كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    تنويه هام من السفارة السودانية في القاهرة اليوم للمقيمين بمصر    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    نتنياهو يتهم مصر باحتجاز سكان غزة "رهائن" برفضها التعاون    شاهد بالصورة والفيديو.. في مقطع مؤثر.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تبكي بحرقة وتذرف الدموع حزناً على وفاة صديقها جوان الخطيب    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يلتقي اللجنة العليا للإستنفار والمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم    شاهد بالصورة والفيديو.. في أول ظهور لها.. مطربة سودانية صاعدة تغني في أحد "الكافيهات" بالقاهرة وتصرخ أثناء وصلتها الغنائية (وب علي) وساخرون: (أربطوا الحزام قونة جديدة فاكة العرش)    قطر تستضيف بطولة كأس العرب للدورات الثلاثة القادمة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني في أوروبا يهدي فتاة حسناء فائقة الجمال "وردة" كتب عليها عبارات غزل رومانسية والحسناء تتجاوب معه بلقطة "سيلفي" وساخرون: (الجنقو مسامير الأرض)    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    سعر الدولار في السودان اليوم الأربعاء 14 مايو 2024 .. السوق الموازي    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    أموال المريخ متى يفك الحظر عنها؟؟    قطر والقروش مطر.. في ناس أكلو كترت عدس ما أكلو في حياتهم كلها في السودان    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    هل يرد رونالدو صفعة الديربي لميتروفيتش؟    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شخصيات في الخاطر (1-2) إدوارد سعيد (1935-2003)+
نشر في الراكوبة يوم 17 - 07 - 2021

يقدم "الملتقى العربي للفكر والحوار في برلين"، محاضرات دورية حول الفكر والثقافة والأدب والسياسة، وكذلك سلسلة من الندوات بعنوان " شخصية الملتقى". بدأت السلسلة، عندما قمتُ بتقديم "شخصية هاينر بيلافيلد أستاذ الفلسفة في جامعة إرلنجن نورنبرج (المانيا). وتدور الندوة الحالية حول المفكر والكاتب الموسوعي الفذ، الأمريكي والعربي الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، وقمتُ بتقديمه أيضاً.
لقد تم تقديم صورة مكثفة عن أعماله الفكرية والنقدية في مجال النقد الأدبي والنقد الثقافي المقارن، ومواقفه من قضايا الحرية وحقوق الاِنسان، وحقوق الشعب الفلسطيني. والتركيز على كتابي "الاستشراق" و " الثقافة والاِمبريالية"، اللذين أثارا جدلاً واسعاً في العالم كله، وردود ومناقشات ودراسات نقدية.
كما تم عرض أراء ناقدي سعيد من العَالمين، الغربي والعربي.
للتذكير فقط:
أشير إلى أن الاستشراق لغة، مأخوذ من كلمة شرق، مكان شروق الشمس، يقول أبن منظور "شرقت الشمس تشرق شروقاً وشرقاً : طلعت، واسم الموضع: المشرق".
والاستشراق هو في الأصل التخصص في الدراسات المتعلقة بالشرق من قبل الغرب، وهو علم يدرس لغات شعوب الشرق وتراثهم وحضارتهم ومجتمعاتهم وماضيهم وحاضرهم. والغربيون الذين يقومون بذلك هم المستشرقون.
يرصد سعيد في كتاب "الاستشراق" شتى مراحل العلاقة بين الشرق والغرب منذ غزو نابليون لمصر، ويتناول الفترة الاستعمارية الرئيسية ونشأة دراسات المستشرقين الحديثة في أوروبا حتى انتهاء الهيمنة الاِمبريالية، البريطانية والفرنسية على الشرق بعد الحرب العالمية الثانية وظهور السيطرة الأمريكية. ويتم ذلك عبر عرض كتابات المستشرقين (بلفور، كرومر، كيسنجر، رينان، جليدن …، ففي كتاباتهم يظهر الشرقيون والعرب على أنهم سُذج، مغفلون، وكسالى وعريقون في الكذب والدسيسة والدهاء، وعلى النقيض تماماً من العرق الأنجلو ساكسوني في ذكاءه وجديته ووضوحه ومباشرته ونبله.
