نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدشن أغنيتها الجديدة (أخوي سيرو) بفاصل من الرقص المثير ومتابعون: (فعلاً سلطانة)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تدشن أغنيتها الجديدة (أخوي سيرو) بفاصل من الرقص المثير ومتابعون: (فعلاً سلطانة)    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    الانتفاضات الطلابية مجدداً    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    بالفيزياء والرياضيات والقياسات العقلية، الجيش السوداني أسطورة عسكرية    دبابيس ودالشريف    أسامة عبد الماجد: مُفضِّل في روسيا.. (10) ملاحظات    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    محمد صلاح تشاجر مع كلوب .. ليفربول يتعادل مع وست هام    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    محمد الطيب كبور يكتب: السيد المريخ سلام !!    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الملك سلمان يغادر المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخذلان..!ا
نشر في الراكوبة يوم 02 - 12 - 2011

(وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) صدق الله العظيم
فاجأ السيد محمد عثمان الميرغني، راعي الطريقة الختمية، ورئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي الاصل، جماهير حزبه، واتباع طريقته، ومعظم الشعب السوداني، بإعلان دخول حزبه في حكومة المؤتمر الوطني المرتقبة. فقد جاء (أكد السيد محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط" أمس التحاقهم بحكومة المؤتمر الوطني وعزا الميرغني قراره لما أسماه ب "المصلحة الوطنية". هذا وأعلن عمر البشير في خطابه أمام الجلسة الختامية للمؤتمر العام لحزبه أنه سيواصل الحرب على جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، الأمر الذي خرجت به توصيات المؤتمر العام للحزب الحاكم، مما يشير الى أن الاتحادي الديمقراطي سيلتحق بحكومة "حرب"، ومع كل ما يستتبع ذلك من تقييد للحريات وتفاقم في الأزمة الاقتصادية الاجتماعية القائمة)(حريات 27/11/2011م). ومصدر الإستغراب، ان الحزب ظل طوال تاريخه، يؤمن بالديمقراطية، وتنص مواثيقه على عدم التعاون مع الحكومات الدكتاتورية، ثم انه على مدى فترة حكومة الإنقاذ، وقف في المعارضة، وكان نصيب رئيسه مصادرة الممتلكات، والمضايقة، حتى اضطر الى ترك البلاد لفترة طويلة، كما عطلت دور الحزب واوقف نشاطه.. ولقد قاد الحزب الإتحادي الديمقراطي، تحالف المعارضة العريض- التجمع الوطني الديمقراطي- الذي استطاع ان يجمع الشعب السوداني بمختلف أطيافه، على وثيقة "مقررات أسمرا للقضايا المصيرية" التي كانت النواة لإتفاقية السلام الشامل.. وحين شارك الحزب في الإنتخابات الأخيرة، مخالفاً تجمع الأحزاب التي أجمعت على عدم المشاركة، رغم انه قد كان عضواً في ذلك التجمع، إعتبر بعض المحللين السياسيين، ذلك الموقف ضعفاً هيكلياً في الحزب المنقسم على نفسه، وعجز عن المواجهة، وقصر نظر سياسي.. ولكن الموقف على كل حال يمكن تبريره، من منطلق ان الحزب يريد ان يحتكم للديمقراطية، وفاء لتاريخه الطويل في احترامها.. وكان السيد محمدً عثمان الميرغني، قد زار كسلا قبيل الإنتخابات، فقابلته جماهير هادرة تهتف بالولاء له وللحزب، مما أكد أن المدينة وضواحيها، بل الشرق كله يسانده.. ولكن نتيجة الإنتخابات، جاءت مخيبة لآماله، إذ لم يحصل مرشحه إلا على حفنة أصوات!! ولقد وضح للسيد محمد عثمان الميرغني، أن الإنتخابات قد كانت خدعة، وأنها زورت تماماً، واستغل كل من شارك فيها ليعطيها شرعية لا تستحقها، فتساءل أين ذهبت الجماهير الغفيرة التي قابلته هل ابتلعها القاش؟! في اشارة واضحة لتأكيد ما حدث من تزوير، كان من مفارقاته، ان سقط الحزب الإتحادي الديمقراطي العريق، في بقعة تعد حاضرة الختمية في السودان، ومعقل ضريح السيد الحسن اب جلابية!! فإذا كانت حكومة المؤتمر الوطني، قد زورت الإنتخابات، لتبعد الحزب الإتحادي الديمقراطي الاصل، عن مواقع السلطة، فهل يصدق عاقل أنها الآن ستمنحه هذه المواقع سهلة دون إنتخابات، لمجرد أظهار ان الحكومة قومية، وممثلة للشعب السوداني؟! لقد أغرى المؤتمر الوطني الميرغني بالمشاركة في الإنتخابات، ليعطيها شرعية، ثم ركله بالسطو على صناديق الإقتراع، ولم يتعظ الميرغني من تلك التجربة.. ولما كانت كل تجربة لا تورث حكمة تكرر نفسها، فإن الميرغني يدخل حكومة المؤتمر الوطني اليوم بحزبه، ليخرج المؤتمر الوطني من عزلته، ويؤكد للعالم زعمه الكاذب بانه يمثل الشعب، وأنه يشرك غيره معه في حكم البلاد.. وهذه خدعة كبرى، يمارسها شيخ الطائفة الختمية، مع دهاة المؤتمر الوطني، شعر بذلك أم لم يشعر.. وبعد ان يكتمل هذا الدور، سيقوم المؤتمر الوطني بركل الميرغني مرة أخرى، بعد ان يكون قد شاركه مسئولية جرائمه وفساده، ثم لم ينل شيئاً مما كان يحلم به من نفوذ أو مال، اشتراه بكل مصالح الشعب السوداني، وكل تاريخ حزبه، وهو يفقد مصداقيته كقائد ديني، وكزعيم سياسي يؤمن بالديمقراطية.
