بيان رسمي سعودي بشأن حادث طائرة الرئيس الإيراني    عقار يطّلع على خطة وزارة التربية والتعليم "امتحان الشهادة السودانية"    إخضاع الملك سلمان ل"برنامج علاجي"    إنجاز قياسي.. مانشستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي للمرة الرابعة توالياً    عائشة الماجدي: نشطاء القحاتة أشباه الرجال بمرروا في أجندتهم في شهادة الغالي محمد صديق    بسبب إحاطة عاجلة عن رئيس إيران.. بايدن يقطع إجازته    ضباط ينعون الشهيد محمد صديق إثر تصفيته في الأسر من قِبل مليشيا الدعم السريع    إسرائيل والدعم السريع.. أوجه شبه وقواسم مشتركة    سُكتُم بُكتُم    السودان ولبنان وسوريا.. صراعات وأزمات إنسانية مُهملة بسبب الحرب فى غزة    شاهد بالفيديو.. مذيعة تلفزيون السودان تبكي أمام والي الخرطوم "الرجل الذي صمد في حرب السودان ودافع عن مواطني ولايته"    مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البروفيسور التيجاني عبد القادر حامد : لا يوجد شئ اسمه دولة إسلامية
نشر في الراكوبة يوم 07 - 06 - 2012

في هذا الجزء الثاني من الحوار الذي اجرته معه قناة الشروق يتحدث المفكر والاكاديمي السوداني الدكتور التجاني عبد القادر حامد عن تجارب الحركات الإسلامية من حيث المنهج والفكر والتطور، ويجيب على الاسئلة حول تعاطي الحركات الإسلامية بصورة عامة مع قضايا المجتمع مثل قضية القبلية والجهوية والعنصرية وحول نزعة التسييس الزائدة في تجربة الحركات الإسلامية، ويتحدث بابانة عن مشروعات التجديد في مقابل تحديات الواقع وما اذا كانت هذه المشروعات علي قدر
التحديات وهل اجابت على اسئلة الواقع مع التباين في مشروعات الحركات الإسلامية علي مستوى العالم العربي والإسلامي:
# كيف تنظر لمناهج التغيير في الحركات الإسلامية؟
_ الحركات الإسلامية التي نتحدث عنها متعددة ومتنوعة من حيث الموقع الجغرافي والاوضاع الاجتماعية والخلفيات السياسية لكن هناك قواسم مشتركة تجمع بين هذه الحركات. وأحد هذه القواسم المشتركة انها كلها تؤمن بما يسمونه شمولية الإسلام بمعنى أن الإسلام نظام شامل للحياة ويؤمنوا بأهمية الدولة الإسلامية وكذلك ايضا من القواسم المشتركة بين هذه الحركات ان معظم قياداتها من الطبقة الوسطى وتلقوا تعليمهم في المدارس والمؤسسات التعليمية الحديثة وان كان اتباع هذه الحركات ليسوا بالضرورة كلهم من الطبقة الوسطى. وما يمكن ان يسمى قاسما مشتركا بين هذه الحركات انها كلها تعرضت في فترة من تاريخها لشيء من الاضطهاد والمعاداة الشديدة من النظم السياسية المحلية ومن القوى المحلية. هذه القواسم المشتركة بين الحركات أثرت على برامجها وعلى رؤيتها. وأنا اعتقد ان هناك قواسم مشتركة بين برامج الحركات أيضا ليست متطابقة لكن هناك تشابها ان من هذه القواسم ان معظم هذه الحركات تبدأ بالشعار والتعبئة الشعبية علي اساس هذا الشعار كما تفضلت وذكرت. يرفعوا شعار الدستور الإسلامي او الشريعة الإسلامية او الخلافة وهذا شعار حبيب الي نفوس الجماهير المسلمة وتبدأ تعبئة شعبية على هذا الاساس، ثانيا شيء اخر مشترك اذا وجدت بعض هذه الحركات متسعا من الحرية تقوم بانشاء بعض المؤسسات الإسلامية سواء في مجال المصارف الإسلامية أو المدارس او المستشفيات او الجمعيات الخيرية والطوعية هذا هو المجال الذي يسمح به عادة في بعض الدول فهذه السمة ظاهرة. شيء ثالث ان الحركات تحاول خلق قواعد اقتصادية او اجتماعية تحسبا لفترة تنفسح فيها الحريات وتكون فيها منافسة انتخابية، والشيء الرابع ان معظم او كل هذه الحركات تعتبر الدولة آلة اساسية في احداث التغيير الاجتماعي وكل هذه العمليات توجه نحو الاستيلاء علي الدولة باعتبار ان ذلك سيمكنها من تنفيذ البرنامج الإسلامي.
