جديد شركة «مايكروسوفت» متصفح ببرنامج نموذجي يسمى «متصفح الحياة» (Lifebrowser)، يستخدم الذكاء الاصطناعي لمساعدتك على الرجوع إلى الأحداث المهمة، والصور، والرسائل الإلكترونية الخاصة بك. يشغل التنقيب عن البيانات الشخصية بغية اكتشاف أكثر ما يثير اهتمام الناس الشركات الكبرى مثل «فايسبوك» و{غوغل». اليوم، يقوم المشروع الجديد لمركز «مايكروسوفت للأبحاث» على استرجاع هذا النوع من البيانات لمساعدة الأشخاص على استكشاف بياناتهم الرقمية الخاصة. أوضحت مجلة «تكنولوجي ريفيو» أن برنامج «متصفح الحياة» يساهم في استصدار صور ورسائل إلكترونية، تصفح الويب، مسح سجل البحث وجدول الأحداث الزمني، وسوى ذلك من مستندات مخزنة على جهازك الخاص، وفي تحديد الأحداث المرجعية. فيمكن لواجهة الشريط الزمني (تايم لاين) ل{متصفح الحياة» استكشاف هذه النقاط المرجعية والبحث عنها واكتشافها كنوع من عون للذاكرة. في هذا السياق، قال إريك هورفيتز، العالم في «مايكروسوفت» ومبتكر «متصفح الحياة»: «الدافع وراء هذا البرنامج هو كثرة الأمور التي تجري في منطقتنا الرقمية الشخصية. وقد أردنا ابتكار مراكز للتنقيب عن البيانات الشخصية تعرف الكثير عنك وعن ماضيك، فيصبح في وسعك تصفح كميات هائلة من محتوياتك بشكل أفضل». يبدو شريط «متصفح الحياة» الزمني التفاعلي وكأنه نسخة أقل صقلاً من خاصية الشريط الزمني من «فايسبوك» المستحدثة أخيراً. لكن تصميم هورفيتز جاء قبل تصميم الشريط الزمني الخاص ب{فايسبوك» ولا يعتمد على المستخدم لتنظيمه يدوياً. إذ تعرض الصور، والرسائل الإلكترونية، وغيرها من مستندات وبيانات وفق تسلسلها الزمني. لكن شريط «متصفح الحياة» الزمني لا يعرض إلاّ البيانات المرتبطة بالأحداث «المرجعية» من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي. ويمكن للمستخدم استعمال برنامج التحكم بالحجم (volume control) لتغيير حجم أهمية البيانات التي تظهر على الشريط الزمني. كذلك تم توفير خاصية بحث للعثور على الأحداث المرجعية المرتبطة بموضوع معين. بادر هورفيتز، الذي حمّل في «متصفح الحياة» بيانات شخصية تعود إلى ما يناهز 20 عاماً، إلى تقديم عرض لمجلة «تكنولوجي ريفيو». مثلاً، أتاح البحث عن اسم شخص معين العثور على أول رسالة إلكترونية أرسلها هذا الشخص إلى هورفيتز عام 1997، كذلك عرض «متصفح الحياة» صوراً ملتقطة خلال مناسبة عائلية مهمة جرت في الفترة نفسها تقريباً، الأمر الذي ساهم في استعادة ذكريات هذه الفترة من الزمن. وعلق هورفيتز قائلاً: «عند النظر إلى ذلك كله، أشعر بالدهشة، وكأنني استعدت ذكريات تلك الفترة فجأة». قدّم هورفيتز نسخاً من البرنامج لزملائه وأصدقائه وقال إنّ النتائج كانت إيجابية، كذلك أعرب عن تفاؤله بأن الجمهور سيتمكن من تجربة «متصفح الحياة» في النهاية، إلا أنه راهناً، لا يزال مشروع بحث. إذا نظرنا وراء الكواليس، نجد أنّ «متصفح الحياة» يستخدم