لقد باع السيد محمد عثمان الميرغني تاريخ حزب الشعب الديمقراطي، وتاريخ الحزب الوطني الإتحادي، وأساء الى سيرة شيخ علي عبد الرحمن، وسيرة الزعيم الازهري، بتحالفه مع نظام دكتاتوري غاشم، تفوق في السوء، على كل الدكتاتوريات السابقة، التي رفض قادة الحزب الإتحادي الديمقراطي التعامل معها. وما كان لراعي الطريقة الختمية، التي قامت علىّ قيم السماحة والسلم، ان يضع يده في أيدي تلطخت بدماء الابرياء، من ابناء شعبنا، في دارفور، وجنوب كردفان، والنيل الأزرق، ولا زالت تصر على تقتيلهم، ومنع الإغاثة عنهم، لو كان يرعى حرمة لإرثه الديني والأخلاقي، أو يدرك معنى لإرثه السياسي الوطني، الذي لم يلوث كما تلوث الآن.
ولابد لنا من الإشادة بالموقف الناصع، لشباب الحزب الإتحادي الديمقراطي، الذين هتفوا في حولية السيد علي الميرغني (لا وفاق مع النفاق)!! وضربوا، واعتقلوا، وطردوا من جنينة السيد علي، وهم يشهدون إجتماع حزبهم، ليقرر المشاركة.. كما انهم في الجامعات اصدروا بياناً يدين خضوع حزبهم، ودخوله في نظام المؤتمر الوطني!! ومن هؤلاء الشباب الذين صرحوا برفض المهزلة السيد محمد الحسن، نجل السيد محمد عثمان الميرغني، فقد جاء (وسبق وأعلن السيد محمد الحسن نجل الميرغني لن أشارك في حكومه حرب. لكي أحارب أهلي و شعبي ولن أتحمل أوزار 22 عاما من الفساد و الإستبداد وأوضح أن الهيئه القيادية للحزب الاتحادي الديمقراطي ليست الجهة المختصة بإصدار مثل هذه القرارات الكبيرة والتي تعتبر من صلاحيات المكتب السياسي المنتخب وحده. واشاد بدورشباب الحزب ونضالهم ضد المشاركه وناشدهم بمواصلة النضال ضدها بالحكمه والموضوعية)(المصدر السابق).
