يبدو أنه لا مهرب من السياسة ومتاهاتها اللانهائية حتى بالنسبة للشخصيات الكارتونية. فها هو «دونالد داك» المعروف عربيا باسم «بطوط» يجرجر في وحل جدل حامي الوطيس في ألمانيا عن النازيين واليهود. فقد تعالت أصوات الناقدين الغاضبة إزاء إحدى مغامرات البط الشهير على النسخة الأخيرة من مجلة «ميكي ماوس». وفي هذه المغامرة يخاطب أحد أصدقائه أفراد وحدة المطافئ في احتفال بإنجازاتهم. وتأتي في الفقاعة التي يظهر عليها حديثه «التهاني لأبطال المطافئ الشجعان المتيقظين أبدا». لكنه يختتم جملته هذه بإضافة كلمة «المحرقة» وفورا سارع الناشر، دار «إيغموند إيهابا»، على لسان ناطق باسمه الى القول إن خطأ طباعيا هو المسؤول عن الأمر برمته. وقال إن المقصود هو كلمة «الحريق» وليس «المحرقة». وأضاف قوله إن العاملين بالدار «تولوا شطب كلمة «المحرقة» بالحبر الأسود على كل النسخ بانتظار إعادة طباعة العدد من دون الكلمة المسيئة»، (لكن يبدو أن أعدادا تسربت من دون هذه المعالجة). لكن الواقع أن الكلمة التي ظهرت في الأصل الإنجليزي لهذه الحلقة التي تحمل عنوان «أين الدخان؟» هي «المحرقة» ولا شيء سواها. ويذكر أن هذه الحلقة نشرت للمرة الأولى العام 1972 عندما ابتدع كارل باركس، الرسام بشركة «والت ديزني»، داكبيرغ وهي مدينة البط التي يعيش فيها دونالد داك ورفاقه. وكان يستخدم كلمة «المحرقة» فقط ليشير الى حريق هائل. ونقلت الصحف البريطانية والأميركية عن إلكه تشكسدانتس، الناطق باسم دار النشر الألمانية، قوله للمجلة الألمانية «دير شبيغل» إن الخطأ الحالي نشأ عندما تركت الكلمة الإنجليزية كما هي من دون ترجمة الى الألمانية لتعني الحريق. ويذكر أن تهجئة holocaust هي نفسها سواء بالإنجليزية أو الألمانية. وقال تشكسدانتس إن الدار عمدت أولا الى شطب كلمة holocaust، ولكن عندما اتضح أن نسخا معينة تسربت تحت الغربال، سارعت الى سحب سائر نسخ العدد من السوق. وقال إن نسخة جديدة مصححة ستصدر محل المسحوبة خلال الأيام القليلة المقبلة.