اللاعبين الأعلى دخلًا بالعالم.. من جاء في القائمة؟    جبريل : مرحباً بأموال الإستثمار الاجنبي في قطاع الصناعة بالسودان    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    بعد رحلة شاقة "بورتسودان.. الدوحة ثم الرباط ونهاية بالخميسات"..بعثة منتخب الشباب تحط رحالها في منتجع ضاية الرومي بالخميسات    على هامش مشاركته في عمومية الفيفا ببانكوك..وفد الاتحاد السوداني ينخرط في اجتماعات متواصلة مع مكاتب الفيفا    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    شاهد بالفيديو.. الرجل السودني الذي ظهر في مقطع مع الراقصة آية أفرو وهو يتغزل فيها يشكو من سخرية الجمهور : (ما تعرضت له من هجوم لم يتعرض له أهل بغداد في زمن التتار)    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان أحمد محمد عوض يتغزل في الحسناء المصرية العاشقة للفن السوداني (زولتنا وحبيبتنا وبنحبها جداً) وساخرون: (انبراش قدام النور والجمهور)    الخارجية تنفي تصريحا بعدم منحها تأشيرة للمبعوث    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    مناوي: وصلتنا اخبار أكيدة ان قيادة مليشات الدعم السريع قامت بإطلاق استنفار جديد لاجتياح الفاشر ونهبها    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    مانشستر يونايتد يهزم نيوكاسل ليعزز آماله في التأهل لبطولة أوروبية    مطار دنقلا.. مناشدة عاجلة إلى رئيس مجلس السيادة    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    بعد حريق.. هبوط اضطراري لطائرة ركاب متجهة إلى السعودية    نهضة بركان من صنع نجومية لفلوران!!؟؟    واشنطن تعلن فرض عقوبات على قائدين بالدعم السريع.. من هما؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: لابد من تفعيل آليات وقف القتال في السودان    الكشف عن شرط مورينيو للتدريب في السعودية    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    رسميا.. كأس العرب في قطر    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    عالم آثار: التاريخ والعلم لم يثبتا أن الله كلم موسى في سيناء    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخروج للبحر :الدنيا لونها...(وردي)
نشر في الراكوبة يوم 20 - 02 - 2012

في بلدتنا يستعيض الفقراء عن (الخبز) عندما يكون غير متاح إلا للأغنياء ..بأغينة (المستحيل) يملأون بطونهم ب (لو بي إيدي كنت طوعت الليالي)... وتُملأ باقات عرب البدو في البادية ب (جميلة ومستحيلة) عندما يخلف (الخريف) وعده.
ويستبدل (السكر) في أطراف السودان ونواحيها القصيّة إذا عزّ الحصول عليه ب (الطير المهاجر).. (كان تعب منك جناح في السرعة زيد).. ونختلف عاطفيا ب (بعد ايه).. وترجع المياه إلى مجاريها الطبيعية ب (لو بالصد أبيتني ولو بالنار صليتني لا لا أنا ما بنساك).
مازال طلاب المدارس في (جبيت وجوبا وعطبرة وبارا وتمبول) يقيدون على أغلفة كراساتهم الدراسية (الحزن القديم).
وتمشي معاي
خُطانا الإلفَةْ والوحشَةْ
وتمشي معاي... وتْرُوحي
وتمشي معاي وسط روحي
ولا البلْقاهو بِعْرِفني
ولا بعرِف معاكْ ..روحي
أحسب أن (المولود) في السودان يخرج إلى هذا الدنيا صارخا ...فتكون أول صرخاته وهو جنينا (لو بهمسة).. ثم يغدو الجنين طفلا فينشأ ب (نور العين) ..فيصبح الطفل صبيا يقوي عوده مساسقة ب (سواة العاصفة في ساق الشتيل الني)... ثم يصبح غلاما يتوقف عند (بناديها) حتى يصبح (فتى) تصحى فيه (يقظة شعب) ثم يمسي كهلا يتوكأ على (المرسال)... فشيخا يسترجع ذكرى (الناس القيافة).. هكذا هو الفنان محمد وردي اصحطبنا في كل مراحل العمر، ودخل إلى غرف قلوبنا المغلقة ..وجمل عاطفتنا المسكوت عنها وأصبح ناطقا رسميا باسم الحب يشارك العصافير الشدو الجميل.
