يشكو الهيكل الوظيفي لبعض الوزارات السيادية من اختلالات إدارية وضعف مهني متعلق بالمؤهلات العلمية المفروض توفرها من حيث التخصص. وتزدحم الوظائف المختلفة بحملة شهادات لا علاقة لها بالتخصصات ذات الصلة من رياض الأطفال والتربية البدنية. وبعضها شهادات ثانوية ووسطى رسوب. وكشفت مستندات، تحصلت عليها الميدان، أن الهيكل الوظيفي لإحدى هذه الوزارات الذي يشمل 936 موظف وموظفة تتفاوت مؤهلاتهم الأكاديمية. مما يحدث اختلال يولد معه تشوه مخرجات العمل التنفيذي وإرباك الأداء. وينعكس أثره السلبي على أهداف القطاع المعني. وأوضحت تلك المصادر أن تخصصات الشهادة السودانية في العمل التنفيذي يمثل في تلك الوزارة نسبة 15% ما يعادل 141 موظف، بينما يمثل التخصص المطلوب في من يلتحق بهكذا عمل فقط 32% ما يعادل 295 موظف. ويأتي حملة الشهادة السودانية في الترتيب الثاني بعد هذا التخصص ومتجاوزًا التخصصات الأخرى ذات الأهمية للأداء التنفيذي. كما يشمل الهيكل أيضًا تخصصات لا علاقة لها بالمجال لا من قريب ولا من بعيد، وإن كانت بنسب متفاوتة ومعقولة إلى حد ما. وزارة مجلس الوزراء ويشمل الهيكل شهادات سودانية رسوب ما يعادل 18 وظيفة وشهادة وسطى رسوب. واكمال رابعة وسطى ودبلوم وسيط. وأن هذه التخصصات تتقلد مع الشهادات السودانية المذكورة آنفًا مناصب تنفيذية جنبًا إلى جنب مع التخصصات الأخرى وتباشر اتخاذ القرارات المتعلقة بالمجال دون دراية علمية ولا خبرة. وحمل مصدر عليم، تحدث للميدان، هذا الوضع مسؤولية إرباك وضعف الأداء. مما جعل الاقتصاد السوداني يفشل في ايجاد حلول للمشاكل الاقتصادية من خلال تقديم الدراسات والبحوث وبناء نموذج اقتصادي يقيس مؤشرات الأداء الاقتصادي وجمع البيانات النوعية للمساعدة في وضع الخطط واتخاذ القرارات، وإعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية للمشروعات التنموية والمتابعة والتقييم والمسح الأولي لمعرفة الاحتياجات الفعلية للولايات والمركز والتوظيف الأمثل للمنح والقروض ومتابعة تنفيذها والولاية على المال العام وأحكام تنسيق السياسات المالية والنقدية، واتساق الاهداف وقياس الانحرافات وتوقع المخاطر والوقوف على المؤثرات الداخلية والخارجية، التي تؤثر سلبًا على الوضع الاقتصادي وغيرها من المهام التي تتطلب المعرفة العلمية المصقولة بالتدريب النوعي لأهل التخصصات المعنية. والذين لا يمثلون أكثر من 32% من جملة العاملين بالوزارة. مما يطرح تساؤلات مشروعة بحسب المصدر عن الهدف من وضع مثل هذه الهياكل والجهة التي وضعت من أجلها. الشلليات المهنية: وكشفت المصادر أيضاً أن مجتمع الوزارة ينقسم إلى تكتلات ومجموعات. وكيف أن بعضها تمثل مجموعة مغلقة تعمل مع بعضها البعض مع عدم السماح لأي موظف آخر مهما كانت مؤهلاته اختراقها. وتتبادل فيما بينها فرص التدريب والاشتراك في اللجان الوزارية ولجان التسيير وفرص الترقي والانتداب الخارجي مع الاجتهاد في إقصاء الآخرين. ومجموعة أخرى تعمل جاهدة مع بعضها، ولكنها