برلين - كاترين وولف - يهوى السكان المحليون في العاصمة الألمانية برلين إطلاق أسماء من ابتكارهم على المعالم المعمارية بالمدينة، وفي مرات كثيرة يكون شكل البناء المعماري هو الذي يلهمهم بالاسم. وعلى سبيل المثال يطلقون على مبنى المستشارية وهو مقر مجلس الوزراء إسم " آلة الغسيل "، وعلى مبنى دار الثقافات العالمية " المحار الحامل " وعلى مبنى المكتبة القديمة " الخزانة ". ويشير شرطي إلى الطريق المؤدي إلى " همبولت بوكس " وهو مبنى مؤقت على شكل فسطاط يقع في قلب القطاع التاريخي من برلين ويقول " آه، أنت تعني الشيء الخيالي " ، وبعد بضعة أشهر من بنائه أصبح يطلق عليه اسم " الطبق الطائر "، وهذا المبنى ذي الأضلاع الثمانية والذي يلفت النظر بتصميمه على غرار فن طي الورق الياباني عبارة عن معرض مؤقت ومكان لإقامة الفعاليات. ويقع مبنى " همبولت بوكس " الذي يبلغ ارتفاعه 28 مترا مكان موقع القصر الذي كان يقيم فيه في الماضي ملوك وأباطرة بروسيا، والهدف من تشييد هذا المبنى هو الترويج لإعادة بناء قصر مدينة برلين والمساعدة على جمع التبرعات لتمويل هذا المشروع. وفي القاعة التي تواجه المدخل في مبنى " همبولت بوكس " يوجد نموذج مصنوع من الكرتون يحاكي تصميم القصر وسط المناطق التي كانت محيطة به عام 1900 أي قبل خمسين عاما قبل تعرضه للتدمير، ويظهر النموذج القصر الشهير بواجهاته المنمقة والذي يقع على نهر إسبري بينما يظهر في الخلفية متحف إيسلاند، ويزود المرشدون المتطوعون الزوار بمعلومات تفصيلية عن القصر القديم وخطط إعادة تشييده. ويظهر النموذج كيف تم تشييد المباني التاريخية التي تحيط القلعة بشكل متناسق معها وبالتالي تتشكل منظومة متناغمة، وتعد هذه إحدى الحجج الأكثر أهمية بالنسبة للمنادين بإعادة بناء قصر المدينة، وفي هذا الصدد يقول جيرد هنريش مديرشركة ميجابوستر التي شيدت مبنى " همبولت بوكس" إن إعادة بناء القصر هو " النتيجة المنطقية لاستكمال متحف إيسلاند ". ويضيف هنريش إنه يجب إعادة المركز التاريخي للمدينة وينبغي أن يكون هناك مجال للتحديث غير أنه يتعين استكمال المركز. وكان الشيوعيون في دولة ألمانياالشرقية قد نسفوا قصر المدينة بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية وشيدوا مكانه قصر الجمهورية الذي أصبح مقرا للبرلمان الألماني الشرقي، وكان المبنى يتسم بملامح معمارية أهمها نوافذ ذات مرايا برونزية، وبعد انهيار الشيوعية تم هدم قصر الجمهورية. وفي عام 2002 وافقت الحكومة الألمانية الفيدرالية على إعادة تشييد قصر مدينة برلين، وتقدر تكاليف هذا المشروع 670 مليون يورو، وسيتم جمع 80 مليون يورو منها عن طريق الجهود الخاصة لإعادة بناء واجهات القصر. ويوضح هنريش وهو عضو لجنة جمع الاعتمادات المالية والتي يوجد مكتبها خلف مبنى " الطبق الطائر " ببرلين أنه كان من المفترض أن يشمل التصميم على عنصر تحريضي، ويقول إن هدفنا هو اجتذاب الناس وإثارة فضولهم. وبعد اجتذاب الزوار للدخول يتم تشجيعهم على ترك تبرعات في الطابق الأول من مركز المعلومات، ويوجد بالمركز متطوعون مثل إلين فيتير وهو صيدلي متقاعد لمساعدة المانحين الذين يمكن أن يضعوا نقودا داخل آلة تخرج تذاكر لهم، وهذه الآلة تخرج وصلا لكل مبلغ يدفع اعتبارا من عشرة سنتات فما فوق، والأشخاص الذين يتبرعون بمبالغ تزيد عن عشرة يورو يحصلون على شهادة. ويمكن للزائر أن " يشتري " حجرا من القصر بحوالي 250 يورو أو قطعة تزيين يتراوح سعرها بين 250 ر1 يورو إلى 200 ر655 يورو لبوابة حديدية مزخرفة، ويقول هنريش إن المركز اجتذب كثيرا من الزوار منذ افتتاحه في 29 حزيران/يونيو الماضي حيث وصل عدد الزوار إلى نحو مئة ألف خلال الأيام الخمسين الأولى وحدها، وتم جمع قرابة 16 مليون يورو منذ عام 2004. ومن المقرر إدخال بهو حديث في القصر الجديد وأن يستضيف عدة متاحف ومعارض، وهذه المساحة سيطلق عليها اسم " همبولت فورام "، ويمكن للزوار أن يلقوا نظرة أولية في مبنى " همبولت بوكس " على الشكل المستقبلي للمعارض التي ستقام وتتبع مفهوما حديثا، وفي الطابق الخامس يتيح مقهى في الشرفة منظرا رائعا لبرلين ، ويمكن للزوار أن يشاهدوا أعمال البناء بينما يحتسون قدحا من القهوة. وسيظل مبنى " همبولت بوكس " قائما حتى تتم أعمال التجديد عام 2019، وبعد ذلك سيحلق " طبق الفضاء " في الجو مرة أخرى مغادرا المكان تاركا وراءه المباني التاريخية فقط.