و الكتاب يعمل على تقويض القناعات الأساسية التي يتبناها الغرب فيما يتعلق بالشرق العربي وتفكيك وفضح الخطاب الاستشراقي الذي قد اُستخدم أداة للسيطرة، وفي الوقت ذاته تم توظيفه لتثبيت دعائم الهوية الثقافية الأوروبية، وذلك بوضعها في سياق مقارنة مع ثقافة العالم العربي. كما بينَ أن تصوير الافتراضات الاِمبريالية على أنها حقائق كونية راسخة ليس سوى كذبة أنجبتها ملاحظات ذرائعية وظفت في خدمة السيادة الغربية. كما يشير إلى أراء كارل ماركس حول السياسة البريطانية الاستعمارية في الهند، وعند قضية التمثيل، ينقل سعيد قول ماركس "إنهم عاجزون عن تمثيل أنفسهم، ينبغي أن يُمثلوا".
أما في كتاب "الثقافة والاِمبريالية"، يقوم سعيد بتوسيع دائرة الاطروحات التي تم تناولها في كتاب الاستشراق. ليصف نسقاً أكثر شمولاً للعلاقات بين الغرب والأقاليم التابعة له خارج دائرته الجغرافية، ولا ينحصر في أوروبا والشرق الأوسط فقط. وتقديم أجوبة عن أسئلة أثارها الاستشراق، و أكثر تحديداً.
فيما يخص مقولات منهجية متعددة، وإبراز أولية الجغرافيا والتحليل الدقيق للاستراتيجيات الاِمبريالية وكذلك إبراز المقاومة والمعارضة ضد الإمبريالية، ويقول سعيد: "ن الأعمال الجمالية، يمكن أن تكون أعمالاً عظيمة من إبداع وخيال، وتضم في نفس الوقت وجهات نظر سياسية ظاهرة البشاعة والقبح ضد الشعوب غير الأوروبية".
يستخدم سعيد في هذا الكتاب منهج القراءة الطباقية، والطباق يعني: "الجمع بين الشيء وضده في الكلام"، بمعنى قراءة السيطرة الاِمبريالية بنُظمها وأنساقها، مع قراءة موازية للمقاومة الوطنية المعارضة لهذه السيطرة وانعكاس نظم السيطرة والمقاومة في الثقافة.
كما تعرض بالتحليل لجوانب من الأدب الغربي الذى ساهم في مقاومة النهج الاستعماري. يقول سعيد "لقد ركزت اهتمامي على الأعمال الأدبية الكبيرة، فالكتاب يقدم تحليلا للأدب الغربي، الذي بدوره تشرب بثقافة استعمارية، فتجاهل التابع ولم يناقش الهيمنة الاستعمارية وأن شكلت الاِطار الذي يجري فيه أحداث الروايات". ويقوم بعرض بعض الأعمال الأدبية الكبيرة المعتمدة، مثل روايات جين أوستن، ورواية كيم لرُديارد كبلنج، والبير كامو، وأوبرا عايدة لفيردي، ويكشف عن ملابساتها الاِمبريالية. ويقابل بها روايات المقاومة الثقافية للقوة الاِمبريالية، المتمثلة مثلاً في كتاب (المعذبون في الأرض) لفرانز فانون، وكتاب فيليب كيرتن (صورة أفريقيا)، ورواية (النهر المابين) للكاتب الكيني نغوغي واثيونغو، ورواية موسم الهجرة إلى الشمال للروائي السوداني الطيب صالح. ويقارن ويقابل سعيد الروائيتين بشكل مدهش وأخاذ مع رواية قلب الظلام لكاتبه المفضل الانجليزي -البولوني جوزيف كونراك..، و كذلك مقارنة مجلد "وصف مصر"، المسرد لحملة نابليون على مصر مع كتاب عجائب الآثار لعبد الرحمن الجبرتي. كما تعرض الكتاب بالتحليل لجوانب من الأدب الغربي الذى ساهم في مقاومة النهج الاستعماري بقراءته للشاعر وليم بتلر ييتس كشاعر انجليزي قومي عظيم ، ويقارن سعيد بين ييتس وإيمي سيزار وبابلو ا نيرودا، من زاوية فكفكة الاستعمار ثقافياً وأدبياُ وشعرياً. يقول سعيد "لقد ركزت اهتمامي على الأعمال الأدبية الكبيرة والمعتمدة التي أنتجها الغرب، وهي الأعمال التي قرأتها لا بوصفها روائع توجب على المرء أن ينظر أليها بعين الاِجلال والتقدير، وإنما بوصفها اعمالاً لابد من تمثلها في كثافتها التاريخية".