محمد عثمان وردي يسكن في هذه النواحي من القلب ...حيث (أخادع نفسي بي حبك وأمنيها)... منحنا ذاك (الأمل).. ووصل بنا في نهاية المطاف إلى (حققنا أحلامنا والعاشق عقباله).
مثلما ثبتت ملامح الزول السوداني على (عيون عسلية ولون أسمر وقامة مربوعة) ...كانت أيضا ملامح الزول السوداني من حيث الحس والشعور متمثلة في (الحنين يا فؤادي ليه يعاديك ما بتعادي).
هذا محمد وردي نخرج معه في هذا المساء وهو يمثل (النيل) شموخا ..كأنه يمنح ذاك النهر الخالد (لحن الخلود).
نحن كنا نكتب في كل الكراسات التي ندون فيها حوارات آخر السنة.. هذا المنوال.
الاسم : سين من الناس.
العمر: الأعمار بيد الله.
الهواية: الاطلاع.
الأمنية : أن يكون السودان موحداً.
الفنان المفضل: محمد وردي.
الإجابات كانت تختلف في الاسم من طالب إلى طالب، وكانت تختلف الاجابات في العمر وفي الهواية وفي الامنية ..لكن كل الإجابات من نمولي إلى حلفا كانت تلتقي في (محمد وردي) عندما يكون السؤال عن (الفنان المفضل).
هذا محمد وردي ..يمنح صباحاتنا المزيد من الألق.
+++++++++++++++++++
(1)
(صواردة) تلك الجزيرة التي تقع في أقاصي الشمال؛ ذات طبيعة خلابة ..نخيلها غير كل النخيل في السودان يرقص فقط عندما يغني محمد وردي.. وبيوتهم من طين مازال الحنين يسكنها، والقمر يضع ضوءه على البيوتات في عناق يجعل النخيل أكثر طولا ...من تلك المنطقة خرج محمد عثمان وردي وسط مكونات فنية كانت دعامة له ...وكانت سنده في أن يصل إلى تلك الحدود من (العبقرية) الفنية.
عندما رحل خليل فرح في عام 1932 ولد الفنان محمد وردي ..كأن الأقدار أرادت أن تقول لنا (هذا خير خلف لخير سلف) ...وخليل خرج من جزيرة (صاي) وهي جزيرة تقابل الجزيرة التي ولد وخرج منها عملاق الغناء السوداني محمد وردي.
ما أعجب الاقدار.. في العام الذي رحل فيه خليل فرح ..ولد محمد وردي ..رحلت قامة وجاءت قامة أخرى لونت حياتنا بالفرح الجميل.
محمد وردي لم يشاهد والدته ..رحلت من هذه الدنيا قبل ان يشعر بإحساس الامومة.. كان عبارة عن (قطعة لحم) أو دماء متجمدة... وزادت أوجاع الطفل الصغير عندما رحل والده وهو في السابعة من العمر ليكون الطفل (محمد) يتيما فقد أمه وأبوه في سن مبكرة.
لكن أسرة الفنان محمد وردي وعائلته كانت من العائلات الكبيرة في المنطقة جده والد أمه كان (عمدة) لجزيرة صواردة، وقد كان يغني ولا يفارق (طنبوره)، حتى ان السلطات وقتها عندما أخذته من تلك الجزيرة لأنه لم يخرج عوائد النخيل واقتيد إلى دنقلا ليسجن هناك لم يأخذ جده من بيته غير (طنبوره) وهو عمدة.. وقد ورث أولاده وأحفاده أغنية تدرب عليها الاحفاد وتعلموا عليها عزف الطنبور... وكانت تلك الاغنية هي أول أغنية يتغنى بها محمد وردي.
الى جانب هذا فقد كان "خيلان" الفنان محمد وردي يغنون وقد اشتهروا بذلك في المنطقة، وكانت والدة وردي نفسها صاحبة صوت جميل.
لوردي أختان غير شقيقتين ...وهو قد تزوج مرتين وله أبناء وبنات بعضهم مستقر في السودان وبعضهم خارج البلاد.