ألا يوافق السيد محمد عثمان الميرغني، نجله بأن حكومة الإنقاذ حكومة فساد واستبداد؟! ألا يوافق شباب الحزب، على ان المؤتمر الوطني مجموعة مردت على الغش والنفاق؟! فليسمع إذاً لأكثر المناصرين للنظام، حين انطقه الله الذي أنطق كل شئ!! يقول الطيب مصطفى صاحب صحيفة الإنتباهة (عدة أسئلة تنبثق من هذه الأمثلة التي أضربُها لأبيِّن أن الحزب الحاكم يُمسك بتلابيب البلاد ويضيِّق الخناق على الممارسة السياسية وعلى الرأي الحُر ولذلك تجد كثيرين يقولون لك نحن معك لكننا لا نستطيع أن نجهر برأينا بفقه «الصلاة خلف علي أقوم لكن مائدة معاوية أدسم» بكل ما ينطوي عليه ذلك من تفشٍ لظاهرة النفاق الذي ذُمَّ في القرآن!!)(الإنتباهة 27/11/2011م). أم يظن الميرغني أن اعضاء حزبه حين يدخلون حكومة المؤتمر الوطني سيسمح لهم بأي رأي مخالف فليسمع إذاً (أقول إن وظيفة المدير لهيئة حكومية أو غير ذلك من تلك التي يصدر القرار بشأنها من السلطة التنفيذية لا يُعيَّن فيها إلا من بوابة الولاء السياسي باعتبارها وظيفة تابعة للحزب الحاكم وليست وظيفة تتبع لوطن يُسمَّى السودان بعد أن أصبح السودان مملوكاً للحزب الحاكم أو كاد)(المصدر السابق). وإذا كان إنعدام الحريات في ظل هذا النظام يراه ويعبر عنه الطيب مصطفى بقوله (ثمة أمر آخر.. هل المواطنون أحرار في أن يعبِّروا عن آرائهم أو في الانخراط في نشاط سياسي خارج مظلة المؤتمر الوطني؟! لكي أكون أكثر تحديداً هل يأمن موظف الدولة أو حتى موظف القطاع الخاص سواء كان خاضعًا بصورة من الصور لسلطان الدولة أو غير ذلك.. هل يأمن مكر من يرصدون حركة الناس ونشاطهم السياسي ويطمئنّ أنه لن يفقد وظيفته بسبب انتمائه لحزب آخر غير الحزب القابض على خناق الدولة والحكم في البلاد؟)(المصدر السابق) فهل يمكن ان يكون غائباً على السيد محمد عثمان الميرغني؟!
إن ما فعله السيد محمد عثمان الميرغني، والذين وافقوه من اعضاء حزبه على الدخول في حكومة المؤتمر الوطني، جريمة نكراء، لن تقسم الحزب المنقسم أصلاً فحسب، بل ستساعد نظام الإنقاذ الذي كان يعاني من العزلة، ويلهث وراء الشرعية، على تمديد عمر الحروب، وتقسيم بقية الوطن بعد ان ضحى بالجنوب.
أما السيد الصادق المهدي، فقد عرف بالتردد، واشتهر بالتذبذب في علاقته مع نظام الإنقاذ، الذي أنقلب على حكومته.. فهو قد خرج من السودان لاحقاً بالمعارضة خارجياً في مسرحية (تهتدون)، ثم بعد ان إنضم للتجمع الوطني الديمقراطي، ترك المعارضة على أشدها، وقابل البشير في جيبوتي، وفرح بوعوده، وكان قد اشاد بحكومة الإنقاذ، فقال (هذه أول مرة يقبل فيها نظام شمولي الآخر، ويقبل الحوار الجاد والتعددية السياسية ويقبل ان المصير السوداني ليس حكرا على حزب السلطة، وانما للسودانيين كلهم، صحيح هناك نكسات وهناك معايير مختلفة، وخطاب مضطرب، ولكن في جوهر الامر اعتقد ان الموقف الآن هو ان الحكومة والمعارضة يقبلان مبدأ ان يكون المصير السوداني متفاوضا عليه بين القوى السودانية الحاكمة وغير الحاكمة بصورة سلمية، وانا أعتقد ان هذه اول مرة في التاريخ يحدث فيها هذا النوع من التحول، صحيح حدثت في عهد نميري المصالحة الوطنية، ولكن كان واضحا منذ البداية ان نميري كان الحاكم بأمره، وكان يريد ان يجعل المصالحة وسيلة لدفع المعارضة للانخراط في النظام، وعندما تبينا ذلك تركناه وأستأنفنا المعارضة ضده، اعتقد ان نظام الانقاذ الحالي ليس فيه هذا النوع من الانفراد بالسلطة أو لدى أي واحد من قادته..)؟! (جريدة البيان 31/10/2001م). وحين ادرك ان النظام خدعه قال (المؤتمر الوطني وحكومته ظلا أسيران لشعارات فارغة ربطت الاسلام بالدكتاتورية والقهر والنهب)!! (بيان السيد الصادق للشعب السوداني: سودانايل 7/6/2004م). وبعد ذلك اضطربت مواقفه بين المعارضة والتقارب مع الحكومة، حتى وقع مع المؤتمر الوطني إتفاق التراضي الوطني، الذي جاء في مقدمة وثيقته (إدراكاً من الحزبين لأهمية الحوار بوصفه الوسيلة الفعالة في معالجة القضايا والمشكلات الوطنية....واستلهاماً لتطلعات الشعب السوداني في التحول الديمقراطي والسلام العادل الشامل..... وسعياً نحو حشد الطاقات وتكامل القدرات للارتقاء بالوطن نحو آفاق الحرية والديمقراطية والشورى والسلام والعدالة والتنمية والاستقرار والكرامة والرخاء والعيش الكريم انعقدت اللجنة المشتركة بين الحزبين وعقدت ستة عشر اجتماعاً امتدت لعدة أشهر...) (السوداني 21/5/2008م). ورغم ان شباب من حزب الأمة قد إعترضوا على الإتفاق، مضى فيه السيد الصادق، وحين فشل، حمل مسؤولية الفشل للمؤتمر الوطني، ورجع الى قواعده في المعارضة سالماً!! فالتحق بتحالف جوبا، وفتح داره لنشاط المعارضة!! وحين علا صوت المعارضة، تراجع عنها، وقال (ان البشير جلدنا وما نجره بالشوك)!! ومباشرة بعد الإعتداء الآثم على د. مريم الصادق المهدي، وكسر يدها بواسطة رجال الأمن، في مسيرة إحتجاجية على ظلم النظام، إجتمع السيد الصادق بالسيد رئيس الجمهورية، يناقش معه، أسس التوافق بين حزبه والحكومة!!