ونقطة أساسية في الكتاب هي: "الرفض المطلق للفصل بين البيض وغير البيض، بوصف هذا الفصل أسطورة من الأساطير الآثمة للإمبريالية ذاتها، فعالمنا هو عالم المشاركة والثقافات المتلاقحة لتي تمتلك الثراء الفتان ما يمتلكه التاريخ الاِنساني عينه".
"ولذلك يحمل كُتّاب العالم الثالث في مرحلة ما بعد الاِمبريالية ماضيهم في أعماقهم ندوبا لجراح مُذِلة، وتحريضٍ على خلق ممارسات مختلفة، وروئا للماضي تملك الطاقة على التنقيح وتنزع نحو مستقبل ما بعد الاستعمار. فالأصلاني، صاحب الأرض، الذي كان صامتا في السابق، يمارس حركة مقاومة شاملة ضد المستعِمر المستوطن".
موقف سعيد من فلسطين والقضية الفلسطينية، لا يحتاج إلى عرض هنا، فهو تاريخ حديث ومعروف، فقط هنا أقدم بعض الاشارات: استقال من عضوية المجلس الوطني الفلسطيني بعد 14 عاما من المشاركة، وعارض اتفاقية أوسلو 1993. ويقول عن الاتفاقيات التي تمت بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، "إن هذه الاتفاقيات بالنسبة لي ولكل فلسطيني أعرفه، تدل على الهزيمة، لا عسكرياً وإقليمياً فحسب، بل أخلاقياً."، وهاجم ياسر عرفات، وكان يُوصف في إذاعة عرفات، أثر زيارته لفلسطين عام 1996″ بالمستشرق سعيد". وقد أزيلت كتبه من المكتبات في غزة والضفة الغربية. ويقول نبيل شعث، "على سعيد أن يقصر اهتمامه على النقد الأدبي، فعرفات في نهاية الأمر لا يناقش أمور تتعلق بشكسبير"، أليس يذكرنا هذا ما قاله النقاد الغربيون الذين هاجموا كتاب الاستشراق. وعن حماس، يقول سعيد: "أن فكرهم حول وجود حكومة إسلامية لا تقنع أحداً يعيش في هذه المنطقة. بالنسبة لحماس والجهاد الاسلامي، يمثل الاِسلام بالنسبة لهما وسيله للاحتجاج على حالة الجمود الحالي. مطالب إسرائيل المتكررة للسلطة الفلسطينية بتضيق الخناق على حماس والجهاد الاِسلامي، رغبة من إسرائيل في إشعال ما يشبه الحرب الأهلية بين الفلسطينيين."
"ويقول ليس من قبيل المصادفة أنني في الاستشراق قد أثبتُ ما بين النزعة الاستشرافية والعداء الحديث للسامية من جذور مشتركة، أي إن الاستشراق هو الفرع الاسلاِمي للعداء للسامية". ويضيف" ويواصل سعيد قوله: "لقد قضيت وقتاً طويلاً أنتقد إسرائيل والإسرائيليين إلا أنه علينا أن نعترف أن الكثير تقع مسئوليته على الفلسطينيين. والمستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، يقوم الفلسطينيون ببنائها وكبير مقاولي المستوطنات فلسطيني، كما أن الصراع على فلسطين لا يمكن حله فعلاً بواسطة ترتيب جغرافية تقنية، تسمح للفلسطينيين بالحق أن يعيشوا في حوالي 20 في المئة من أرضهم المطوقة من قِبل إسرائيل والمعتمِدة كلياً عليها. ومن جهة أخرى، ليس مقبولاً أخلاقيا مطالبة الإسرائيليين بأن ينسحبوا من كامل فلسطين السابقة، وهي الآن إسرائيل، فيصيروا لاجئين مجدداً، مثلما هم الفلسطينيون الآن، وليس من الحق ولا من العدل أبداً حرمانُ شعب بأكمله من أرضه وتراثه، كما أن اليهود يحملون مأساة عظيمة أيضاً، لذلك أننا لسنا إزاء قضية سهلة من قضايا "حق في مواجهة حق"، ولا يُمكن للسلام أن يوجد من دون مساواة؛ تلك قيمة فكرية بحاجة ماسة إلى أن نكررها ونشرحها ونعززها".