(2)
الطفل الصغير كان يبدو عليه التمرد وهو صغير ..دون كل الاطفال ملامحه فنية ..شعره الكثيف ولونه الابيض يمنحه شكلا فنيا مختلفا وقامته الطويلة تحكي عن نخيل صواردة الصامد.. شقاوته كانت تشير إلى ان هذا الطفل سوف يغير شيئا في تاريخ السودان.
عندما مات والد محمد وردي أوصى أعمام وردي ان يعلموا محمد، قال لهم وهو في فراش الموت: (الولد دا ما يشتغل تربال).. ربما كان الأب بحسه الأبوي يحس بعبقرية ابنه.
لذا كان أعمامه حريصين على ان يعلموه ..كانت المدرسة تبعد 27 كيلو من القرية التي خرج منها وردي ..عندما أخذه عمه وبعض أقاربه إلى المدرسة لتقييده طالبا أخذوا معهم زادهم وطنبورهم وأرادوا أن يستريحوا لبعض الوقت في طريقهم إلى المدرسة فطالبوا من الطفل الصغير ان يغني فغنى محمد وردي ذو السبعة أعوام فخرج سكان المنطقة كلهم ونزلوا لطرف النهر ليروا صاحب هذا الصوت البديع.
شعر محمد وردي وقتها أنه سوف يصبح فنانا وقال له عمه: (إنت من هسع بتغني ..ما أظنك تنفع في القراية).
عندما أصبح وردي على أعتاب الشباب كانت موهبته الفنية تشير إلى ان السودان على موعد مع فنان سوف يحدث ثورة غنائية كبيرة ..هكذا كانت تشير الدلائل.
كان محمد وردي يدرس في المدرسة الابتدائية وكان ناظر المدرسة يسترق السمع له من وراء الشباك ووردي يغني بين فواصل الحصص.
الناظر كان اسمه (إبراهيم عمر النحاس) كان كلما يسمع وردي يغني وهو يتخفى خلف شباك الفصل يقول له: (والله صوتك جميل ..غني يا ولدي).
ويحكي وردي لنا عن هذا الموقف ويقول كان الناظر يمسكه من (أضانه) ويقول له: (إنت يا ح تطلع مشخصاتي يا مغني).
ويتذكر وردي ويقول في عام 1960 كان يقدم أغنية (بعد ايه) في المسرح القومي تفاجأ بعد انتهاء الفاصل بناظر المدرسة (إبراهيم عمر النحاس) مع بناته السبعة يأتي له ويقول له: أنا ما قلت ليك ح تبقى فنان ..الناظر كان بنفس العصا التي كان يحملها في المدرسة.
الناظر قال لمحمد وردي وهو يشير إلى بناته السبعة يا محمد أنا ما عندي قروش البنات ديل وقت يعرسوهن أعمل ليهن حفلاتهن.
كان وردي وفيا وحضورا في زيجات بنات الناظر السبعة وقد أحيا لهن حفلات زواجهن.
(3)
المسيرة الفنية للفنان محمد وردي تقول إنه وضع أول لبناته الفنية بأغنية إسماعيل حسن (لو بهمسة) التي تغنى بها في سنة 1959 ..وكانت هذه الأغنية بتوزيعها الموسيقي الرائع تعلن عن فنان مختلف ..ومبدع سوف يدخل إلى كل القلوب.
في مطلع الستينات قدم وردي أغنية (خاف من الله) ..وقبلها كان قد قدم (المستحيل).. ثم جاء عام 1963 وكانت أغنية (الحبيب العائد) لصديق مدثر ثم قدم في نفس العام (مرحبا يا شوق).
كان الانتقال الأكبر للفنان محمد وردي حسب قوله بأغنية صلاح أحمد إبرهيم الذي كتب له (الطير المهاجر) فقدمها وردي في عام 1964.
بعد ذلك جاءت الاكتوبريات ..وأثرت سلبا نكسة 1967 في الفن وتراجعت الاغنية ..الى أن جاءت ثورة 1969 واقتنع بها وردي كما قال ووثق في شعاراتها ..إلا أنه انقلب عليها بعد سنة واحدة ..بعد أن تراجعت الثورة وانقلبت على شعاراتها.
في فترة مايو حصلت إبداعات ..ولم ينقطع حبل الوصل فكان أن قدم وردي (جميلة ومستحيلة) ..ثم غنى وردي في الفترة نفسها (وا أسفاي).