وحين عرضت الحكومة، وهي في عزلتها الاخيرة، على حزب الأمة المشاركة، وأغرته بمختلف الحقائب الوزارية، كان رأي السيد الصادق الدخول، ولكن المعارضة القوية، التي قادها شباب الحزب، والرجوع بالقرار لقواعد الحزب، حال دون الدخول الرسمي للحزب، وهذه ميزة على الحزب الإتحادي الديمقراطي.. ولكن السيد عبد الرحمن الصادق نجل السيد الصادق، إلتحق بالحكومة، وهو عضو مرموق في الحزب، وكان قائداً لجناحه العسكري. ولقد حاول السيد الصادق تبرير هذه المقاربة بين عناصر من الحزب والحكومة، بأن السيد عبد الرحمن قد أعيد الى الخدمة، مثله مثل المحالين للصالح العام الذين أرجعوا!! ولكن السيد عبد الرحمن لم يرجع الى وظيفته السابقة في القوات المسلحة، وإنما عين في منصب دستوري رفيع، فقد جاء ("سونا" أصدر المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية اليوم مرسوما جمهوريا بتعيين السادة الآتية أسماؤهم مساعدين لرئيس الجمهورية وهم:
السيد د. نافع على نافع
السيد موسى محمد أحمد
السيد د. جلال يوسف الدقير
السيد عبدالرحمن الصادق الصديق المهدي
السيد جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني)(الراكوبة 29 نوفمبر 2011م).
وهكذا أصبح السيد عبد الرحمن الصادق مثل د. نافع علي نافع!! وهذا ما اعترض عليه شباب حزب الأمة، في بيان لهم، جاء فيه (أولا: نؤكد رفضنا التام لتبرير دخول عبدالرحمن الصادق لأى من أجهزة المؤتمر الوطنى ولا يمكن بدخول عبدالرحمن ان تكتسب قوميتها بل المقصود بدخوله تجريم حزب الأمة القومي.
ثانيا: نتبرأ من عبدالرحمن الصادق حال اصبح جزء من الَه الحرب التي تطحن اهلنا في دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة. علماً بان ال المهدي جزء منهم من شارك في الانظمة الشمولية المختلفة ولكن خصوصية عبد الرحمن الصادق يأذها من كونه ابن رئيس الحزب الذي انقلبت الانقاذ علي حكمه الديمقراطي.
ثالثا: ان العميد عبد الرحمن الصادق له تحالف راسخ مع صديق محمد اسماعيل الامين العام بغرض جر الحزب للمشاركة مع المؤتمر الوطني وقد تحملنا كون للمؤتمر الوطني داخل حزبنا نافذة وباب مثل الاولي عبد الرحمن والثانية صديق ولكن دخول عبد الرحمن يؤكد ان جداراً كاملاً قد انهد بين الحزبين مما يجعلنا ضيوفاً ثقلاء علي اصحاب الدار.
رابعا: إن حالة السيولة الافقية والرأسية التي تعيشها مؤسسات الحزب لايمكن الخروج منها الا بقيام الهيئة المركزية ولم الشمل الحزبي.