أما كتاب: "جوزيف كونراد ورواية السيرة الذاتية"، وهي رسالة سعيد للدكتوراه في عام 1966، و كتاب "بدايات: القصد والمنهج"، وكتاب: "العالم والنص والناقد"، فهذه الكتب الثلاثة، هي أبحاث أكاديمية، تتعلق بالفكر والأدب والنقد والثقافة، فتقديمها، ولو بصورة مختصرة يحتاج لمساحة أكبر، لا تتيحها ندوة اليوم. وبهذه الكتب وطد سعيد أقدامه كواحد من أهم الباحثين في العالم في مجال النقد الأدبي والنقد الثقافي المقارن.
كتاب "تأملات حول المنفى ومقالات أخرى"، يضم دراسات عميقة، بعضها عن الأدب الأمريكي، وبعضها عن التاريخ والجغرافيا، وعن الأدب العربي وفترة نجيب محفوظ وما بعد محفوظ وعارضا وناقدا للعديد من أعمال بعض الكتاب العرب، مثل غسان كنفاني، الياس خوري، أهداف سويف، محمود درويش، أدونيس، إميل حبيبي، حليم بركات وغيرهم، بهدف جعل الأدب العربي المعاصر معروفاً في الغرب، ومحاربة الصور النمطية السلبية للغة العربية، التي يتم ربطها بالإرهاب والأصولية والعرب والاِسلام. غالبية هذه الكتب أطلع عليها في الترجمة الانجليزية. وكتب مقالا رائعا عن الراقصة المصرية تحية كاريوكا، ويقول، "فهي ليست راقصة رخيصة وانما فنانة بحق، وتنتمي إلى النساء التقدميات ويضعها في المرتبة الثانية بعد أم كلثوم". ويشير سعيد إلى أهمية الدور الذي يلعبه الكتاب والباحثين العرب الذين يكتبون باللغة الأجنبية لشرح الثقافة والأدب والفكر العربي للعالم الغربي، ويذكر منهم محمد أركون وعبد الله العروي، وأشير هنا في المانيا إلى السوري بسام طيبي.
أما في كتاب "تغطية الاِسلام: وكيف تتحكم أجهزة الاِعلام ويتحكم الخبراء في رؤيتنا لسائر بلدان العالم" فقد صدر في طبعتين، يتعرض فيه إلى تصوير الاِسلام في الأخبار، والاِسلام والغرب ومشاركة إسرائيل في الحملة على الاِسلام، بمساعدة المجلات والكتب والصحافة الامريكية، وإن إسرائيل من ضحايا العنف الاِسلامي. ويقول في مقدمة الطبعة الثانية: إن التقسيم المبسط (الساذج) القديم للعالم في عيون الولايات المتحدة إلى معسكرين: معسكر يناهض الشيوعية ومعسكر يناهضها، قد تحول إلى تقسيم من نوع آخر: معسكر يناصر الاِرهاب ومعسكر يناهضه.
أما في كتاب تمثيلات المثقف (أو صور المثقف) : أشير إلى الفقرة: "على المثقف أن يكون مهتماً ومفكراً بالمجتمع، عليه أن يكون مؤهلاً، لطرح الأسئلة الأخلاقية، حتى من صميم النشاط الأكثر مهنية وتقنية، فوظيفه المثقف مُسألةُ السلطة، لا تقويضها، فمعايير السلطة غير معايير المثقف. ثم قول الحق للسلطة، هو البديل الصحيح، فالتبعية الكاملة للسلطة في عالم اليوم، أحد الأخطار على الحياة الفكرية، على المثقف أن يتذكر أنه قادر على الاختيار، بين الاِيجابي وهو تقديم الحقيقة على أفضل وجه مُستطاع، وبين السلبي: أي أن يكون مُوجهاً من قبل السلطة".
ثم الفقرة التالية: " إني كمثقف، أعرض هواجسي أمام جمهور أو جماعة معينة، لكن الأمر لا يقتصر على كيفية إفصاحي عنها، وإنما يتعدى ذلك إلى ما أمثله أنا أيضاً، من حيث كوني شخصاً يحاول ترقية قضية الحرية والعدالة. فأنا أقول هذه الأمور أو أكتبها لأنها تمثل، بعد كثير من التفكير، ما أعتقده، ولأنني أريد أن أقنع الآخرين بهذا الرأي. لذلك نجد هذا الخليط المعقد جداً بين العالمين الخاص والعام: تاريخي الخاص، وقيمي وكتاباتي، ومواقفي كما تصدر عن تجاربي، من جهة، وطريقة انخراط هذه كلها في العالم الاجتماعي الذي يتناقش فيه الناس ويتخذون قرارات في شأن الحرب والحرية والعدالة، من جهة أخرى".