يقول الفنان محمد وردي الذي كان يحدثنا عن هذه السيرة في منزله بالمعمورة إن آخر أعماله الكبيرة والشهيرة كانت أغنية محجوب شريف (السنبلاية) التي قدمه في عام 1989.
بعد هذا العام هاجر محمد وردي ..وكانت حتى الأعمال التي يقدمها لا تظهر ولا تتاح لها فرص البث والإذاعة.
غنى وردي بعد عمليته في قطر أغنية للشاعر محمد بابكر..كما غنى لمحمد المكي إبراهيم وغنلا (سلامات) بعد اتفاقية نيفاشا.
وواصل وردي أعماله الجديد وغنى أغنية أخرى لصلاح أحمد إبراهيم ..وقدم لسعد الدين إبراهيم نتفق أو نختلف ونهر العسل.
ويقول وردي إن يده الآن في قلبه لأنه سوف يقدم في احتفالات الاستقلال هذا العام عمل للشاعر أمل دنقل بعنون (يا وجهها)... يقول مطلعها:
شاء الهوى أن نلتقي سهواً
كم كنت أفتقدك يا وجهها الحلو
كل الذي سميته شدوا من قبل ما أجدك
أضحى على شفاه الصبا لغوا
كونوا كما أهوى أمطر على الدفء والحلو
(4)
علاقة وردي بالثورات علاقة وطيدة هو لم ينكر انه غني لبعض الانقلابات العسكرية ..حتى ثورة مايو غني لها في عامها الأول ..لأنها كما قال كانت تحمل شعاراتهم ولكن عندما وجدوها انقلبت على تلك الشعارات انقلبوا عليها.
يقول وردي: قبل حكومة مايو كانت هناك حياة ديمقراطية ..وكانت حكومة عبود نفسها تتمتع بقدر من الديمقراطية ..ويكفي أنهم أول من أدخل التليفزيون في السودان ...وهم الذين أنشأوا المسرح القومي وكان فضلهم يمتد لإنشاء فرق المديريات أو فرق الفنون الشعبية التي يحفظ لها الفضل في نشوء الاغنية الشعبية بشكلها التراثي المعروف.
ظهور بعض الأعمال الرائعة في فترة مايو يرجعه محمد وردي إلى البنية التحتية التي كانت للموسيقى والفن والأدب في فترة حكومة مايو ...ويعتبر وردي ان (اللخبطة) في الفن السوداني بدأت منذ عام 1983 عندما ظهر نميري باسم (أمير المؤمنين) وتوقف الفن الجميل منذ ذلك التاريخ.
وسبق محمد وردي ثورة أبريل وهو يغني لها قبل أن تقوم.. حيث قدم بعد إعدام محمود محمد طه (يا شعبا تسامى).. وقبل الانتفاضة بشهر قدم في القاهرة في جامعة الزقازيق (ح نبنيهو البنحلم بيهو يوماتي).
وعن الوضع السياسي الراهن يقول محمد وردي إنه طالب بالحد الأدنى إذا انفصل الجنوب ونادى بأن تبقى شعرة معاوية بين الجنوب والشمال، وهو قد نشط في هذه المبادرة مع الأستاذ كمال الجزولي.
وكان محمد وردي يضحك عندما قلنا له إن هذه الحكومة كرمتك ومنحتك وسام الجدارة وأعطتك جامعة الخرطوم درجة الدكتوراة.
قال وردي البعض ظن أن الحكومة عندما تمنحني وسام الجدارة سوف أساند المؤتمر الشعبي.. واستغرب البعض عندما وقفت في الانتخابات الأخيرة مع الحركة الشعبية.
يقول وردي وسام الجدارة الذي منحته في القصر الجمهوري كان مكتوب فيه: (بما أنك قدمت بكل صدق وأمانة فنا رائعا وجميلا ..بكل إخلاص نحن رئيس الجمهورية نعطيك هذا الوسام المسمى وسام الجدارة).. ويضيف وردي هذا الوسام ليس منحة ولا منة وإنما هو حق ..لأنني قدمت الكثير وظللت في الساحة الفنية لمدة 60 سنة متواصلة... وكنت ملتزم بفني ومسؤول عن الذي أقدمه ..هل مع هذا العطاء ..كثيرة علي (حتة حديدة).. أنا لم أمنح ظرف ولا مال.