# الدولة في تجارب الحركات الإسلامية بين تجربة الخلافة الراشدة وبين الدولة الحديثة الفارق واثره على تجربة الحركات الإسلامية وعلي تفكير الإسلاميين؟
_ بين الخلافة الراشدة والتاريخ الحديث حدثت تطورات سياسية وتاريخية هامة لكن فترة الخلافة الراشدة هي النموذج الذي جسد معظم القيم الإسلامية وبالتالي معظم الحركات الإسلامية تحاول ان تستهدي بفكرة الخلافة الراشدة لكن اسقاط تجربة الخلافة الراشدة على الواقع المعاصر من الصعوبة بمكان. دائما في الفكر السياسي الإسلامي تخلى الناس قليلا عن فكرة الخلافة نفسها لعوامل وظروف مختلفة ، فالحديث ليس عن استعادة الخلافة في الوقت الراهن وانما الحديث عن دولة من واقع التجزئة والانقسامات التي وقعت في العالم الإسلامي ، فالحديث عن الدولة والحديث عن الدولة في فكر الحركات الإسلامية ومناهجها اصبح حديثا مضخما جدا وهم يعتبرون ان الدولة هي مربط الفرس وبداية التغيير وهذا فيه شيء من الغرابة لأن في الفكر الشيعي مفهوم انهم يضخمون فكرة الامامة لانهم يعتبرون الامامة والامام ركنا من اركان الدين نفسه لكن في الفكر السني الامامة ما هي الا مجرد باب من ابواب الفقه والدولة بالتالي هي وسيلة وأداة ليست بالضرورة هي الوسيلة الوحيدة.
# لديك حديث ان الدولة الآن دولة إدارة وليست دولة إمامة ويعتقد البعض ان حديثك به شيء من العلمانية؟
_ أنا استهديت بالتراث السني وانا لو قلت ان الدولة غير ذلك لذهبت لموقف ان الدولة ركن من اركان الدين وانا استبعدت ان تكون الدولة ركنا من اركان الدين، الدولة انما هي وسيلة من الوسائل واستهديت هذا من الفكر السني، الدولة هي وسيلة وإدارة هي منظومة مؤسسات سياسية وعسكرية واقتصادية الي اخره ،والذي يقوم علي الدولة هو اجير على الأمة وهذا ترتيب مهم لان الدولة في الإسلام تحت الأمة فالترتيب هو الكتاب ثم الأمة ثم الدولة، لا يجوز لنا ان نضع الدولة فوق الامة وهذا يعني ان الذي يقوم علي الدولة هو مستأجر او هو نائب أو وكيل من قبل الأمة وهذا مهم لانه يتيح لنا مجالا لمفهوم تبادل السلطة ومفهوم المحاسبة ومفهوم الاقالة، اما اذا قلنا بغير ذلك فستكون اشكالية.
# البعض يفهم ان الحديث عن دولة إدارة يفهم منه كأنه تخلي عن فكرة دولة الخلافة الراشدة او الدولة بمضامين إسلامية وكأنما هو تخلي عن الشعار الأساسي في فقه الحركات الإسلامية.