تقنيات التعلم الآلي للتنقيب عن البيانات الشخصية وتحديد البيانات المهمة لصاحبها. عند تحليل الصور، يبحث البرنامج في خصائص ملف الصور عن مؤشرات، كتغيير اسم الملف أو استخدام الوميض، حتى إنه يدقق في مضمون الصورة عن طريق استخدام خوارزميات للرؤية الآلية لتحديد عدد الأشخاص الظاهرين في الصورة وإذا ما كانت الصورة ملتقطة في الداخل أو في الخارج. تعتبر الصور المأخوذة في الوقت نفسه كمجموعة واحدة من الصور، تتضمن مؤشرات مثل مدة الحدث وعدد الصور. لحظات إنسانية يبحث «متصفح الحياة» عما إذا كان الملف مهماً ويطلب تلميحات إضافية في حال عدم التأكد، فتظهر شاشة التوقف وتحثّ المستخدم على إعلام «متصفح الحياة» عما إذا كان بعض الصور مأخوذاً خلال أحداث «مرجعية» أو لا، كذلك الأمر بالنسبة إلى برنامج الدعوات الزمني. مع مرور الوقت، يدرك النظام الأمور المهمة بالنسبة إليك، ويتكيَف تبعاً لذلك. في هذا الإطار، قال هورفيتز: «لطالما اعتبرتم التعلم الآلي عمليةً باردة، إلا أنَ هذا البرنامج يظهر أن النموذج لا يتعلم كيفية تفكيري فحسب، بل يعي أيضاً معنى التقاط اللحظات الإنسانية». مثير للإعجاب قال سودهيندرا هانغال، الباحث في جامعة ستانفورد الذي ابتكر أداة تدعى «ميوز» تساعد الناس على استكشاف أرشيفات رسائلهم الإلكترونية مع تصورات بصرية وأدوات أخرى: «إن «متصفح الحياة» برنامج مثير للإعجاب». هذا ولم يشاهد هانغال سوى فيديو عن برنامج هورفيتز. وأضاف أنّ التجارب على أداة «ميوز» أظهرت أنّ معظم الناس يهتمون كثيراً في التنقيب عن ماضيهم الرقمي إذا توافرت لديهم أدوات تسهل هذه العملية. ومن الاستخدامات الشائعة هي عثور الأشخاص على الرسائل الإلكترونية القديمة وإعادة توجيهها إلى المتلقي الأساسي لتذكرها، والعودة إلى الماضي وإعادة اكتشاف الأحداث الشخصية المهمة. يمكن ل{متصفح الحياة» مساعدة الناس على القيام بهذه الأمور، من دون أن يقتصر ذلك على بريدهم الإلكتروني، لكنَ هانغال يرتأي أنّ الأنظمة الشبيهة ب{متصفح الحياة» و{ميوز» قد تكون مفيدة للغاية لو تم استخدامها لتشخيص برامج وخدمات إلكترونية أخرى. وقال: «تخيلوا لو أن بإمكان البرامج كافة على جهازكم الوصول إلى هذه المعلومات». وتابع: «نظراً إلى أنَ هذه المعلومات تعكس ما قمتم به في السنوات الماضية، فهي توفر تشخيصاً جيداً من دون الإخلال بالخصوصية». قد تكون هذه المقاربة مختلفة جداً عن تلك المتمثلة بالتشخيص المبني على التنقيب عن البيانات الشائع جداً في أيامنا هذه، حيث تقوم الشركات الكبرى مثل «غوغل» و{فايسبوك» بتكييف المحتويات حسب حجم البيانات الصغير نسبياً المتوافر لديها. وأوضح هورفيتز أنّه ينظر في كيفية استخدام معرفة «متصفح الحياة» بهذه الطريقة، قائلاً: «ثمة احتمال كبير للتنقيب عن البيانات والتشخيص مع الحفاظ على خصوصية جهازكم. لم يكن ليروق لي تشارك ذلك كله في بيئة السحابة الإلكترونية».