خامساً: نجدد تأكيدنا ان لا مخرج من ازمات البلاد الا بتغيير هذا النظام وان اسلوب الترقيع لن يساهم في اطالة عمر النظام بل يمدد ازمة الوطن.. عاش حزب ألأمة القومي وعاشت جماهير ألأنصار
كوادر وشباب حزب ألأمة القومى 26/11/2011م)
وكما اشدنا بشباب الإتحادي الديمقراطي، نشيد بشباب حزب الأمة، ووضوح رؤيتهم، وصلابة موقفهم.. إن هذه الكوادر في الحزبين، هي الأمل في الاصلاح الحقيقي، وحركتها لا تزال مستمرة، يضاف اليها عدد كل يوم، تعبر عنها مواقف، واستقالات، وبيانات هنا وهناك.
وإذا كان ابن رئيس الحزب، مساعد لرئيس الجمهورية، ولم يتبرأ والده من فعلته، بل قال ان هذا تصرف فردي، فإن هذه إشارة لاعضاء الحزب ليلحقوا بالنظام من منطلقات فردية!! ولقد كان اجدر بالسيد الصادق المهدي، لو كان رجل مبادئ، وهو يرى ان نظام المؤتمر الوطني، بؤرة فساد، وتقتيل للشعب، ووأد للديمقراطية، لا يحب لحزبه ان يتلوث بالدخول فيها، ان يحب لولده ما أحب لنفسه وحزبه!! ولقد حاول السيد عبد الرحمن، ان يعفي والده والحزب من الحرج، فاصدر بيانا جاء فيه (لقد كنت كما هو معلوم في خلاف فكري وسياسي مع الحكم القائم، وقدت المعارضة المسلحة ضده كأمير لجيش الأمة للتحرير الجناح العسكري لحزب الأمة القومي، ولكن منذ عودتي في 2000م صرت أرى ضرورة التعاون معه من أجل المصلحة الوطنية العليا. وفي 19 يوليو 2010م، تمت إعادتي للقوات المسلحة التي كنت قد فصلت منها تعسفيا، وتقدمت باستقالتي من جميع مناصبي بحزب الأمة القومي كمساعد للرئيس وعضو بالمكتب السياسي للحزب إنني في موقعي الحالي لا أمثل حزبا ولا أمثل والدي الإمام الصادق المهدي الذي أعلن وحزب الأمة موقفهما المؤسسي، ولكنني أمثل شخصي وقناعاتي، ومجهودي، واجتهادي الذي أقدمه لوطني وأنا أطمع في الأجرين لو أصبت وفي الأجر الواحد إن أخطأت.
وبالله التوفيق وعليه التكلان
العقيد ركن/ عبد الرحمن الصادق المهدي
الخرطوم في 30 نوفمبر 2011م)(الراكوبة 30/11م2011م)
ولكن السؤال هو: ما الذي جد في النظام، حتى يتحول السيد عبد الرحمن من المعارضة المسلحة الى مساعد للرئيس؟! وما دام السيد عبد الرحمن قد دخل حلبة السياسة، بهذا المنصب، ولم يعد مجرد ضابط في الجيش، فليحدثنا كيف يرجو ان يصيب أجراً وهو يساعد في نظام لم يتوقف من قصف شعبه المدني الأعزل بالطائرات؟! نظام يبيع مشروع الجزيرة ويشرد أهله، ويقيم السدود فيشرد سكان الشمال وهاهم منذ أيام معتصمون أمام حكومة الولاية بالدامر.. نظام شهد مراجعه العام وشهد المدافعون عنه أمثال الطيب مصطفى بأن غارق في الفساد حتى أذنيه.
لقد خذل زعماء الطائفية، الشعب السوداني أكبر خذلان، بموقفهما تجاه حكومة المؤتمر الوطني، وقدما مصالحهما الحزبية الضيقة، علىٰ مصلحة الشعبي السوداني، واضاعا بذلك تاريخاً تليداً لحزبيهما.. وسوف يستفيد المؤتمر الوطني من مشاركتهما، ويسعى ليتكئ عليها ليطيل بها عمره، ويقوي من نفوذه وبطشه بخصومه، حين يضمن ان الحزبين لن يحتجا على المزيد من الكبت والإرهاب، ما داما مشاركين بصورة أو أخرى في السلطة، التي تمارس القمع. ولكن عزيمة الشعوب لا يقهرها تراجع المتراجعون، ولا تخاذل المتخاذلون، والثورات لا يقوم بها زعماء الأحزاب التقليدية، وإنما الشباب الذي يزلزل الأرض من تحت أرجلهم.. أما الشعب السوداني الكريم، الصابر على معاناته، فإنه بعين ربه، وسينصره بإذنه النصر العزيز.
د. عمر القراي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.