_ نحن لا ينبغي ان نستخدم لفظ العلمانية كوسيلة للترهيب الفكري والتخويف. يجب أن نأخذ الامور بصورة طبيعية فهناك حيز ومساحة في ترتيب شؤون الدنيا يشترك فيها العلماني والمسلم واصحاب الديانات الاخرى. لان الدولة قائمة بترتيب شؤون الدنيا، طبعا نحن عندما نقول دولة إسلامية فالذي يقوم على ترتيبها يستهدي بالمبادئ الإسلامية والقيم الإسلامية لكن هذا لا يعني ان هناك شيئا خاصا في ادارة هذه الدولة او هو يمتاز بخصائص معينة. الادارة هي الادارة يديرها بنفس الطريقة التي يديرها بها العلمانيون والناس الاخرون، هي ترتيب شؤون الدنيا ومعاش العباد والعدل بينهم وهذه امور ادارية لا إشكال فيها.
# الحركات الإسلامية بصورة عامة كيف تعاطت مع قضايا المجتمع مثل قضية القبلية والجهوية والعنصرية؟
_ الحركات الإسلامية تبدأ بمسألة التنظيم، وطبعا اول ما تبدأ تريد ان تبني تنظيما خاصا لعضوية خاصة فهذا يشغلك عن الجمهور العريض لأن الحركات مبنية علي رؤية هي ان الجمهور العريض كله لا يصلح انما تختار عناصر من الجمهور العريض ثم تسلكها في تنظيم معين ثم تعرضها لعمليات تنشئة او تربية لتكون هي العناصر المنتقاة الصالحة التي تقوم بعملية التغيير الاجتماعي فيما بعد.
# هل هي فكرة سليمة؟
_ هذه الفكرة ليست سليمة بصورة مطلقة انما هي وسيلة من الوسائل لكن الانقطاع فيها سوف يؤدي للانقطاع عن العمق الجماهيري لانه قد ينشغل الناس بالتنظيم فترة طويلة وبمشاكله فينقطعوا به عن العودة الي الجماهير فتصبح الحركات الإسلامية منشغلة بنفسها وهياكلها الداخلية وعضويتها وقد يتطور الامر الي ان تصبح هي نفسها قبيلة جديدة وهذه واحدة من المشاكل التي تواجه الكثير من الحركات انها تتحول الي حركة نخبوية وصفوية ومشغولة بهياكلها الداخلية وبكياناتها اكثر من انشغالها بالقضايا الاساسية التي تشغل الجماهير.
# تعاني المجتمعات العربية والإسلامية من ثالوث الجهل والفقر والمرض وعندما تطرح الحركات الإسلامية نفسها كحركات للتغيير ينبغي ان تهتم بهذا الثالوث ، هل هناك في فقه الحركات الإسلامية وادبياتها ما يعالج مثل هذه القضايا بشكل واضح ومنهجي وعملي؟
_ انا اشرت الي ان بعض الحركات الإسلامية لها اهتمامات اجتماعية تحاول ان تنزل افكارها الي برامج اجتماعية وتنشئ بعض المؤسسات ذات الطبيعة الاجتماعية التي توجه الي خدمة الجماهير فيما يتعلق بمسائل التعليم والفقر ولكن هذا التوجه الاجتماعي وهذه الخدمات ليست خدمات اجتماعية بريئة من الكسب السياسي وهذا ما يقدح في هذا العمل، اول ما تضع برنامجا اجتماعيا له غايات سياسية قريبة تبدأ عملية العزل والفرز وتنصرف من مواجهة المشاكل الحقيقية الي التفكير في الكسب السياسي فالبرنامج لا يكون الغرض منه مكافحة المرض او احداث التنمية المحلية بصورة مباشرة انما الغرض منه هو كسب قاعدة جماهيرية لمرحلة من المراحل كالانتخابات ومثلها. لم تنجُ من هذه التجربة في تقديري الا حركات مثل حركة حزب الله في لبنان واذا عملت مقارنة تجد هناك تميزا بين برامج الحركة الإسلامية الاجتماعية والبرامج الاجتماعية التي يؤديها حزب الله ،الذي يقول ان برامجه الاجتماعية بيضاء اي بمعنى انها ليست بغرض التوظيف او الكسب السياسي وانما هي برامج بغرض احداث تنمية محلية حقيقية للذي معهم في الجماعة ولمن هو ليس معهم في الجماعة وطبعا لاسباب خاصة حزب الله اختار ان ينفتح