أقل تماسكًا كسابقتها وتأثيرها أقل ولكن أثرها سلبي على أداء الوزارة لمهامها. ومجموعة الكتبة وهي ذات التأثير الأكبر، وقد حصل عدد منهم على شهادات جامعية أثناء عملهم مما قلل نسبتهم لكنها أصبحت رغمًا عن ذلك تحتل المرتبة الثانية بنسبة 15% من القوى العاملة. ويعملون بمؤهل الشهادات السودانية. بالإضافة إلى نسب متفاوتة من شهادات رسوب وشهادات اكمال الثانوي ومتوسط. وقد خرقت هذه المجموعة قانون العمل بمساعدة وكيل وزارة سابق وأصبحت تباشر العمل التنفيذي بدلًا من التدرج في العمل الكتابي. مما أضعف الأداء التنفيذي للوزارة. كما أنها ذات أثر سلبي كبير في اتخاذ القرارات وعرقلة الإصلاح من خلال إحاطتها بالمسؤولين سابقاً. وكانت تستقوى بالنظام السابق قبل سقوطه وتستحوذ على فرص التدريب دون أن ينعكس ذلك على الأداء لمحدودية قدراتهم. مما انعكس على المشروعات. ومجموعة أخرى تم تعيينها حديثًا غالبها من حملة التخصصات ذات الصلة بالمجال وبعض التخصصات الأخرى. ورغم حداثتها إلا أنها دعمت الهيكل الوظيفي ورجحت كفة الكادر المطلوب توفره على حملة الشهادة السودانية. وهي مجموعة متناغمة وتعمل على تصحيح مسار تشوهات التخصصات دون البكالوريوس. ووصفت المصادر الإدارات داخل الوزارة بأنها عبارة عن جزر معزولة عن بعضها البعض. مما يؤثر على توقيع وتنفيذ الاتفاقيات الثنائية فيما يخص المشروعات التنموية. وفي كتابة التقارير التي تخرج عن بعض الإدارات أشار المصدر إلى إنه دائمًا ما يتم تعديل الأرقام لتتماشى مع رغبات المجلس التشريعي. كما أن التقارير نفسها يقوم بإعدادها موظفين من تقنية المعلومات بدلًا من إعدادها من قبل اختصاصيين محترفين. هذا إلى جانب ضعف التنسيق بين السياسات والأهداف المختلفة. كما أشار المصدر إلى عدم وجود بحوث دورية أو غير دورية بالوزارة. كما لا يوجد عمل يومي لتقييم الأداء وانحرافات مؤشراته والمخاطر المحتملة ومسبباتها. ووضع المعالجات الفورية لتعديل السياسات بين الحين والآخر. وحدد المصدر مطلوبات عاجلة أمام حكومة الثورة لتصحيح المسار وتحقيق التعافي والنمو والانتقال الاقتصادي وإحكام درجة التنسيق بين الإدارات المختلفة والوزارات ذات الصلة. وتأهيل الكادر البشري والرقابة على الأداء من خلال الربط الشبكي وتقييم الأداء اليومي. وتطبيق الشفافية المالية في إعداد الموازنة والعمل التنفيذي وبناء نموذج اقتصادي لتحليل الأداء والوقوف على المخاطر والتنبؤات المستقبلية مع توفير كفاءات ذات علاقة بالتخصص المعني والتخلص من الجيش الجرار من التخصصات التي لا تربطها صلة بالمجال. وتوفير قاعدة بيانات نوعية واعتماد عمل المسح الأولي لأي مشروع تنموي وعمل تقييم للمنافع الاجتماعية والاقتصادية والآثار المتوقعة فيما يلي تمويل المشروعات. وهيكلة الوزارة بما يتوافق مع التحديات الاقتصادية ولتحقيق التعافي والتحول الاقتصادي، كخطوة يعول عليها في بناء مؤسسات الخدمة المدنية والإصلاح المؤسسي خلال الفترة الانتقالية. الميدان