يعتبر الإقليم الشرقي من اكبر أقاليم السودان جغرافيا حيث تبلغ مساحته حوالي 110.000 ميل مربع وهو المنفذ البحري الوحيد للبلاد حيث يطل على البحر الأحمر بساحل يبلغ طوله 640 كم تقريبا كما ان شعب البجا يعتبر اكبر واقدم مكون اجتماعي في الاقليم الشرقي ، حيث يتكون من عدة مجموعات قبلية مثل الهدندوة – الامرار – البشاريين – الحلنقة – الارتيقة – الحباب البني عامر – الكميلاب -ا لاشراف ….والخ. منذ استقلال السودان كان لشعب البجا قضاياه المفهومة والمعلومة في صراعه مع الحكومة المركزية من اجل انتزاع حقوق الإقليم في التنمية والتعليم والصحة و…الخ. والتي تعتبر من الحقوق المشروعة والتي كلفها القانون الدولي والإنساني . وقد لعب مؤتمر البجا دور كبير في تطوير الخطاب السياسي لقضايا الإقليم كما كان له دور في توظيف القيادات القبلية لخدمة مصالحه السياسية . واللافت ان مؤتمر البجا وبالرغم من تبنيه خط الكفاح المسلح مبكرا الا انه لم يمثل أي خطورة تذكر للحكومات المركزية السابقة علي مر تاريخ السودان الحديث مقارنة بالحركة الشعبية بالجنوب او حركات الكفاح المسلح بالغرب . وفي الآونة الأخيرة وعقب قيام ثورة ديسمبر المجيدة وتشكل الرؤية السياسية الجديدة لحلحلة مشكلات التنمية والحرب في أقاليم البلاد اتجهت القيادة السياسية في البلاد لتبني عدة مسارات مرتبطة بمخاطبة جذور الازمة في أقاليم السودان وذلك كحل شامل يرتكز على إعطاء حركات الكفاح المسلح نصيب الأسد في السلطة السياسية وتبعا لها السلطة الاقتصادية في الأقاليم التي شهدت نزاع مسلح في عهد النظام البائد . وبغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف مع تلك الرؤية ، الا انه قد ترتب عليها خلق ازمة اصبح شبحها يلوح في الأفق للجميع وهي مصير الأقليات الاثنية التي تعيش في تلك الأقاليم . لقد افرزت سياسة الحكومة الانتقالية في حل مشكلات الحرب صراع اثني وعرقي اجتاح الإقليم الشرقي بولاياته الثلاث القضارف وكسلا والبحر الأحمر بين اكبر مكونين اجتماعيين هما قبيلة الهدندوة التي تنادي بإلغاء مسار الشرق والتحقيق في منح الجنسيات لمواطني الإقليم في عهد النظام البائد وقبيلة البني عامر التي تعتبر مسار الشرق اكبر مكسب سياسي لها في تاريخها الحديث ومن دون الخوض في تفاصيل ايهما يمثل تاريخيا الزعامة او الاصالة في الإقليم . تظل الحقيقة الماثلة امامنا ان الفريقين يعتمدان في نمطهم الاجتماعي على النظام القبلي العشائر التقليدي والذي يكون فيه ناظر القبيلة هو السيد المطاع الذي تمثل أفكاره البوصلة السياسية لكل افراد قبيلته مما يضع الإقليم ومن بعده حقوق الأقليات الاثنية امام مأزق الاستقطاب الحاد والاصطفاف القهري خلف القوي المنتصر او الوقوع في دائرة التخوين والذي سيقود الي تبعات مشؤمة قد تصل الى حد التطهير العرقي والابادة الجماعية او في احسن الأحوال التهجير والتغيير الديموغرافي الذي سيمارسه المنتصر على تلك الأقليات . ويبقى السؤال المباشر هل سيؤمن انسان الشرق بمواطنة كل ساكني إقليم الشرق باختلاف اثنياتهم في حال قيام دولته الحلم . ام سيعتبرهم ضيوف لهم حق الضيافة والحماية فقط في حال التبعية المطلقة والذوبان في الدولة الوليدة؟ . [email protected]