وكتاب "خارج المكان" وهو عبارة من مذكرات، ساردا فيها عالم الطفولة والدراسة وتنقلاته والتعارض والتناقض بين "الرواية الفردية" التي تبنيها الذات عن ذاتها الخاصة، وتلك "الرواية العائلية" وخاصة العلاقة الحميمة مع والدته، التي زرعت فيه حب الموسيقى منذ طفولته. والمذكرات كُتبت بشفافية عالية، ويكتب سعيد في المقدمة: "أن الكتابة الصريحة عن الذات نادرة في تراثنا. وإني لآمل أن يُسهم هذا الكتاب في تنمية هذا التقليد".
أما كتاب "الأنسنية أو الأنسانوية والنقد الديمقراطي"، فهو أخر كتاب له، كتب سعيد مقدمته بنفسه، وعالجه الموت، قبل أن يعيش صدوره. والكتاب عبارة عن محاضرات يعالج فيه الأنسنية وممارستها والفيلولوجيا وكتاب "محاكاة ل أريش آورباخ في النقد الأدبي المعاصر"، ويعكس سعيد في هذا الكتاب تطوره الفكري والأدبي والتزامه بالفكر الأنسني بمنهجه العلماني التقدمي. ويؤكد سعيد فيه على أهمية العلوم الإنسانية ونشرها في المجتمع حتى تقوم بدور يربط المعرفة بالحياة. يقول مترجم الكتاب، أنه يستخدم تعبير "الأنسنية" للدلالة على المذهب الفكري الذي يقول، أن الأنسان هو أعلى قيمة، بينما يستخدم تعبير "الاِنسانية" للدلالة هنا على الميل أو النزوع إلى الاِنسانية أو ادعائها.
أما كتاب " عن الأسلوب المُتأخر، موسيقى وأدب عكس التيار"، وهو بالفعل آخر أعمال سعيد، مما يعتبره البعض وصيته وتتويج لسيرة مهنية فكرية – ثقافية نقدية متكاملة في الموسيقى والأدب. وصدر بعد ثلاث سنوات على وفاته وكتبت المقدمة زوجته مريم قرطاس سعيد. والكتاب شديد التخصص، حيث يشتمل على دراسات في الموسيقى وحول الموسيقى، ووجد المترجم (فواز طرابلسي) صعوبة جمة لنقل مصطلحات الموسيقى الكلاسيكية إلى اللغة العربية، حيث يستطيع القارئ العربي المهتم، على استيعابها وتذوقها. فسعيد يقول "للموسيقى أهمية أساسية لأنها تمثل ندرة استثنائية وتفرداً مطلقاً للفن".
وعن "الأسلوب المتأخر" يقول سعيد، "أن ثمة تغيراً يحدث في مسيرة نشاط كتاب ومؤلفين وموسيقيين ورسامين كثيرين قد يرجع إلى التقدم في العمر أو رؤية جديدة تحدث في نهاية مسيرتهم، ويضيف بأن بيتهوفن أشهر مثال على هذا.
كلمات ناصعة لسعيد:
الهوية ليست ما نرثه بل ما نختاره. الهوية ليست أحادية، بل في تشكل مستمر، وتحوي أكثر من ثقافة واحدة.
سعيد يستخدم مصطلح الدنيوي، مما يعني المصطلح العلماني، ويشير الى أن النزعة المتأسلمة باعتمادها على التلقين الأعمى ونفيها لكافة أشكال المعرفة المنافسة المستمدة من أصول علمانية وحديثة، تؤدي إلى غياب الاجتهاد وإلى اختفاء الفكر النقدي، أو أي إعمال مستقل للعقل في شؤون عالمنا المعاصر. وهو يدعو إلى ممارسة خطاب دنيوي علماني عقلاني ، باعتبار النصوص، دنيوية أرضية واقعية، ولأنها جزء من العالم الاجتماعي والحياة البشرية، ولأنها جزء من اللحظات التاريخية.
