وان قالوا ان الانتخابات أداة من أدوات الديموقراطية. وان اولي مهامها هو الفصل بين المتنافسين بطريقة حضارية. وان الاقوي في الانتخابات الغربية ليس من يملك العدة والعتاد والرجال ومختلف مظاهر القوة المادية، بل الاقوي حقا هو من ينجح في إقناع الرأي العام ببرنامجه السياسي. وان الاقوي هو من يسعى للحصول على تفويض شعبي لتنزيل هذا البرنامج على أرض الواقع. فحقا الانتخابات أداة راقية لتدبير الاختلاف وحله،وانها وسيلة ناجعة لتكريس سلطة الشعب فعليا بحيث يظل الفاعل السياسي دائما تحت "المجهر". وان كنا لا نصدق ان يقال هذا في السودان . فالسودان لم يشهد في تاريخه انتخابات ديمقراطية حقيقية.وكل ما كان فيه كان مظاهر كاذبة للانتخابات التي اقامتها جماعات تدعي الديمقراطية.فكان التزوير والتلاعب بالاصوات والصناديق اكبر همهم. لذا ظل السودان غير مؤهل للعملية الانتخابية الصحيحة .وكانت تتجاذبه الاحزاب التقليدية التاريخية التي تحولت إلى كتل و حشود بشرية تلتف حول رمز دينى أو شخصية «كارزمية» مع غياب المؤسسية.فلا تصدقوا اخوتي من ظلوا يفاخرون بامتلاكهم اغلبية الشارع. فالأزمة السودانية ليست بازمة عابرة ،وإنما هي ازمة مزمنة تمتد جذورها من قديم. فلقد ظلت مؤجلة ومتراكمة ثم تفاقمت وتعقدت بالمعالجات القاصرة والخاطئة على أيدي الأنظمة المدنية والعسكرية التي تعاقبت على الحكم طيلة الفترة الممتدة منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا، والتي لم تركز إلا على مسألة بقائها في السلطة، ما جعل السودان يبدو وكأنه يعيش فترة انتقالية منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا. وما تلك الاصوات التي تنادي بالانتخابات الا اصواتا تريد اعادتنا الي تلك الحالة الهلامية القديمة بكل قبحها القديم . إن أخطر ما يهدد السودان هو أنه لم تحدد فيه وحتي الآن طرق حكمه.فلا اقتساما عادلا للسلطة سيكون قريبا.فلقد تعودنا كل الطرق التقليدية القديمة والمعروفة.صدقوني لا نريد العودة الي المربع الاول.نريد ديمقراطية حقيقية ينعم بها هذا الشعب المحروم.نريده سودانا تكون الغلبة فيه للاغلبية الصامته.