنه مات نتيجة الحمى وقد تم دفنه. وقد كان جمال يومها مسؤول الاستخبارات في البحر الأحمر، وما تزال العائلة لليوم تسأل كيف تم اعتقال ابنها وكيف مات وأين تم دفنه، وتواجه مشكلة في حق التقاضي إذ أن الطرف الآخر هو السلطة العسكرية التي ما تزال تسيطر على الحكم في السودان.
تحكي المواطنة آمنة نوراي "وهو اسم مستعار بغرض الحماية"، عن المراقبة التي خضع لها بيتهم لأيام قبل مداهمته واقتياد أختها بمنظر وحشي وهي ملفوفة بالملاءة وعيناها مغطيتان بشريط أسود، ولم يكتفوا بذلك بل أرادوا سرقة ذهب الأم ولكنهم نجحوا في استعادته، وقد تعرضت الأم للدفع بقوة حتى سقطت لحظة محاولتها منعهم من اعتقال الابنة.
وتواصل آمنة على لسان أختها، أنها بعد لحظات اعتقالها واجبارها على ركوب سيارة جهاز الأمن كانت قد انتبهت إلى أن العدد في تزايد مستمر، وفي كل مرة تتوقف فيها السيارة يحملون شخصًا أو أشخاصًا جدد، ووحشية طريقة الاعتقال المبنية على أساس التمييز العنصري الذي ما يزال قائمًا.
وتضيف المعتقلة على لسان أختها: حينما تم إدخالها للمعتقل وجدت نساءً كثيرات وأغلبهن كبيرات في السن ويبدو عليهن الهلع.. طلبت امرأة كبيرة في السن أن تشرب ماء. فقال لها العسكري: "أشربي من بولك"
بعد مرور أربعة وعشرين عامًا لاتزال المنطقة مزروعة بالألغام، ولا يزال دم الضحايا مطلوقًا في الفضاء لا غريم عنه ولا مسؤول منه. وفوق كل ذلك ما زالت منطقة جنوب طوكر قفر وبقرار ساري من طرف الذين أحبّوا ورغبوا في ذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.