من جرب لدغة الثعبان يخشى من أثر سحب الحبل على الأرض ، و يقال هذا المثل الشعبى لكل من يعتاد أو يحاول أعادة نفس تجاربه السابقة دون أن يتعظ من مآلاتها فهو بذلك بحكم من يحاول حمل الماء فى الغربال . ليس دفاعا عن مهزلة منبر جوبا التفاوضي ، (وذكر مهزلة هنا لا نعني بها الاستهانة والتقليل من قدر رفاقنا الذين) ارتضوا الخضوع لمهزلة دولة احفاد تجار الرقيق و وضعوا أنفسهم فى هذا الوضع المزرى و المشين ، و لا نقول انهم كانوا يجهلون ما سينتج من سعيهم الذي سعوا فيه وسعوا البه مقرنين ، فجميعهم اى رفاقنا المغتربين على أنفسهم ، يعلمون علم اليقين و من تجارب سنين عددا ولهم أدرك موثق مع من هموا يتعاملون معهم و ان طريقهم هذا سيقودهم الى الهاوية و تعرية المواقف و الظنون و لكنهم لشئ فى نفس يعقوب رموا بأنفسهم فى التهلك (وللإنصاف نقول انهم كانوا نوعا ما او قل بعضهم كانوا مترددين و يخشون أن ينقلبوا الى اهلهم نادمين) ، و هذا ما سيحدث إن كان لم يحدث اليوم فغدا لناظره قريب. بيت القصيد إنما يحدث حاليا من راعى السلام و ذراعه الأيمن جزار دارفور و الذى يلقب نفسه برب الفور ليس بشئ جديد و ان اطلق عليه مسمى غريب و عجيب تيمنا لاستحسانه (التفلتات الأمنية) فهو فعل راسخ في عقلية دولة احفاد تجار الرقيق و ماجورينهم من المستوردين و المنتوج البلدى (أعنى ما يفعله و يقوم به الدعم السريع تحت غطاء المتفلتين = اسم الدلع للجنجويد القدامى والجدد فى دارفور و جنوب كردفان و النيل الأزرق وشرق السودان و قريبا فى الجزيرة والخرطوم ، و يعلم رفاقنا أنهم وردوا مورد الهلاك و زج بهم فى موضع يصعب تحمل تبعاته و يستحيل الخروج منه إلا لمن كان منهم له قلب المقاوم الصنديد الذى باع كل ما وراءه ورهن مستقبله بالنصر الأكيد و هو بهذا يستطيع استرجاع وعى الثائر المقاوم وذكرى رفاق الدرب من الذين ابت نفسهم تقبل الدونية و الذل ودونهما الاستشهاد حفاظا على القسم التليد بان أن لا تؤكل الثورة من جانب طرفهم الى يوم الوعيد . إن من أشركوا رفاقنا فى المهزلة كانت لهم مخططاتهم المدروسة بعناية فى كيفية التعامل مع الثائرون من الهامش وأطرافه عندما يشد عودهم وتتوسع مواعينهم وتطول بنادقهم وتطال مربعات خطوطهم الحمراء المرسومة منذ زمن ارساء قواعد دولتهم ، والتي هي و تغبيشا إلى وعينا يطلقون على ان بداية تأسيسها كانت في الخمسينات من القرن العشرين وهذا دهاء ومكر لتغيب الحقيقة الكاملة وجرنا الى ما يرغبون فيه من قول وتاريخ مزيف للحقائق وطمسا لمعالم الجرائم المرتكبة منذ أن وضعت اللبنة الأولى لدولتهم فى منتصف القرن السابع عشر تحت غطاء ما سميت بمملكة سنار ومن ذاك التاريخ بوشر فى ارتكاب الجرائم المنظمة للاستحواذ على أرضنا واستئصال لغتنا وثقافتنا وكل ما يمت الى اصلنا وتاريخنا . لذلك ما ارتكبه رفاقنا من خطأ جسيم قاتل هو تنازلهم عن أس المشكل الأساسي الذي من أجله ثورنا وتمردنا على سلطاتهم وقررنا استرجاع حقوقنا فى دولتنا كاملة غير منقوصة ، واستلهام حكمة وسيرة سلطاننا