بالرغم من الاتجاه العام نحو التهدئة .. الا ان المكون العسكري يتبعه بعض قادة الحركات المسلحة الموقعين على سلام جوبا سيكتشفون لا محالة عاجلا وليس آجلا اي ورطة ادخلوا فيها البلاد والعباد… لم يكن المكون العسكري بحاجة لكل هذا التصعيد لتحقيق اهدافه ، والتي تتمثل فقط في مجملها في هدف واحد وهو عدم التنازل عن رئاسة المجلس السيادي للمدنين ، ما دون ذلك من اهداف من شاكلة الانتخابات وفشل الحكومة وغيرها لا تعد كونها ذرا للرماد في العيون … اذ ان المكون العسكري لايحتاج الى اية سلطات زيادة بخلاف الابقاء عليه رئيسا لمجلس السيادة … اذ يستحوذ هذا المكون على وزارات الدفاع والداخلية والامن مضافا اليها بالطبع القوات المسلحة والدعم السريع مع عشرات الشركات الغنية العاملة في مختلف المجالات العسكرية والمدنية وفوق كل هذا فان المكون العسكري غير مسائل عن ما يعانيه المواطنين بصورة يومية من اشكالات في الخبز والغاز ومجمل الخدمات المتردية في البلاد والتي يحتمل وزرها مباشرة المكون المدني ، اذ ان الناظر الى تركيبة الحكومة الانتقالية يلحظ دون جهد منه ان المكون العسكري وبالرغم من ما يحوزه من سلطات الا انه لايواجه بالمسؤلية المباشرة فيما يخص احتياجات المواطنين اليومية من صحة وتعليم وطرق وغيرها . السؤال الذي ينتصب هنا هو وبما ان وضعية المكون العسكري اكثر راحة من المكون المدني المصطلي مباشرة باحتياجات المواطنين لماذا يفتعل المكون العسكري كل هذه الاشكالات لماذا لايرضى من الغنيمة بما يحوز؟ … الاجابة يا هداك الله تتمثل في انعدام الثقة كليا بين قادة المكون العسكري وقادة الحكومة المدنية، كيف ؟ كألاتي عندما توؤل رئاسة المجلس السيادي للمكون المدني هذا يعني ان السيد البرهان سيكون عضوا عاديا في مجلس السيادة لاقرار له ولا سطوى على المجلس ، كما ان الوضع الشاذ لقائد قوات الدعم السريع الفريق حميدتي سيكون اكثر احراجا وغموضا حينما توؤل رئاسة المجلس للمدنين اذ ان الوثيقة الدستورية لم تنص على وجود نائب لرئيس مجلس السيادة وبالتالي فان خانة الفريق حميدتي ستصبح فارغة مباشرة بعد مغادرة البرهان لرئاسة المجلس ، اذ لايمكن ان يقوم المدني الذي سيتولى رئاسة المجلس ان يعين نائبا له وان فعل ذلك فلن يكون حميدتي باي حال ، عليه فان تمسك البرهان ومعه حميدتي باستدامة رئاسة المجلس تبدو مفهومة وفقا لهذه الرؤية ، وهو ربما ما يفسر التناغم الكبير بينهما مؤخرا … غير انهم في سبيل المحافظة على هذه الوضعية سلكوا طريقا خاطئا وهو جر البلاد الى انقسامات واصطفافات لاتبشر مساراتها بنتائج مرجوة لهما ، استعانة البرهان وحميدتي بجبريل ابراهيم ومناوي لم تكن موفقه على الاطلاق اذ ان هذان الشخصان لايحوزان اي اجماع حتى في حركتيهما اللتان يقودانها كما ان تمرد مسؤلان حكوميان على الحكومة التي يمارسان مهامهما بها يبدو وضعا شاذا وغير اخلاقي اذ يتوجب عليهما تقديم استقالتهما منها ابتداء والذهاب مباشرة لمعارضتها ،خطأ آخر ارتكبه البرهان وحميتي في سعيهما لازاحة عناصر مهمة من المكون المدني وهي اللجوء الى اللعب بورقة الشارع والذهاب في هذا التكتيك بعيدا .. كان الاولى بهما الاكتفاء بتصريحاتهما التي يؤكدان فيها امتلاكهم لشارع مواز لشارع المكون المدني الذي يهددانهما به او كما يتوهمان ذلك ، اذ ان الدعوة الى تظاهرات السبت ومن ثم اعتصام القصر كانت فضيحة بكل المقايس حيث مثل هذا الاعتصام مادة خصبة للتندر والتهكم من قبل الثوار وعامة المواطنين حيث سمح للمتظاهرين الوصول الى القصر بكل سهولة ونصب خيامهم امامة مع توفر الطعام والشراب وكل وسائل البقاء لاطول فترة ممكنة لاينقص المعتصمين شيء الا الروح الثورية التي افتقدها المتوالون الى ارض الاعتصام الذين لايعرف اغلبهم لما هو موجود هنا ، فقط في هذا المكان تتوفر ثلاثة وجبات منتظمة يسبقها شاي الصباح وربما تختتم بشاي المغرب ثم النوم او الذهاب للبيت والعودة باكرا … على الجميع وقد (حدث ما حدث) العودة سريعا الى منصة المسؤلية وتجنيب البلاد ويلات قامت الثورة من اجل ان تودعها الى الابد . [email protected]