أخجلتنا غزة .. أطفالها و نساؤها .. شهداؤها.. لا يستطيع منصف أن يميز بين الرصاصات التي انطلقت الأسبوع الماضي ، مساء التاسع و العشرين من رمضان ، مستهدفة أسر شهداء مجزرة القيادة العامة ، الذين جاءوا لإحياء ذكرى شهدائهم المغدورين بأيدي الجبناء قبل عامين ، بتنظيم إفطارٍ رمضاني في ساحة الاعتصام التي شهدت غدر السفلة الجبناء ، لا يستطيع منصف أن يميز بين رصاصات الجبناء تلك ، و بين قنابل الصهاينة على منازل الآمنين النائمين بغزة .. كلاهما والله يخرج من فوهة واحدة ، بيد أن صهاينة الخرطوم أسوأ من صهاينة إسرائيل.. صهاينة إسرائيل يقتلون "شعباً آخر" ، بينما يقتل صهاينة الخرطوم "مواطنيهم".. صهاينة الخرطوم ، الذين امتطاهم صهاينة العرب إلى "جنّة المسيح الدجال" أو جنّة التطبيع ، أرادوا بالهرجلة و "الدغمسة" و خلط الأوراق أن يقنعونا بأن سفلة الكيزان و أبطال حماس شيء واحد!! لا والله .. لئن رفض الكيزان التطبيع فبأفواههم لا غير ، فلقد سعوا وراءه طويلاً ، و تم مرادهم أخيراً على أيدي بقاياهم ، على أيدي من تربَّوا في مستنقع البشير .. و من لم يفقد الذاكرة سيذكر جيداً أن حكومة البشير كانت قاب قوسين أو أدنى من التطبيع ، الذي تهيَّأ له غندورهم ، و شايعه (ممحوقهم)، ذلك المستوزرٌ الدنيءٌ من مستوزري البشير ، بعد أن تلقى إهانةً يستحقها من فلسطيني لقيه صدفةً، فكان انتقامه أن شتم الفلسطينيين كلهم ، و دعا إلى التطبيع نكايةً في من أهانه!!.. صهاينة تل أبيب هم الذين يقفون وراء صهاينة الهبوط الناعم بالخرطوم ، هُم الذين يقنعونهم بأن دماء شهدائنا لا تستحق القصاص ، و أن من يطالب بالقصاص لشهداء مجزرة القيادة يستحق القتل !!.. و ها هم ينفذون نصائح نتنياهو بحذافيرها.. و ها هي رصاصات الغدر تنطلق مرة أخرى .. و من سمع خطاب أحد الشهداء في إفطار القيادة سيعلم من الذي قتلهم ، و لماذا قتلهم!!.. صهاينة الخرطوم ، و أسيادهم صهاينة العرب ، يعرفون أن سقوط إسرائيل هو سقوطهم ، فقد علَّقُوا مصائرهم بمصير دويلة إسرائيل التي حان أوان قطافها ، و إن ظنُّوا غير ذلك.. أقدارُ الله ماضيةٌ ، و قولُه الحق ، لكأنما حان "وعدُ الآخرة" ، فلقد رأينا عباداً لله "أولي بأسٍ شديد" يذيقون الصهاينة الحنظل ، و لا يهابون الموت ، يمضي منهم الشهداء فلا يطرف للأحياء منهم جفن ، و لا يهتزُّ لهم يقين بأن الوعد قد شارف. و قريباً .. قريباً جداً بحول الله ، سيجوسون خلال الديار ، و يتبِّرُوا ما علَوا تتبيرا.. لكأنما أراد الله لصهاينة العرب و صهاينة الخرطوم أن يشهدوا بأعينهم زوال دولة أسيادهم في "إسرائيل" .. تمايزت الصفوف ، و ها هو الخبيث يرتكم بعضه فوق بعض. اللهم إن شرفاء هذا البلد يبرؤون إليك من عار التطبيع مع الصهاينة، كما برِءوا من الكيزان و ربائبهم.