الحكيم الذى أدرك منذ ذاك الوقت موطن الداء وكارثة المستقبل وعزم على القضاء عليها فى مهدها وطمرها ولسوء الأقدار وامتحان للاجيال القادمة أصاب السلطان الحكيم مرض عضال وهو مرابط في أمدرمان بجيشه بعد أن قضي عليهم فى كردفان و متوجها الى أخر معاقلهم فى سنار ومنتظرا انخفاض فيضان النهر للعبور والذهاب الى معقل الفتن وتخريب العقول والدمار ، ولكن اشتداد المرض عليه أجبره على العودة للديار دون تحقيق هدفه فى اقتلاع بؤرة البوس والأحقاد والغل والإحلال والاستبدال ، ألا رحم الله الله سلطاننا الحكيم واسع الفكرة والبال السلطان تيراب معلم الاجيال . ومن بعد أهملت مهمة وحكمته وتناست الأجيال الى أن وصلنا لى هذا الحال، فمن حكمة ورجاحة عقل ووعي السلطان تيراب نستدرك جوهر القضية ، فنحن لم نقدم كل ما قدمته شعوب الهامش واعز ما فيه شهدائنا والارض من اجل التفاوض معهم والخضوع لأجندتهم والتى مررت على وفاقنا فى مهزلة منبر جوبا و ماسبقه من منابر وهى (قسمت الثروة و السلطة) ؟ فالهامش السودانى لا تنقصه ثروة ولا سلطة وهذه غلطة لا تغتفر . جذور الأزمة التى ثورنا من اجل حلها هى أسس و بنية الدولة و هى أسس و بنية دولة احفاد تجار الرقيق ، هنا يمكن التفاوض معهم على كيفيتها ، أما غير ذلك من حقوق مثل الحرية و المساواة والعدل والأرض التى احتلت والممتلكات التى سلبت والعدالة التى غيبت والجرائم التى ارتكبت فلا تفاوض عليها اطلاقا، فمن دون قيد او شرط ترجع وتسترد كما كانت رضاءا او غصبا وتجرى العدالة مجراها دون دخلات او عوائق من اى طرف من الأطراف ، وما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة ، هذا هو جوهر قسم الثائر المقاوم مع الثورة لانتزاع حقوق شعوبنا المضطهدة المستباحة دمائها وكرامتهما الإنسانية وأعراضهما والمستلبة كائنا وأرضا وثقافة منذ نشأة وظهور وعلى مدى مدار تاريخ دولية أحفاد تجار الرقيق الى يومنا هذا . ورفاقنا الذين ألصقت بهم المهزلة وأحيطوا بحبال الذل والمسكنة لم تغب عنهم هذه المحاذير ولكن النفس أمارة بالسوء ، وطريق الحرية والحقوق لم ينقطع سالكيه ولم تغفل مداخله ، وجل من لا يخطئ وخير الخطائين التوابون ، والثورة مراحل ومراجعات و كل من ادلى بدلوه فيها فحقه محفوظ ، وجوهر صراعنا ليس من أجل ثروة ولا سلطة هو صراع وجود أو الاضمحلال والفناء . نعم لاختلاف وجهات النظر ولا لتمييع المواقف والمبادئ والعدول عن أخلاق الثائر المقاوم ودون ذلك العبث والفوضى ، والانكسار هو وليد التشرذم والتفتت تحت حجج ودعاوى ظاهرها يبدو وجيها وباطنها مرتع للعاطلين عن الرؤية الثورية المتدثرون بثياب الجهوية والقبلية فاقدي الموهبة والقدرات للمنافسة الشريفة مع الرفاق فى حقول النضال والأولويات . فلقد تجرعت ثورات الهامش من كأس هذه الغفلات مرارات و مرارات وجاء الوقت أن نضع تجاربنا نصب أعيننا مع قناعاتنا هي زادنا وترياق مقاومتنا فى مشوار ثورتنا وما الدرب لسالكيه ببعيد . و من ضاق قرصة الدابي بخاف من جر الحبل . حتما سننتصر [email protected]