بهذه الصورة وافتكر ان هذا نجاح يذكر له لانه طبعا المواجهة الحقيقية للتنمية ولقضايا الفقر والجهل بصورة حقيقية وصادقة هو الذي يكسبك الجماهير على المدى البعيد وليس هو توظيف هذه المؤسسات لهدف سياسي قريب وهذا فرق بينهم وبين الحركات الإسلامية سواء عندنا في السودان او حركة حماس في فلسطين او حركات اخرى في باكستان تلاحظ ان عندها مؤسسات وخدمات لكن الهدف منها هدف قريب هو الكسب السياسي اكثر من مواجهة القضايا الاساسية لذلك ظلت القضايا الاساسية موجودة ومؤجلة رغم ان الحركات الإسلامية لها عقود من الزمان، واذا سألت اصحاب الحركات الإسلامية يقولون ان هذه قضايا دولة ليست قضايا حركة ونحن مضطهدون ومطاردون وهذا ما نستطيعه وهذا صحيح جزئيا لكن الصحيح ايضا ان الحركات الإسلامية تؤجل النظر في هذه القضايا الي مرحلة الدولة او مرحلة ما بعد الدولة التي قد لا يصلون اليها او اذا وصلوا اليها ليس بالضرورة ان تكون دولة متجهة لهذه القضايا لان الدولة احيانا تستولد قضايا اخرى.
# في بعض الاحيان قد يكون السبب لعدم الاهتمام بهذا الثالوث قد يرجع الي تكوين الحركات الإسلامية نفسها لانها حركات صفوية ولذلك لم تكن في الغالب من غالبية الشعوب ولذلك القائمون علي امرها كانوا صفويين اتجهوا لمعالجة قضايا لا تهم المجتمعات الشعبية
_ اذا نظرت للحركات الاجتماعية في التاريخ الانساني عموما وحركات الاصلاح الذين قاموا بها كانوا صفويين معظمهم كانوا من الطبقة الوسطى او الطبقة فوق الوسطى ليس بالضرورة ان يكون الانسان من الطبقة المسحوقة حتى يشعر بآلامها ليس هناك من بأس ان تكون قيادات الحركات الإسلامية من هذه الطبقات لكن تحس بهذه المسائل وتحاول حلها، المشكلة ليست فقط التكوين الاجتماعي لكن يمكن التكوين العلمي والتكوين السياسي، التكوين العلمي صحيح فيه هذه الناحية الصفوية وفيه تعلق بالمثال الذي ذكرناه خاصة الذين تخرجوا في الدراسات الشرعية تعلقهم بالمثال واشواقهم له اكثر من تعلقهم بالواقع ومعرفتهم بالمثل والافكار اكثر من معرفتهم بالواقع، ثانيا التكوين السياسي نفسه التكوين التنظيمي يؤطر الانسان كثيرا ويشغله كثيرا بحيث لا يكون لديه متسع للتجاوب مع بعض القضايا الاخرى المحلية وحتى القضايا الانسانية.
# نزعة التسييس الزائدة في تجربة الحركات الإسلامية هل سببها المباشر هو احتكاكها مع تيارات اخرى دخلت معها في صراع ام ان هناك اسبابا اخرى؟
_ جزء منها متصل بالرؤية العامة للحركات الإسلامية بمعنى انهم يعتبرون ان الفريضة الناقصة او الفريضة الغائبة في المنظومة كلها هي الجانب السياسي منذ سقوط الخلافة وسقوط الدولة الإسلامية والثغرة التي تحتاج الي معالجة هي الثغرة السياسية لذلك وجهوا طاقات واهتمامات شديدة للجانب السياسي، السبب الآخر هو ايضا الضغوط السياسية والأمنية الهائلة التي تعيش فيها معظم الحركات الإسلامية فما تركت لهم خيارا غير الاشتغال بالسياسة ، فاذا انت كنت محاصرا او معتقلا من نظام سياسي قابض وقاهر فماذا تستطيع ان تفعل غير انك تحول كل طاقتك الذهنية والنفسية لمقاومة هذا النظام بالتالي طغى الجانب السياسي وهذا ليس بالامر الحميد هناك حركات سياسية اخرى كثيرة في العالم غير الإسلامي وتعرضت لضغوط سياسية وتعرضت لكذا لكن ذلك لم يمنعها من تكوين برنامج ذي قاعدة اجتماعية وذي ابعاد ثقافية فكرية هامة فهذه نقطة تحتاج فعلا الي تفسير.
