أجاز الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء والمجلس التشريعي المؤقت مؤخراً مشروع قانون التعديلات المتنوعة التي ترتكز على اعتماد نظام مالي مزدوج يعمل على تكوين نافذتين في البنوك الأولى نافذة للنظام الإسلامي والأخرى للنظام التقليدي، مبيناً أن ذلك يجعل البلاد أكثر مواءمة مع النظام المصرفي العالمي في إطار التحولات الاقتصادية الكبرى التي تنتظم البلاد. لم يكن تعامل البنوك السودانية بالنظام المزدوج جديداً، فبعد توقيع اتفاقية السلام الشامل في 2005 تم وضع سياسات بنك السودان المركزي في إطار السياسات الاقتصادية الكلية؛ ونصت الاتفاقية على تطبيق النظام المصرفي المزدوج (إسلامي في الشمال وتقليدي في الجنوب)، وإصدار سياسة نقدية واحدة من بنك السودان المركزي تكون ملزمة لكل المؤسسات المصرفية والمالية، كذلك استقلالية البنك المركزي في تنفيذ سياسته النقدية. وتباينت آراء خبراء اقتصاد في التعامل بالنظام المصرفي المزدوج بين مؤيد ومعارض وأصدرت هيئة علماء السودان بياناً استنكرت قيام نظام ربوي في السودان. واتفق بعض خبراء الاقتصاد على أنه ضرورة لمرحلة الاندماج مع النظام العالمي بعد رفع السودان من قائمة الإرهاب للتواصل بين البنوك السودانية والعالمية مع المحافظة على التجربة الإسلامية وتطويرها، على أن يتم العمل بنظامين: إسلامي وتقليدي، ويتم تخيير المصرف الراغب في العمل بالنظام الإسلامي بأن يستمر في هذا الاتجاه أو لا. أما المعارضون فيرون التعامل بالنظام المزدوج تعاملاً ربوياً لتعميق مفهوم الدولة العلمانية. إجازة الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء والمجلس التشريعي المؤقت مؤخراً اعتمدت نظاماً مالياً مزدوجاً يعمل على تكوين نافذتين في البنوك: الأولى نافذة للنظام الإسلامي والأخرى للنظام التقليدي، لتحسم الجدل الذي استمر لأشهر طويلة. وقال خبير مصرفي، ل (مداميك)، إن القرار سيجد كثيراً من التحديات خاصة من رجال الدين في اعتماد النظام التقليدي، ولكن كل الدول الإسلامية تعتمد النظامين لترك الخيار للعميل حسب معتقداته، واقترح الخبير قيام ندوات لتوصيل أسباب اتخاذ هذا القرار. وزاد أن هناك سبباً آخر يتطلب اعتماد النظام التقليدي، وهو وجود فئات في المجتمع السوداني غير مسلمة، ولديها أعمال وتجارة وشركات، وليس من الحكمة إجبارها على التعامل مع البنوك الإسلامية خاصة في ظل الثوره وشعاراتها التي تبدأ بالحرية. ويرى وزير الاستثمار والتعاون الدولي دكتور الهادي محمد إبراهيم، أن اعتماد النظام المالي المزدوج والتعامل به يجعل التحويلات المالية طبيعية بين السودان وبين الدول الأخرى، وستبدأ بنوك مثل سيتي بانك وبنك الاعتماد التجاري وبعض البنوك التي غادرت السودان، مزاولة نشاطها المصرفي بقوة في السودان عبر المراسلين المحليين والخارجيين. ودافع وزير الاستثمار بقوة عن النظام المزدوج السائد في العالم الذي يطبق في عدد كبير من الدول العربية وهي مصر، السعودية، الكويت، الإمارات، وقطر، مضيفاً أن النظام المالي المزدوج هو شكل من أشكال التعامل الموجودة في كل أنحاء العالم، وقال: "نحن ملتزمون به". وزاد: "إنه نظام يمكن من تحقيق التوازن فى موضوع استقرار سعر الصرف الذي يأتي من التدفقات الكبيرة التي تأتي عبر البنوك الخارجية إلى بنك السودان لإقامة المشروعات"، مشيراً إلى أهمية اتخاذ قرارات واضحة جداً في قانون النظام المالي والنظام البنكي والتسهيلات الائتمانية المعروفة في التداول والتعامل في موضوع الاعتمادات والتحويلات وموضوع المنتجات التي تتعلق بالبنوك visa card وgreen card والذي يمكن أن يتم بإضافة نافذة جديدة. وأوضح في تصريحات لوكالة السودان للأنباء أن السودان فقد كثيراً من التعاملات الخارجية خلال التسعينيات وأواخر القرن الماضي وبداية هذا القرن. وأضاف أن المواطن السوداني له الخيار في التعامل عن طريق النظام التقليدي أو النظام المعروف بالصيغ الإسلامية المطروحة، مستنكراً أن يكون النظام الجديد مربوطاً بالربا أو بغيره. وأكد محافظ بنك السودان المركزي، محمد الفاتح زين العابدين، في حديث سابق، أن السلطات اتخذت قراراً باتباع نظام مصرفي مزدوج يشمل البنوك الإسلامية وغير الإسلامية، لافتاً إلى أن هذه الخطوة تهدف لجذب البنوك العالمية وشركات الصرافة. الخبير الاقتصادي دكتور محمد الناير يرى في حديثه ل (مداميك) اعتماد النظام التقليدي بحيث لا يحدث تداخل بين النظامين الإسلامي والتقليدي، علماً بأن كثيراً من البنوك الغربية فتحت نوافذ إسلامية لتلبية احتياجات من يحتاجون تمويل بالنظام الإسلامي، فالذين يحتاجون إلى تمويل إسلامي وجدوا أنظمة عالجت قضاياهم بالخارج ببريطانيا لأن هناك كثيرين يحتاجون إلى نظام تمويل إسلامي. ويضيف أن التطبيق بالنظامين الإسلامي والتقليدي بالسودان سيكون فيه صعوبة جداً، فهذا الأمر كان معمول به حينما كان السودان دولة واحدة مع جنوب السودان، وكان هناك مساعدان لمحافظ البنك المركزي: واحد للنظام الإسلامي والآخر للنظام التقليدي، وهذا الأمر يحتاج – بحسب الناير – إلى ترتيبات كبيرة جداً على أن يتم تخيير المصارف بأي نظامين يرغب العمل. مداميك