من الوهلة الاولى يمكن القول ان هذا الحديث عن المخدرات مكرر .. ونتفق فى ذلك حال لم تلامس آذاننا عبارات وزير الداخلية، وتلك المعلومات التى ادلى بها للبرلمان، والتى يشيب لها الرضيع، والتى تندرج تحت بند "معلومات جديدة لنج" ... ولكن هناك سؤال يطرح نفسه وهو ماهى الخطوة الجادة التى ستقوم بها الجهات المختصة لوقف الدمار الذى لحق بعقول الشباب الذين تُبنى على اكتافهم المجتمعات وفي كل المجالات..؟-حتى طلاب الجامعات لم يسلموا من هذه الآفه اللعينه - وتأتى خطورة هذه المخدرات، بأنها تؤثر فى العقل وفقدانه الوعي مما يتسبب في حوادث القتل ، والاغتصاب الجنسي ، وحوادث السير المروِّعة, كما ان تعاطي المخدرات يهدر اموالاً طائلة ، في حين يمكن توظيف تلك المبالغ الضخمة في مكافحة الفقر ، وتوفير الخدمات الصحية والعلمية وغيرها من اجل حياة كريمة للمواطن . إعتراف الوزير! وكشف وزير الداخلية المهندس محمود حامد في تقرير امام البرلمان الاسبوع الماضى ان هناك ارتفاعا فى نسبة تعاطي الحشيش والمخدرات بالبلاد وان الكميات المضبوطة من (القنب والحشيش (البنقو) زادت من (1.2)طن فى العام 2000م الى (34.5) طن فى العام 211م ، واعتبر البرلمان ان هذه الزيادة مهدد أمني خطير . سعادة مزيفة: خلفية تاريخية بسيطة قالها استشاري الطب النفسى وعلاج الادمان د.علي بلدو وهي ان الانسان الاول عرف المواد والنباتات المخدرة عن طريق الصدفة حيث وجد في الكهوف والمغارات القديمة بعض النقوش التي يبدو فيها التدخين والتعاطي و كان الدافع الاول لذلك هو التداوي من بعض الامراض وعمل علاجات عشبية للامراض وتسكين الآلام وتخفيف الحمى وباقي الاعراض واضاف: بعد ذلك تطور الامر عبر السنين ليصل لمراحل التعاطي لاجل الكيف والمزاج "والفرفشة والنعنشة" والانبساط والفرحة والبهجة والاستمتاع للشعور بتلك السعادة المزيفة، وذكر بلدو ان المخدرات تنقسم عموما الى قسمين كبيرين، هما المخدرات الطبيعية وهي توجد بصورة طبيعية مثل البنقو والحشيش والقنب الهندي والشاشمندى والخشخاش والافيون والقسم الاخر هو المخدرات التخليقية مثل الكوكايين والييثيدين والمورفين والاكتساسي . رفقاء السوء: وعن الاسباب العامة لتزايد تعاطي المخدرات قال بلدو :( الاسباب تندرج في الاسرة والاستعداد الوراثي للادمان بجانب الضغوط الحياتية والمعيشية والاقتصادية والفراغ والعطالة والصدمات والامراض النفسية ، والظروف الاسرية غير المواتية مثل العزابة والمطلقين والمنفصلين ,والامراض العضوية المزمنة وكذلك رفقاء السوء والتأثير التلفزيوني والدرامي والعولمة الفضائية والتي يبدو فيها مظاهر الادمان وبصور مختلفة ، وتنامي تجارة السموم عالميا ووجود نسبة عالية من المروجين والمتعاملين في المخدرات بصورة منظمة ومرتبة وبإمكانيات عالية، وغياب مراكز الفحص والارشاد النفسي ، وجزئية التعاطي بغرض التجربة وإثبات الذات والإنغماس في عالم الوهم الوردي ، وفقدان الثقة بالنفس وبالاخرين. جبل الجليد: وأرجع د.على تفشي المخدرات في السودان الى عدة اسباب من بينها غياب الاحصائيات الرسمية الصحية نسبة للوصمة الاجتماعية، وعدم التوصل لكل المدمنين وبالتالي تمثل الارقام المنشورة بالطرق الرسمية راس جبل الجليد فقط، وذكر بلدو ان الرجال اكثر ادماناً من النساء والصغار والشباب اكثر من الكهول وكبار السن , واوضح ان علامات الادمان تختلف باختلاف المادة المستعملة ولكنها تندرج في تغير السلوك واختلاف شكل العينين وجريان الانف والاعراض الجسدية وتغير المظهر والتدهور على المستوى الاجتماعي والاكاديمي والاقتصادي والشخصي والزواجي والعملي والعلمي. خصوصية مطلقة: وعن علاج الإدمان قال بلدو:(ان العلاج يتم بعد الكشف العضوي والنفسي وعمل التحاليل للدم والبول والفحوصات الخاصة ومن ثم ادراج المدمن في البرنامج العلاجي في المركز وازالة السمية من الجسد ثم تصحيح الاثار السالبة للادمان مثل مشاكل القلب والكبد والرئة والرأس والكلية ومن ثم عمل العلاج التأهيلي والمصاحب واعادة الدمج، وعمل البرامج اللازمة للتعافى والارشاد الاسري والاجتماعي والمعرفي والسلوكي، واضاف انه يمكن استخدام العلاج الجماعي والموسيقي وعمل الحملات الخاصة بالتوعية والاشاد للوقاية من خطر الادمان. السوداني