برنامج ترفيهي من نوع تلفزيون الواقع شغل الناس على امتداد الوطن العربي مساء كل جمعة بقناة إم.ب.سي 4، اسمه Arabs Got Talent أو النسخة العربية من البرنامج البريطانيGot Talent الذي يجوب الأرض بما حملت للبحث عن المواهب الفردية والجماعية. وككل برنامج ترفيهي ضخم يبث من قناة فضائية واسعة الانتشار، لمشاهدين من كل الأقطار يتكلمون أو يفهمون العربية، وتسخر له ميزانيات المستشهرين الكثر، يحتاج بالضرورة إلى جيش من الخبراء والتقنيين والمنشطين والحكام ووسائل العمل لوضع إطار الاشتغال، وقانون البرنامج، ومعايير الاختيار، وتوقيت البث، وجوائز التتويج، ومستقبل الفائزين. وإذا بحثنا في برنامجنا هذا الذي يعيش موسمه الثاني إلى حدود حلقة ليلة الجمعة 25/05/2012 التي كانت مثيرة ومغرية لعدم المشاهدة بامتياز، تتقاطر علينا جملة من الملاحظات والثغرات التي تتقاسمها عناصر التقييم العلمي والفني والانطباع الشخصي الموزعة بين حدود الموهبة والأشياء الأخرى. وصحيح أن حكمنا على لجنة التحكيم المكونة من شمس الأغنية اللبنانية نجوى كرم والعميد الإعلامي اللبناني علي جابر والفنان الكوميدي السعودي ناصر القصبي كأشخاص وكفاءات وخبرات في مجال تخصصهم لا يمكن إلا أن يكون إيجابيا، إلا أن أحكامهم النهائية في كثير من الحالات بالبرنامج لم تخرج عن إطار الانطباع الشخصي، والمزاجي أحيانا، الذي حدد حاضر ومستقبل المشاركين، انطباع ما يريدون وما لا يريدون، ما يحبون في الشخص كذا وما لا يحبون، حتى أننا سمعنا الفنانة نجوى كرم تقول عن المرشحة اللبنانية منال ملاط التي أدت أغنية الراحلة ويتني هيوستن أنها إذا لم تذهب إلى النهائيات ستنتحر (المقصود نجوى كرم) ليتم الإعلان في اخر الحلقة على حصول المرشحة المفضلة لدى نجوى كرم بأعلى نسبة للتصويت. إننا لا نشكك في موهبة المرشحة اللبنانية منال ملاط التي كنا نتمنى أن تختار طريق أراب إيدول بدل هذا البرنامج، لكننا نطرح السؤال العريض في شأن إقصاء المرشح المغربي حسين الحجامي الملقب بهاسبوبHaspop ذي الخبرة الكبيرة في رقصات الهيب هوب بطريقة جسدية إبداعية رائعة، والذي نال ثقة الحكام وتصويت المشاهدين، وكذا المرشح الأردني محمد صباحين الملقب بأبي الحروف ذي الموهبة الخارقة في ابتكار نظرية جديدة اسمها 'الاختزال' القائمة على عد الحروف بالأرقام، ونسأل أيضا عن الكوميديان السعودي الناشىء مهند الجميلي الذي استأثر بقلب ناصر القصبي وانتزع منه، بلعبة مسرحية ذكية، ورقة المرور إلى النهائي وورقة المشاركة في دور رئيسي بإحدى الأعمال الفنية لهذا الأخير. ألا يمكن اعتبار هذا الاختيار اللبناني للبناني والسعودي للسعودي انطباع شخصي منفلت عوض أن تنأى لجنة التحكيم بنفسها عن هذا الانجراف الشخصاني، وتبحث في المقاييس العلمية والفنية للموهبة التي تستحق أن تمر إلى مرحلة النهاية، دون توجيه في التصويت الذي لا نعرف كيف يتم ولا كيف يحتسب في العلبة السوداء للتصويت. إن الحالة النفسية المنشرحة أو المنقبضة للجنة التحكيم، وغياب معايير الاختيار، وعدم التنوع في الاختصاص المرتبط بالتحكيم، يؤدي حتما إلى قتل المواهب وليس لإظهارها وفسح الطريق أمامها للتنافس والتتويج. ويكفينا في مثال عدم فهم بعض اللهجات العربية في موسيقى وأغاني الراب ليحكم السيد علي على المرشح الذي أمامه بالإعدام رغم توسلات فنانتنا نجوى كرم المهووسة بهذه الإيقاعات الشبابية الجديدة. ملاحظة ديمقراطية بعد انتهاء حلقة ليلة الجمعة 25/05/2012 من برنامجArabs Got Talent قررت أن أنسحب من مشاهدة وتتبع هذا البرنامج، وأن أترك لزوجتي وأبنائي حرية الاختيار