أهم مشكلة تواجه الشعب السوداني الآن هي الحصول على المال الذي يوفر له الحياة الكريمة،فالنظام المخلوع دمر كل القطاعات وأغلق أبواب الرزق الكريم،ولذلك أهم واجب لهذه الحكومة هو إعادة فتح هذه الأبواب للمواطنين من خلال منحهم فرصاً لعمل مشاريع منتجة تدر عليهم أموالاً تضمن لهم العيش الكريم. مؤكد هذا الأمر ليس غائباً على الحكومة الانتقالية ولديها الكثير من البرامج التي تنتظر التنفيذ ولكنها متوقفة أو لا تنفذ بالفاعلية التي تجعل أثرها ظاهراً في المجتمع، ومنها تمويل المشاريع الصغيرة والأصغر والتي تقدمها المصارف والشركات والمؤسسات المتخصصة في هذا المجال. طبعاً هناك أسباب كثيرة تجعلها تفعل ذلك، منها التآمر على الحكومة الانتقالية فهي ما زالت مكتظة بالفلول،وعدم قدرتها على التفكير خارج الصندوق،والخوف من عدم التزام المواطنين بتسديد مبلغ التمويل،وهي كلها أمور مقدور عليها إذا كانت الحكومة صارمة في عملية الإصلاح الاقتصادي،وإذا كان بنك السودان يمارس صلاحياته وواجباته مع الجميع بحسم ويراقب تنفيذ منشوراته ويحاسب على التجاهل. بنك السودان المركزي في إطار سعيه لتحقيق التنمية الاقتصادية المتوازنة ودعم القطاعات ذات الأولوية والتعامل مع التغيرات الكلية في الاقتصاد الوطني، ومعالجة أثرها على قطاع التمويل الأصغر والصغير حسب قوله، أصدر بتاريخ 19 مايو 2021 المنشور رقم (2/2021) منالإدارة العامة لتنظيم وتنمية الجهاز المصرفي ومعنون إلى كافة المصارف ومؤسسات وشركات التمويل الأصغر لتعديل سقف التمويل الأصغر والصغير،وعليه فقد تقرر رفع قيمة التمويل الأصغر من السقف المحدد القديم للقطاعات الإنتاجية،الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي والقطاع الصناعي والحرفي) ليصبح 400,000 جنيه (فقط أربعمائة ألف جنيه)، ولغير هذه القطاعات إلى 200,000 جنيه (فقط مئتا ألف جنيه)،أي(400 و200 مليون) بالقديم، أماالتمويل الصغير فيرفع إلى مبلغ 3,000,000 جنيه (فقط ثلاثة ملايين جنيه) أي(ثلاثة مليارات) مع ضرورة الالتزام بمواءمة مبلغ التمويل الممنوح مع حجم وجدوى المشروع في إطار السقف المحدد يسري العمل بهذا المنشور من تاريخه 19 مايو الماضي. حتى الآن لم تنفذ بعض البنوك والمؤسسات والشركات هذا المنشور ولم ترفع السقف بل وتنكر (عديل) أن المنشور وصلها رغم أنه موجود على النت،وبنوك أخرى تقدمه ولكن ليس لأي مواطن وإنما للمعارف والمقربين وأصحاب الأعمال المضمونين لديهم، طبعاً كل هذا خوفاً من عدم التزام المواطنين بالتسديد. ورغم ذلك أحياناً حتى (ناسهم) هؤلاء يفشلون في التسديد، لأنهم يقدمون مشاريع على الورق فقط،طبعاً هذا لا ينفي أن هناك تجارب ناجحة ولكنها بسيطة. ما أود أن أقوله هنا هو أن الكثير من المواطنين هم بحاجة إلى هذا التمويل الصغير أو الأصغر ولديهم مشاريع نجاحها مؤكد،وعلى بنك السودان أن يهتم بتنفيذ هذا المنشور،ويجب أن تكون البنوك شجاعة في مواجهة تحديات التمويل الصغير والأصغر بطرق مبتكرة،ويجب أن يكون لديها آلية عملية تجعل نجاح أي تمويل هو الأرجح، وحقيقة هناك تجارب عالمية كثيرة جداً حققت نجاحاً منقطع النظير، أخرجت مجتمعات بأكملها من الفقر،ويمكن الاضطلاع عليها في النت فهي متاحة . أعتقد أن الحكومة يجب أن تنتبه إلى المصارف والمؤسسات والشركات التي تعمل في مجال التمويل الصغير والأصغر فحتى الآن أثره في المجتمع محدود جداً أو معدوم، رغم أنه يعتبر الباب الأفضل للخروج من مشكلة العطالة والفقر. الديمقراطي