يقول سعيد: أن دراستي للاستشراق قد اقنعتني، بانه من المحال الفصل بين تفهم ودراسة المجتمع وتفهم ودراسة الثقافة الأدبية،
فالثقافات بالغة التداخل، ومضمون كل منها وتاريخه يتفاعلان تفاعلاً بالغاً مع غيرهما، إلى درجة يمتنع فيها "النقاء العنصري" لثقافة ما. كما يرفض سعيد الفصل بين الأدب والسياسة، رغم اعترافه بالخصوصيات العامة جداً للأدب.
أود هنا أن أشير إلى ما يسمى بالدراسات ما بعد الكولونيالية أو ما بعد الاستعمار، وهو اتجاه في التحليل النقدي يرى أن التحرر من الاستعمار التقليدي يفرض على الباحث نوعاً جديداً من التحليل يناهض الصورة التي رسمها المستعمِر للشعوب التي هيمن عليها، وتبنتها تلقائياً هذه الشعوب، وذلك بتحفيز المكونات المضادة الكفيلة بتعزيز الهويات الوطنية والتخلص من تأثيرات الهيمنة، والتعامل مع الآخر بندية. ويعد خطاب ما بعد الاستعمار رد فعل على الخطاب الاستعماري الذي تلتحم فيه القوة المهيمنة بالمعرفة والانتاج الثقافي. وقد بدأ تنامي هذه المفاهيم في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين بتأثير كتابات إدوارد سعيد وبخاصة كتابه "الاستشراق 1978 وعلى يد باحثين نذكر منهم هومي بابا وغايا ترى سبيفاك، وقد مزجوها بحقول معرفية أخرى كالتفكيكية، والتحليل النفسي والمنهج النسوي.
والآن إلى النقد، الذي تعرضت له أعمال سعيد، وخاصة كتابه الرائد "الاستشراق".
وأبدأ بأهل الدار، أعني النقد العربي: ونذكر هنا بعض رموز التيار الماركسي، المُمثل في المفكرين هادي العلوي (العراق)، ومهدي عامل (لبنان)، وصادق جلال العظم (سوريا)، ونجمل نقدهم بصورة مكثفة:
عندما يقول سعيد بأن الغرب الإمبريالي يجد عملاء شرقيين يحكمون بلدانهم بالوكالة عنه، فسعيد يفصل ظاهرة العمالة عن منحاها الطبقي ويجردها من المصالح الطبقية، فالغرب لم يجد الا التجار والمثقفين وعامة الأغنياء، هم الذين كانوا في خدمة الغرب.
وسعيد يغدق على الباحث الدبلوماسي الفرنسي ما سينيئون المديح وينسب إليه من اجازات كبيرة وهامة، وهو معروف بأحكامه العنصرية وصلاته الاستعمارية، ودراسته عن اللهجة العامية في العراق عند زيارته لبغداد لا تخلو من غرض.
وقول سعيد بان العالم ينقسم إلى شرق وغرب، وان لكل منهما خصائص جوهرية وطبائع أزلية ثابتة تميز بينهما. كالتمييز بين الجنس السامي والجنس الأري، والزعم مثلا ان الاول روحاني والثاني عقلاني. يعود بنا سعيد إلى فكرة الخصائص الجوهرية والطبائع الأزلية الثابتة. وهنا لا تعود ظاهرة الاستشراق وليدة شروط تاريخية معينة واستجابة لمصالح وحاجات حيوية، بل تأخذ شكل الافراز الطبيعي العتيق المستمر.
ويشير (مهدي عامل): إن الشرق الذي يجرى عليه الكلام في كتاب الاستشراق ليس الشرق نفسه، بل هو شرق ينتجه الفكر الاستشراقي على صورته، ملائما للثقافة السائدة الطاغية، وهي الثقافة البرجوازية المسيطرة، لكن النص الاستشراقي لا يحدد طابعها الطبقي التاريخي، بل يكتفي بالقول إنها ثقافة الغرب، لا من حيث هي الثقافة البرجوزازية المسيطرة، وبانتفاء طابعها الطبقي التاريخي في تحديدها الاستشراقي هذا، تنفي إمكانية وجود نقيضها نفسه، فتكتسب، بهذا الانتقاء طابعا شموليا تحتل به كامل الفضاء الثقافي وتظهر بمظهر الثقافة الواحدة بالمطلق. وأن سعيد جرد ماركس من فرادته الفكرية والطبقية والمقاومة بعبقرية منهجية لأبناء ومفكري وسياسي أوروبا في ذلك الوقت إلا أن سعيد يدخله حسب منهجه المثالي في زمرة الاستشراقيين بلا هوادة. فنظرة سعيد المثالية، هي بطبيعة الحال معادية لأي نظرة أو منهج طبقي تاريخي اجتماعي مثل المنهج الماركسي.
