في السباق المحموم بين الفضائيات لحقت بالركب قنوات جديدة انطلقت بقوة وبثبات، واستطاعت أن تقدم مادة إعلامية خفيفة ولا اقول دسمة، لأننا في رمضان نحتاج إلى كل ماهو خفيف ومهضوم. وقناة (قوون) الفضائية أفردت مساحات مترعة للرياضة والفن والدراما الساخرة، واستطاعت أن تجمع ما بين اهل المريخ والهلال، عكس (قوون) الصحيفة. وأجبرت كثير من المشاهدين على حضور برامجها، ولها مسحة ساخرة بعد الإفطار (زاوية ومشاترة). واعتقد أنها زاوية للنقد بطريقة مقبولة، فهي تركز على انتقاد الرياضة و (الكورة) الضاربة، كما ركزت أيضاً على مشكلات الفنانين التي تخص تقليد الشباب للفنانين الكبار، وهي معالجة جديدة لم نعهدها من قبل. وأفلحت القناة في بلورة الكثير من الأفكار الجميلة، ولها العديد من البرامج المميزة، ولكن بقدر نجاحها في الفكرة والمضمون، إلا أنها أخفقت في اختيار المذيعات اللائي أصبحن خصماً على نجاح القناة، خاصة أنها في بداية مسيرتها، وأن كل خطأ سيظل عالقا بذهن المتلقي، فالبدايات دائما تصبح بصمة على دفاتر العمل، فالذي لم يقنع المشاهد منذ البداية يصعب عليه أن يقنعه لاحقاً، لأن المشاهد السوداني يأخذ الأشياء غالباً بانطباعه الأول، هذا شيء، اما الأمر الآخر فهو أن القناة درجت على استيعاب شقيقات المذيعات، واتت بشقيقة رشا الرشيد وشقيقة نسرين سوركتي، فمن قال إن سوركتي والرشيد أثبتتا كفاءتهما حتى أثرتا على شقيقاتهما في البيت؟ ولو نجحن بالفعل فهذا لا يعني أن تكون الشقيقات ناجحات، ففي رأيي هذه مجاملات وقراءة خاطئة يمكن ان توقع القناة في فخ الفشل والهزيمة، والمواهب لم تنحصر في مذيعات النيل الأزرق والشروق، حتى تظل قناة (قوون) تدور وتلف حولهن، وبالقناة أساتذة أكفاء يمكنهم أن يكتشفوا مواهب جديدة من الجامعات مثلما كان يفعل حسن فضل المولى، ففي بداية مسيرته لم يعتمد أبداً على مذيعات تلفزيون السودان، بل استطاع أن يكتشف نجمات من العدم دربهن وأهلهن بغض النظر عن أنهن نجحن أم لا. ولا بد أن نقف أيضاً ونثمن دور وتجارب البعض في هذه القناة، والكفاءات العالية والخبرات القديمة أمثال الأستاذ عبد المولى الصديق، وغيره من الأساتذة الكبار الذين يعملون بنية خالصة لإنجاح تجربة (قوون) الفضائية، ويعملون بهمة ولهم بصمتهم الواضحة في كثير من البرامج إن كانت في رمضان أو قبل حلوله. ولكن لو أخذنا تجربة القناة باعتبارها قناة جديدة لم تطفئ شمعة عامها الأول مقارنة بالفضائيات الأخرى، نجدها قد نجحت بنسبة كبيرة، فالفرصة أمامها مازالت كبيرة لتثبت وجودها، لأن التميز يكون شيئاً صعباً في ظل تنافس أكثر من عشر قنوات محلية، ناهيك عن المئات من القنوات العربية والعالمية. أطياف : (قوون) الفضائية صباح محمد الحسن - الصورة -