«البريداتور» أيقونة حروب المستقبل أبراهام كريم مخترع طائرات «درون» مع نموذج قديم لطائرة من دون طيار (واشنطن بوست) واشنطن: بيتر فين في عام 1980، عاد أبراهام كريم، المهندس الذي كان قد هاجر من إسرائيل إلى ورشته التي تضم 3 سيارات في هاسيندا هايتس، خارج لوس أنجليس، وعلى نحو أدهش زوجته الصبور، بدأ في تصنيع طائرة. وحينما انتهى كريم من العمل بعد أكثر من عام، نقل إلى أحد الممرات نموذج الطائرة الغريب، المتخذ شكل سيجارة، الذي كان من المفترض أن يغير الطريقة التي تشن بها الولاياتالمتحدة الحروب. تم نقل طائرة الباتروس، مثلما أطلق عليها، إلى «داغ واي بروفينغ غراوند» في يوتا؛ حيث أظهرت قدرة على البقاء على مسافة مرتفعة لنحو 56 ساعة، وهي فترة طويلة جدا في عالم كان يشتهر وقتها بالطائرات من دون طيار المعرضة للتحطم. بعد 3 محاولات وأكثر من 10 أعوام من التطويرات، أصبحت طائرة كريم، ذات المظهر المتواضع التي تطير من دون طيار، هي طائرة «البريداتور»، تلك الطائرة التي تطير لمسافة بعيدة ويمكنها التحليق أعلى العدو لما يقرب من يوم قبل أن يطلق المراقبون الموجودون على بعد آلاف الأميال في جنوب غربي الولاياتالمتحدة قذائف «هيل فاير» نحو الأهداف التي يشاهدونها على شاشات الفيديو. ولقد أدى ظهور الطائرات من دون طيار، المقاتلة والخاصة بعمليات المراقبة كأنواع جديدة من الأسلحة في الحروب في العراق وأفغانستان وفي عمليات مكافحة الإرهاب في دول مثل باكستان واليمن، إلى نشأة صناعة يقدر رأسمالها بمليارات الدولارات، تركز معظمها في جنوب كاليفورنيا، التي كانت من قبل مركز الطيران العسكري في الحرب الباردة. على مدار السنوات العشر المقبلة، يخطط البنتاغون لشراء ما يزيد على 700 طائرة تتنوع بين طائرات متوسطة وضخمة الحجم بتكلفة تقدر بنحو 40 مليار دولار، بحسب دراسة لمكتب الميزانية التابع للكونغرس. وسوف يتم وضع آلاف من الطائرات المصغرة في حقائب ظهر الجنود، بحيث يمكنهم إطلاقها باليد في دقائق لاستطلاع أحد المواقع أو قذف قوات العدو. ويكمن أصل هذا القطاع المتنامي في الإصرار غير الملحوظ في المعتاد للحالمين في مجال الهندسة، الذين تخصصوا في تكنولوجيا الطيران من دون طيار في الوقت الذي لم تكن فيه المؤسسة العسكرية ومعظم المتعهدين الرئيسيين في مجال الدفاع مهتمين بدرجة كبيرة، إن اهتموا بالأساس، بهذه التكنولوجيا. عادة ما كان يدعم مبتكرين، على غرار كريم، منحٌ من وكالة مشاريع أبحاث الدفاع المتقدمة (دي إيه آر بي إيه) ومجموعة من الهيئات التي آمنت بهم منذ البداية، من بينها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه). وقال كريم إنه قد تخيل طائراته تشارك في «معركة تكتيكية مع حلف وارسو، سواء أكان ذلك على سهول ألمانيا أم كجزء من قواتنا البحرية». تعين عليه بيع شركته، ومعها النموذج الأولي من طائرة «البريداتور»، قبل أن تصبح أيقونة نوع جديد من الحروب بفترة طويلة. «لم أتخيل انهيار الاتحاد السوفياتي واندلاع حرب مع أعداء غير ممثلين في دول»، هذا ما قاله كريم، مهندس الطائرات الذي خدم لمدة 9 سنوات في القوات الجوية الإسرائيلية قبل أن يستقر في الولاياتالمتحدة عام 1977. في العقد الماضي، أصبحت الطائرات من دون طيار جزءا لا يتجزأ من النظام العسكري الأميركي، بدرجة كبيرة جدا، إلى حد أنه من الصعب تذكر كيف كانت تلعب دورا هامشيا في ما مضى. كان لدى الجيش أقل من 200 طائرة من دون طيار قبل يوم من وقوع هجمات 11 سبتمبر (أيلول)؛ واليوم، لديها أكثر من 7000 طائرة منها، بما فيها الطائرات المصغرة. قبل وقوع هجمات 11 سبتمبر، لم تكن الطائرات من دون طيار «على خارطة الطريق»، هذا ما قاله تيم كونفر، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «إيرو