كما يؤخذ عليه، عندما ناقش سعيد دور الاستشراق في الهند والسلطة الاستعمارية البريطانية وكذلك مناقشته وأشارته لقول ماركس عن الهند " إنهم لا يستطيعون تمثيل أنفسهم، ولابد أن يمثلهم أحد". بأنه وضع الفيلسوف العالمي كارل ماركس ضمن المدرسة الاستشراقية. ويقارن العلوي بين ماركس كفيلسوف ومفكر في حديثه عن الشرق وهيجل في حديثه عن الفلسفة الاِسلامية، الذي يهبط عندما يتحدث هيجل عنها إلى صحفي من الدرجة العاشرة، فماركس في نظر العلوي "فيلسوف بأفق نبي" وبتمثله لمنطق البروليتاريا العالمية، لم يعد قادرا على التكلم بلسان أوروبي، فقراءة سعيد لماركس مفهومة، لأنه لا يشاطر ماركس همومه الطبقية.
ويشير (صادق العظم)، بأن سعيد ختم كتابه على الطريقة الكلاسيكية النموذجية، عندما لم يجد ما يبعث على الأسى أبدا في علاقة التبعية الفكرية والسياسية بين الشرق (الشرق الأوسط) والغرب (الولايات المتحدة)، وعندما قدم نصيحته إلى صانعي السياسة الأمريكية وخبرائهم واختصاصيهم حول أفضل الأساليب لتمثيل الأسس التي يمكن أن تستند إليها التوظيفات (الاستثمارات) الأمريكية في الشرق الأوسط وأفضل الطرق لتحسين شروط علاقة التبعية المذكورة. (هذه الفقرة فجرت خلافاً حادا حيث فسرها البعض، بأنها اتهام صريح بالعمالة للمخابرات الأمريكية وللسياسة الأمريكية اجمالاً. هذه تهمة غليظة بلا شك، وربما شطط وتجاوز في التأويل ليس بريئا، بهدف تصفية حساب أيضاً.
لم يرد سعيد على ناقديه الماركسيين، بل وصفهم بالدوغمائيين والعقائديين. لا أدري لماذا ضاق صدر سعيد بهذا النقد، وخاصة أن هادي العلوي بنبرته الهادئة مقارنة بالعظم، واشارته إلى عمق التحليل واللغة الحية المتدفقة لكتاب الاستشراق، كما أن إدوارد سعيد أثني من قبل على أعمال أنور عبد الملك وسمير أمين وكلاهما من الرموز الماركسية. ولقد تعرفنا عليهما هنا في برلين.
يقول عزالدين المناصرة الباحث الفلسطيني، الذي فقدناه قبل شهور قليلة: إذا كان ماركس قد وقع تحت تأثير الاستشراق، فأن سعيد وقع تحت ثقافة الحرب الباردة، حين أوحى أن الاستشراق في روسيا وأوروبا الشرقية، يتطابق مع جملة ماركس التي اقتنصها سعيد وصاغ حولها تأطيراً نظرياً، ربما كان مبالغاً فيه، وهناك فرق بالطبع بين ماركس وبين الاستشراق الروسي. ومتجاهلاً الفارق الجوهري بين الاستشراق الاِمبريالي وبين الاستشراق الروسي والألماني.
ويكتب الناقد الأدبي والباحث في اللسانيات السوداني، عبد المنعم عجب الفيا:
اذا كان إدوارد سعيد يفترض أن الاستشراق، نشأ لخدمة الأهداف الاستعمارية لأوروبا، وذلك استنادا إلى نظرية "المعرفة تساوي السلطة".: "لا شك فأن الإدانة المطلقة للاستشراق انطلاقا من مقولة كل معرفة سلطة، وان معرفة أوروبا بالشرق عبر الاستشراق، قادت الى السيطرة عليه، قول ينطوي على تعميم مخل. "ولكن هل يمكن أثبات بأن ابحاث المستشرقين مهما تميزت بها من رصانة، بأنها ليست متورطة في السياسة، وإنها ليست هي السند الذي يساعد الدول الاستعمارية في مواصلة سياستها من اضطهاد واستغلال"؟
ويعارض عبد المنعم نقد الماركسيين فيما يتعلق بفكرة الخصائص الجوهرية والطبائع الأزلية الثابتة، فيقول "من الصعوبة ان تجد لها سنداً قوياً، فكتاب الاستشراق حسب قراءتي يعارض مذهب الجوهرية".