# نقطة اخيرة في ما يتعلق بالقضايا الاجتماعية هناك ضعف بائن في تجارب الحركات الإسلامية في الاهتمام بالفقراء؟
_ ليس كلها هناك بعض الحركات الإسلامية في فترة سابقة لديها احساس بهذه المسألة وحاولت تقوم ببعض المعالجات واذا نظرنا الان الي بعض الحركات التي استطاعت ان تحقق بعض النجاحات مثل الحركات الإسلامية في تركيا ظاهر ان هذه الحركات لديها احساس بالمسألة الاجتماعية ومسألة الفقر والتنمية بصورة كبيرة واذا نظرنا حتى للحركة الإسلامية في مصر لديها هذا وصحيح انه ليس بنفس النسبة التي توليها للجوانب السياسية والجوانب الاخرى مسألة الفقر عموما صحيح انها لم تجد الاهتمام الذي تستحقه في برامج الحركات الإسلامية في تقديري.
# الحركات الإسلامية انتجت مشروعات للتجديد في مقابل تحديات الواقع فهل كانت هذه المشروعات علي قدر التحديات وهل اجابت على اسئلة الواقع مع التباين في مشروعات الحركة الإسلامية علي مستوى العالم العربي والإسلامي؟
_ هذا سؤال جيد ولكنه صعب بعض الشيء لانه لا نستطيع الحكم علي تجارب كل الحركات الإسلامية بصيغة واحدة ونقول علي العموم نعم استطاعت الكثير من الحركات الإسلامية ان تنتج برامج تستجيب فيها لبعض تحديات الواقع وطبعا لمعرفة هذه البرامج وجدواها نحتاج لنظرة للتحديات نفسها التي تجابه هذه الحركات الإسلامية، وفي تقديري ان واحدة من اهم التحديات التي تواجه هذه الحركات ان هناك فجوة كبيرة بين المجتمع والقوى الاجتماعية المسلمة وبين الدولة الحديثة، وكان واحد من التحديات كيف يمكن اخراج هذه الجماهير المسلمة المهمشة لفترات طويلة من هوامش الحياة وادراجها في الحياة العامة حتى تشارك بصورة حقيقية في صناعة واقعية لان قولنا ان هناك حركة إسلامية او قيادة لا ينبغي بأي حال ان يلغي دور الجماهير، وواحد من التحديات كيف نستطيع ان نخرج هذه الجماهير ونبني لها قدرات حتى تشارك مشاركة حقيقية في صناعة مستقبلها وفي تحقيق اهدافها ، والتحدي الآخر هو كيفية الوصول للسلطة او الوصول للدولة وكيفية بلورة رؤية ونظرية للدولة نفسها ككيان، طبعا انت لا يكفي ان تقول انك تريد ان تستولي علي الدولة ولكن يجب ان تجيب على أسئلة أخرى ما هي طبيعة الدولة ورؤيتك للدولة علي افتراض انك تمكنت من الاستيلاء علي هذه الدولة ، ثانيا ماذا عسى ان تفعل هذه الدولة كمشروعات ما هو الدور المناط بهذه الدولة حتى تستطيع ان تكتمل المشروعات التي تتحدث عنها، وفي تقديري هذه واحدة من نقاط ضعف الحركات الإسلامية.
# لم تكن مهيأة لتصورات كاملة عن مشروع الدولة في برامجها؟
_ صحيح لم تكن لديها نظرية متكاملة عن طبيعة الدولة وعن الوظيفة التي يمكن ان تؤديها والمشكلات التي يمكن ان تفرزها، طبعا هناك نظريات في تاريخ الفكر السياسي الحديث كثيرة عن الدولة وهناك نظريات غالبة في الفكر الغربي، انا اخشى ان اقول ان كثيرا من الحركات الإسلامية استندت علي هذه الافكار والنظريات الجاهزة في الدولة ثم اعتمدتها في برنامجها الإسلامية .