فيرونمنت»، التي تصنع طائرات مراقبة من دون طيار للجيش. وأضاف: «لم يكن هناك شيء قالت (وزارة الدفاع) عنه: (نحتاج هذا. لنبنِ برنامجا لتصنيع الطائرات من دون طيار)». قبل عام 2001، باعت شركة «إيرو فيرونمنت»، من خلال عدد من العقود الصغيرة، طائرة من دون طيار تحمل اسم «بوينتر» بأعداد صغيرة للجيش. قال كونفر: «حقيقة، لم يستخدمها أحد مطلقا». منذ غزو أفغانستان، باعت الشركة للجيش آلاف الطائرات من دون طيار صغيرة الحجم. وقد شهدت الشركات التي تقوم بتصميم وتصنيع طائرات من دون طيار نموا هائلا لا يظهر أي إشارات دالة على بطء في النمو، حتى مع انتهاء الحرب في العراق والانسحاب المنتظر للقوات الأميركية من أفغانستان. تعتبر تلك التكنولوجيا أقل تكلفة بشكل كبير من تكنولوجيا الطائرات التقليدية، كما تزداد استخداماتها الممكنة، مع زيادة سرعة الطائرات وإنتاج طائرات الشبح من دون طيار. وتقدر شركة «تيل غروب»، وهي شركة متخصصة في تحليل سوق «فير فاكس»، أنه سينفَق مبلغ تقدر قيمته بنحو 100 مليار دولار على المستوى العالمي على الطائرات من دون طيار في الفترة من الآن وحتى عام 2019. «لقد تمت تلبية الاحتياجات لطائرات من دون طيار»، هذا ما قاله فيل فينيغان، مدير تحليل الصناعة بشركة «تيل غروب». «الجيش يرغب في عدد أكبر من هذه الطائرات. وعلى مستوى العالم، تستخدم هذه الطائرات على نطاق محدود، لكن جيوش الدول الأجنبية قد شهدت النجاح التي حققته هذه الطائرات في العراق وأفغانستان، وترغب في الحصول عليها». لقد شهد ظهور الطائرات من دون طيار انتعاشا محدودا بالنسبة لجنوب ولاية كاليفورنيا؛ حيث قد تقلصت صناعة الطائرات بشكل مؤلم خلال العقدين الماضيين. ويعمل نحو 10.000 من سكان الولاية بشكل مباشر في قطاع الطائرات من دون طيار. ولدواعٍ متعلقة بالأمن القومي، تظل معظم سلسلة الإمداد بالداخل، بما يولد وظائف بين المتعاقدين والمتعاقدين الفرعيين. تقع شركة «جنرال أوتوميكس إيرونوتيكال سيستمز»، التي تقوم بتصنيع طائرة «البريداتور» والجيل التالي من الطائرة من دون طيار «ريبر»، في بوواي، شمال سان دييغو. وتوجد شركة «إيرو فيرونمنت»، التي تصنع مجموعة من الطائرات المصغرة التي تحمل على الظهر، مثل «رافين» و«واسب»، في سيمي فالي. وتجري شركة «نورثروب غرومان» اختبارات لطائرة «إكس 47 بي»، وهي طراز من الطائرات من دون طيار القتالية المعتمدة على حاملة طائرات، لحساب القوات البحرية في بالم دايل. ويعتقد أن طائرة «آر كيو 170»، الطائرة الشبح من دون طيار التي تصنعها شركة «لوكهيد مارتين» ويستخدمها كل من الجيش و«سي آي إيه»، قد خرجت من المنشأة المصنفة التي تتبع الشركة والتي تحمل اسم «ذي شانك ووركس»، الكائنة أيضا في بالم دايل بالقرب من قاعدة القوات الجوية «إدواردز». في منتصف السبعينات من القرن العشرين، احتاج بول ماك كريدي، مهندس الطائرات وأول أميركي يصبح بطلا عالميا في الطيران غير الموجه، إلى أموال بسرعة لسداد قيمة قرض معدوم. وقرر ماك كريدي، مؤسس شركة «إيرو فيرونمنت»، وفريق من المهندسين بالشركة، الحصول على جائزة «كريمر»، وهي جائزة تمنح لتحقيق تحدٍّ لم يحققه أحد لمدة 20 عاما: طائرة تعمل بالطاقة البشرية قادرة على الطيران حول علامتين على بعد نصف ميل. وفي عام 1977، حصلت طائرة ماك كريدي (غوسامر كوندور)، التي قادها بريان ألين، على الجائزة، التي بلغت قيمتها وقتها نحو 100.000 دولار. وبعد عامين، قاد ألين طرازا آخر من الطائرة عبر القناة الإنجليزية. «لديك هؤلاء الأفراد أصحاب المهارات الفائقة المنجذبون لشيء بدرجة كبيرة»، هذا ما قاله كونفر. وأضاف: «كل الطائرات كانت خفيفة بشكل استثنائي. وجميعها ركزت على أشياء لم يتم القيام بها من قبل». * خدمة «واشنطن بوست»