أمّت وخطبت قيادات إسلامية في جماعة الإخوان المسلمين والجماعة السلفية والجامعة الإسلامية "مصر" في صلاة عيد الأضحي المبارك، حيث نصبت السرادقات في مختلف ميادين المدن الكبرى والمراكز والقرى، تحفها وتعلوها اللافتات والبالونات، وعلى الرغم من أنها تجنب الدعوة إلى مرشحيها وبرامجها على المنابر إلا أنها وزعت منشورات لبرامجها وصورا لمرشحيها لمجلس الشعب القادم، في استغلال واضح للدين وحالة التدين التي تميز المصريين. السرادقات التي لم تكتف بالميادين والساحات العامة حيث امتدت للشوارع الرئيسية في كثير من المدن وخاصة القاهرة والجيزة والإسكندرية، شهدت لافتات لحزب الحرية والعدالة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي وحزب الوسط والأصالة، كما ضمت ملصقات لمرشحين إسلاميين محتملين لرئاسة الجمهورية كالدكتور حازم أبو إسماعيل، ومحمد سليم العوا. وقد بدا أن الجماعات الإسلامية وأحزابها في حالة من التوافق والانسجام، حيث قسمت الميادين والأحياء بينها قسمة تتناسب مع حجم وقوة هذه الجماعة وتلك، فهذه الأحياء للسلفيين وهذه للإخوان، وهذه للجماعة الإسلامية، وقد كان النصيب الأكبر لجماعة الإخوان المسلمين تلاها السلفيون، وقد حمل جميع الخطباء وهم من القيادات الرئيسة والفاعلة داخل الجماعة كعصام العريان تهنئة المرشد العام للمصلين. وتقاسم حي العمرانية بالجيزة حي مأهول بالسكان الإخوان والسلفيون، فاتخذ الإخوان جهة الحي الغربية فيما اتخذ السلفيون الجهة الجنوبية، وقد استقبلت سرادقات عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، وقد نجح المنظمون في تزيين الشوارع والساحات بالبالونات واستقبلوا المصلين بالهدايا والمنشورات. استغلال الدين بدا واضحا للكثيرين من المصلين، وقد أكد لنا الطبيب الصيدلاني هشام رأفت أن استغلال الدين أمر قام به كل من حكم مصر، "المصريون قوم يسهل التلاعب والسيطرة على مشاعرهم خاصة الدينية، ألا ترى أنهم ينساقون دون وعي وراء كل من يرفع لافتة الدين، وللأسف يحدث هذا نتيجة تغييب الوعي بل هدمه، وسيطرة الغوغاء ممن يدعون التدين على الأمر، الواحد لا يغرف أكثر من آيتين وحديثين شريفين وربما لا يقرأ ولا يكتب ويفرض سيطرته بآيتيه وحديثه على جيرانه وأهله، نحن نعيش مأساة في ظل غياب المؤسسات الدينية المستنيرة كالأزهر عن الحضور في الشارع". ولا تجد عبلة خيرت منقبة بأساً من اللجوء للدين في لم الشمل بين المصريين، بل تؤكد الأمر قائلة "المصريون مسلمون والدين الإسلامي هو دستورهم وعقيدتهم وحياتهم فلما لا يلتفون حول حماة الدين". ورفض أحد الملتحين الرد على سؤال استغلال الدين، وأشاح بوجهه غاضبا، فاعتذر لي صديق له قائلا "ما هو الاستغلال من وجهة نظرك"، قلت "توزيع منشورات دعائية للمرشحين تحت مظلة الجماعة ورفع شعار الإسلام"، فقال "هل أنت غير مسلم، المسلمون أخوة ومن حقهم أن يتكاتفوا من أجل نصرة دينهم، ونصرة الدين في الدفاع عن تطبيق الشريعة والإخوان يسعون لذلك وكما ترى يشير للآلاف الذي أتوا إلى الساحة الناس تلتف حولهم". ورفض المهندس عمر خليل مهندس ومقال منطق الدعوة للمرشحين سواء للبرلمان أو الرئاسة باسم الدين، وقال "لابد من تجنيب الدين وعدم اتخاذه وسيلة"، وأكد أنه جاء للصلاة هنا "لأن صلاة العيد في الساحة سنة وليس من أجل هؤلاء الملتحين". ومزق المهندس عمر ما دفعوه إليه من أوراق، وقال هذه الأوراق التي يوزعونها وتلقى على الأرض ويدوس الناس عليها بأقدامهم تحمل آيات من القرآن وأحاديث نبوية شريفة، وهذا حرم ويسيء للإسلام والمسلمين، إن هؤلاء لا يتقون الله في كلامه وكلام رسوله العظيم فكيف سيتقونه فينا". ورأت أم خالد جارتي التي تعمل طبية أن هؤلاء الملتحين يسعون إلى "تحجيب" و"تنقيب" مصر، وقالت "أخشى ما أخشاه أن يحكموا ويجلسوا النساء في البيوت بالإكراه ونعود لعصر الحريم لا تعليم ولا عمل ولا صوت ولا صورة، مأساة أن تتحول مصر إلى سعودية أخرى ونتجادل حول حق المرأة في الخروج وقيادة السيارة". وقال كريم عبد الله مدرس أن منشورهم المعنون ب "ماذا لو اخترنا الإسلام" يبدو مغريا للعامة كونه بسيطا في أسلوبه وكلماته مثل "قواعد الإصلاح السياسي في الإسلام الشورى العدل الحرية المساواة، نعم والله هو الإسلام هو شرع الله هو دين الله"، كلمات بسيطة تدغدغ المشاعر ويفهمها البسطاء، لكن الخاصة تعرف أن هذه لغة الاستغلال والتجارة باسم الدين، حيث يظهر المنشور سواء هذا أو ذاك الاعتماد الرئيسي على التحدث باسم الإسلام واستغلال الدين في الترويج والدعاية لأنفسهم. وعلى الرغم من وجود آراء ناضجة وواعية لكن ما رأيناه يؤكد أن الأغلبية العظمى منساقة وراء مشاعرها الدينية في ظل غياب حقيقي لدور المؤسسات المستنيرة سواء كانت دينية أو ثقافية أو غيرها، الأمر الذي لا يبشر بكثير من الخير لمستقبل مصر.