ويكتب صبري حافظ (أستاذ الأدب العربي والأدب المقارن في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن سابقاً، ورئيس تحرير المجلة الاِلكترونية المحكمة "الكلمة"، مقالا بعنوان "ميراث إدوارد سعيد الثقافي في العالم العربي*":
لا بد لنا، كي نفهم ميراث إدوارد سعيد الثقافي، ومشروعه الثقافي، وأثره في المشهد الثقافي العربي، من أن ندرك إدراكاً ثاقباً هذا "الخليط المعقد جداً" المقصود هنا الخليط بين العالمين الخاص والعام فالخليط الذي تدخل في صنع هذا الفرد المميز كان جذابا لأسباب كثيرة وعلى مستويات متعددة، للمثقفين العرب، ومكنهم من أن يعتزوا بالتفاعل مع مشروعه الثقافي…، كانت هذه فقرة الاستهلال لمقال صبري الطويل والعميق، والذي يمكن أن نلخصه:
" يذهب الكاتب إلى أن سعيد كان مثقفاً عربياً غربياً، وارثاً للتفاعل المعقد والمؤلم في كثير من الأحيان بين العالم العربي والغرب. ويتناول التربية الغربية التي عاشها، وكتاب "الاستشراق" الذي أدخل سعيد إلى العالم العربي، ونظريته في "سَفَر النظريات"، ومخاطبته السلطة بلسان الحقيقة إحياءً لتقليد عربي في الخطاب. ويخلص الكاتب إلى أنه، في مواجهة الانكفاء والقنوط في العالم العربي، جاء سعيد بنفحة من الهواء المنعش بنقده العلماني ونفاذ بصيرته وشجاعته".
تقول فريال جبوري غزول (عراقية، أستاذة الأدب الانجليزي في الجامعة الامريكيةالقاهرة) : "لقد قدم سعيد صورة سلبية عن المستشرقين، وهذا ينطبق على واقعهم إلى حد كبير. لكنني أرى أن علينا أن نجد آليات معرفية لغربلة الاستشراق بحيث نستفيد من البعد العلمي فيه (التحقيق) الترجمة، التصنيف، القواميس إلخ والانصراف عما هو إيديولوجي وعنصري."
تقول أمينة رشيد (كلية الآداب جامعة القاهرة): "أن الكشف عن دور النص في الصراع السياسي الثقافي بوصفه الأرض التي يدور فوقها هذا الصراع، هذا الكشف هو واحد من أهم منجزات إدوار سعيد، والذي لا يلجأ منهجيا للمفهوم الماركسي السائد عن الصراع الطبقي، بل يتسلح بمفهوم الخطاب، حسب الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو ومفهوم الهيمنة كما جاء في كتابات الفيلسوف الماركسي أنطونيو جرامشي، بحيث يصيغ الفرضية الأساسية لكتاب "الاستشراق"، على نحو يوضح أن هناك خطاباً للهيمنة يقوم بفرض تصوره، أو تمثيله، للآخر التابع الذي لا يملك خطابا يستطيع أن يمثل نفسه عبره."
وتكتب هدى وصفي (جامعة القاهرة): "لقد قدم سعيد خدمة هائلة عبر تفكيكه للنص الكولونيالي، وهو ما لم ينجزه أي مثقف عربي، فكتاب "الاستشراق" يقدم قراءة كاشفة للممارسات الاستعمارية التي تختفى خلف خطاب العلوم الاِنسانية، بينما كتاب "الثقافة والإمبريالية" يربط بين ممارسات أشد فظاعة مثل الرق والاضطهاد العنصري والاِخضاع الاِمبريالي من جهة وبين الشعر والرواية والفلسفة التي ينتجها المجتمع الذي يقوم بهذه الممارسات من جهة أخرى.".
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.