أما الدكتوراة من جامعة الخرطوم فقد كانت تقدير لي ونلتها بفضل غناي ..من ثم فإن الكثيرين الآن يمنحوا درجة الدكتوراة... ضحك وردي وقال أي واحد بقى يمنحوه دكتوراة ..الفنانين قربوا يفتحوا ليهم عيادات.. قالها وردي بطريقته الساخرة المعروفة.
(5)
وردي وثق لكل مراحل السودان الحديث الثقافية والاجتماعية والفينة ..ولا تستطيع أن تتجاوز أي مرحلة في تاريخ السودان الحديث دون الرجوع إلى أغنيات محمد وردي.
وردي غني لكل الثورات ..وغنى لوحدة السودان وتعتبر أغنية الشاعر مرسي صالح سراج (يقظة شعب) مثال حي لوحدة السودان.
قال وردي غنيت في (يقظة شعب) للغرب.
نحن أبناء ملوك الزمان
توجوا الفونج وزانوا كردفان
أفسح المجد ليهم خير مكان
نسبا
وغنى وردي في هذا النشيد الخالد للجنوب
قلب أفريقيا
قلب أفريقيا بوعي نابض
حل منا بالجنوب الناهض
منعة الغاب بليث رابض
قدما!!!
وغنى وردي للشرق
شرقنا يوم اللقاء كيف سعى؟؟؟
حين داعي البذل بالروح دعا
كيف يالسيف تحدى المدفعا
ودما
وغنى للشمال
حين خط المجد في الأرض دروبا
عزم ترهافا وإيمان العروبة
عربا نحن حملناها ونوبة
بدمانا من خلود الغابرين
هو يحدونا إلى عز مبين
بهذه التفاصيل الوحدوية فصل لنا الفنان محمد وردي نشيد (يقظة شعب) الاوبريت الكبير ..تأسف وردي وقال إن مثل هذه الأغنيات والأناشيد التي تقدم في الإذاعة ولا تقدم في التلفزيون.
وردي قال إنه وثق لهذا الشعب ..وأرخ لكل الثورات ..غنى للاستقلال نشيد (الاستقلال) الذي يعتبر (بيضة الديك) في إطار الأغاني التي تغنت للاستقلال.
اليوم نرفع راية استقلالنا ويسطر التاريخ مولد شعبنا
يا إخوتي.. غنوا لنا.. غنوا لنا..
يا نيلنا يا أرضنا الخضراء.. يا حقل السنا
يا مهد أجدادي ويا كنزي العزيز المقتنى
عاد وردي يحدثنا عن عظمة الشعب السوداني ويقول إن هذا الشعب الذي فجر الثورة المهدية وفجر ثورة اكتوبر وشال العسكر وفجر ثورة أبريل وشال العسكر ..ينتظر منه الكثير.
عن الوضع الآن يقول وردي الآن لا يوجد غنا.. العشرين سنة الاخيرة لم يظهر عمل يمكن ان أتوقف عنده حتى الأعمال الجديدة التي تخرج تغيب بواسطة السلطة ولا تقدم في الأجهزة الرسمية.
دور الفن الآن غائيا تماما لذا وصلنا إلى هذه المرحلة التي تنتهي إلى هذا الزوال والتلاشي ..لدولة كبيرة مثل السودان مهددة بالانقسام.
في السنوات الأخيرة ظهر صراع بين الشمال والجنوب، وبين الشمال والغرب، والشمال والشرق، ولم يسلم الشمال حتى من الصراع الشمالي الشمالي...هذا حدث نتيجة لغياب الفن.
طبيعي في ظل هذا الوضع أن تظهر أغنية مثل أغنية (راجل المرا والقنبلة وحرامي القلوب).. الآن أي حاجة ماشي للوراء ليس الاغنية فقط ..عندما لا تكون هنالك حرية في الإبداع لا يخرج إبداع ..وفي عدم وجود الديمقراطية من الطبيعي ان نتراجع كل هذا التراجع...الفنان الآن غير حر، والفنان نفسه مواقفه غير واضحة، وهو صاحب ثقافة وخلفية ضحلة لذا كل ما يخرج منه يكون ضحلاً.
محمد عبد الماجد - مجاهد العجب - علي الطاهر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.