شهدت العاصمة السودانية في اليومين السابقين احداث مؤسفة حيث أوردت الجهات الرسمية استشهاد ستة من منسوبي جهاز المخابرات السودانية في عملية مداهمة لخلية إرهابية توافرت المعلومات عن تواجدها في حي من احياء الخرطوم. واللافت في الامر من المعلومات التي رشحت ان المجموعة الإرهابية بها عناصر نسائية و شخصيات اجنبية من احدى دول الجوار كما يستنتج من حصيلة المرتفعة للضحايا (والذين يتبعون لجهاز المخابرات الذي يتمتع بسمعه مهنية وتدريبية عالية قياسا بالقوات النظامية الأخرى) ان الخلية الإرهابية ذات قدرات احترافية عالية بدليل ما رشح من معلومات عن نوع الأسلحة التي ضبطت في موقع المداهمة وطبيعة وشكل الإصابات التي تلقاها الضحايا. لقد ظل السودان ومازال يعتبر مرتعا خصبا و ملاذا امنا للتيارات السلفية و الجهادية حيث شهدت البلاد في العقد السابق احداث جسيمة تثبت ذلك وليس ببعيد منا حادثة اغتيال الديبلوماسي الأمريكي و اعلان تنظيم القاعدة لتنظيم السلف الجهادي ببلاد النيلين من داخل جامعة الخرطوم وحوادث هروب طالبات جامعة مأمون حميدة المتكرر وانضمامهن لتنظيم داعش بالإضافة الى نشاط التيارات السلفية في المشهد السوداني مستفيدة من مناخ الحريات التي اعقب قيام ثورة ديسمبر المجيدة والذي افسح المجال لحرية التعبير والتنظيم دونما شرط او قيد. ان هذا الحادث الإرهابي يعتبر بمثابة انذار وناقوس خطر للأجهزة الأمنية لإعادة تقييم الموقف و وضع خطط رصد ومتابعة للوجود الأجنبي بالبلاد بالإضافة الى تقييد أنشطة الجماعات السلفية والتي تعتبر هي المسؤول الأول عن انتشار الفكر التكفيري بالبلاد ناهيك عن توفيرها الدعم اللوجستي والتستر على الخلايا الإرهابية النائمة انطلاقا من مبدأ النصرة ومد يد العون. ان الإرهاب اصبح هاجس دولي ومشكلة عابرة للحدود مما يستدعي التعاون مع دول الجوار في تامين الحدود وتشديد الرقابة على المنافذ البرية والبحرية والمطارات. كما يجب رفع الحس والوعي الأمني لدى المواطنين وتوفير ارقام تواصل مباشرة حتى يتثنى لهم الإبلاغ عن أي تحرك مريب او غير عادي داخل الاحياء. كما يجب لوزارة الأوقاف وضع خطة يتم بها تدريب الائمة والدعاة لتطوير الخطاب الديني النابذ للعنف والتطرف داخل المساجد والخلاوي والمعاهد الدينية. ان التصدي لهذا النوع من الجرائم الإرهابية هو مسؤولية جماعية يجب ان تتكامل فيها الأدوار بين الدولة والمجتمع حتى يتم تفويت الفرصة على كل إرهابي خائن تسول له نفسه المساس بأمن الوطن. الرحمة والمغفرة لشهداء الواجب من عناصر جهاز الامن والمخابرات وعاجل الشفاء للجرحى والمصابين. [email protected]