عيد الأضحية الماضى،بينما يقف مهندس عائد من بلاد الغربة يتأبط يمين زوجته الآسيوية بإحدى قرى نهر النيل فى حفل يخص أحد أقربائه،وما إن ارتفع صوت المغنى فى حماسة بإيقاع السيرة والعرضة ،حتى تخلص بضع شباب من جلابيبهم وتركوا للعريس ظهورهم يلهبها بالسياط فأسال الدم ركبا،الآسيوية تخلصت من يد زوجها فى وسط الدارة وكبست احد الحيشان القريبة وهى ترتعش فى رعب لم تتخلص منه بعدما شاهدت منظر السياط يحدث دروبا فى الظهور التى غيب إحساسها الطرب، ولم تشفع ترجمات زوجها لها بان هذه عادة اجتماعية متبعة منذ المملكة السنارية التى يعود تاريخ البطان والضرب طربا لها، وإنه جرتق للعريس وواجب على ذمرته وعشيرته الأقربين، وإنه وإنه، لم تتخلص من رعبها حتى أعيدت للخرطوم بعد يوم من العرس الذى شهدت بطانه. مساء الاثنين الماضي وفى ذات الخرطوم التى لجأت اليها الآسيوية فزعا من البطان،شهد النادى العائلى بالخرطوم ليلة لغنا ء الحماسة نظمها أبناء نهر النيل بالعاصمة، حضر محجوب كبوشية بطبوله وبايقاعاته الحماسية، فكان البطان حاضرا، ولما كانت الدعوة عامة فقد كان بين الحضور أوربيون هالهم ماشهدوا من سيطان البطان،فاحتمت شابة اوربية بكرسيها وتقرفصت غير لاوية على طمأنينة،استمر البطان ولم ينتزع المطمئنون هدوءا من الاوربية،فأوشك لون فزعها ان يستقى شيئا من ثيابها الزرقاء، بينما الجلابيب البيضاء مربوطة فى وسط الذين أرادوا البطان لبسوا الدماء عوضا عن الثياب. اختصاصية علم الاجتماع سولى ابوبكر ترى ان البطانة عادة قديمة تمارس لإبراز الشجاعة والفروسية بتحمل الأذى وتعذيب الذات،ويصفه حسن الامين من نهر النيل بانه عبارة عن إلماح بإعجاب بحسناء تتحمل دون ودها السياط غير جرتقة العريس،فهذا سبب آخر، وظهر معه فى المناسبات (الشبال) من الحسناوات الراقصات كعادة ما زالت منتشرة فى القرى شمالا ووسطا، وهناك مقولة (الشبال بي شرو) اى من يرد أخذه عليه ان يلهب ظهره بالسياط، واصفا ان البطان يتخذ صاحبه من الوقوف فى اتجاهات القبلة الاربعة كل مرة فى الدارة (مكان الرقص) وكل مرة ياخد ليهو سوطين..وعليه ان يتحمل أذى السياط لاسبوع إذ تحدث جروحا غائرة ،ربما تضطر للذهاب لمعالجتها فى المستشفى ولكن سرا حتى لا يشيلوا حالك،وعلق على فزع الاجانب من الظاهرة بانها غير متوافرة عندهم ولا فى بالهم ،فطالما ان العقوبة عندهم لا تحث على الجلد بالسياط فكيف يكون ذلك فى فرح وعرس..لهم فزعهم ولنا بطاننا الذى لا نتخلى عنه.مؤكدا انه موروث وتقليد لن تحول عنه التحولات العصرية. الراي العام