# لم تكن هناك اجتهادات خاصة للحركات الإسلامية في مقولة الدولة رغم بعض الاجتهادات هل هذا يعني انه لم يكن لديها اجتهادات في نظرية الدولة؟
_ الاجتهادات في نظرية الدولة في تاريخنا الإسلامي توقفت منذ زمن طويل لدينا نظريتان: نظرية الامامة في التراث الشيعي ، ونظرية الوكالة في التراث السني ونظرية الخلافة. نظرية الامامة :الحركات التي تعمل في الاطار السني لا تهتدي بها نظرية الخلافة اصبحت نظرية تاريخية واثبتت قصورا وفشلا في كثير من الجوانب فلا يمكن ان يستهدى بها كثيرا ،نظرية الوكالة هي نفس النظرية الليبرالية الغربية السائدة في العالم الغربي ،هناك نظرية اخرى مهمة جدا تسربت الي فكر الحركات الإسلامية بطريقة لا شعورية في تقديري وهي النظرية الماركسية في الدولة وهذه نظرية علي درجة كبيرة من الاهمية والخطورة ومفادها ان ماركس لاحظ الي مركزية الدولة في النظام الرأسمالي الغربي واعتقد انه لا يمكن احداث تغيير اجتماعي حقيقي الا بانتزاع هذه الدولة من القوى البرجوازية وتسليمها الي القوى العاملة التي تقوم من بعد بتشكيل مستقبلها بصورة جديدة ثم تتلاشى الدولة، وهذه النظرية عليها ملاحظات كثيرة حتى في التجربة الماركسية نفسها ولكنها بصورة ما تسربت الي داخل فكر الحركات الإسلامية.
# في كل فكر الحركات الإسلامية ام حركات بعينها؟
_ اعتقد ان الحركة الإسلامية في مصر والحركة الإسلامية في السودان وحركات اخرى فكرة مركزية الدولة هذه لها مكان في تفكيرهم وبالتالي ضرورة الاستحواذ على الدولة وهذا أمر في درجة عالية من الاهمية والخطورة لانك اول ما تفكر ان شروط التغيير مربوطة بالاستيلاء علي جهاز الدولة بالتالي كل العمليات الاخرى والمشاريع سوف تكون لاحقة الي هذه الفكرة المحورية ، طبعا انا لا اعترض علي الدولة من حيث هي والاستيلاء علي الدولة لكن السؤال ماذا يحدث بعد الاستيلاء على الدولة.
# حتى ولو لم يكن الاستيلاء بالطرق المشروعة ؟ هل هناك في تجارب الحركات الإسلامية طريق مشروع للوصول الي الدولة؟
_ طبعا الطريق الذي يتحدث عنه دائما يمر من خلال الجماهير لابد ان يكون هناك تفويض ورضا شعبي وتكون هناك مشروعية شعبية من خلالها يتم الاستيلاء علي الدولة، ثانيا بعد الاستيلاء علي الدولة النظرية تفترض ان تعود السلطة الي الجماهير نفسها ويكون الهدف من الدولة هو تقوية القدرات الجماهيرية وهذا يستقيم مع الفكر الإسلامي لان النظرية الإسلامية ترى ان المجتمع اهم من الدولة وتقوية المجتمع اهم من تقوية مؤسسات الدولة وينبغي اذا وصلنا الي الدولة تستخدم الدولة لتقوية قدرات المجتمع المختلفة حتى يستطيع ان يقوم بكل اعبائه في النهضة الحضارية.
# تضخم مقولة الدولة في فكر الإسلاميين هل هو طبيعي ام هي حالة مرضية كما يقول البعض؟
_ لا نقول هي حالة مرضية لكن في بعض الاحيان حالة اضطرارية لان العمل السياسي والعمل الاجتماعي يقود بعضه الي بعض فانت اذا دخلت في طريق محاولة الاستيلاء علي الدولة وتعظيم المؤسسات فان الدولة لها منطقها الداخلي ومقتضياتها السياسية فالدولة نفسها تجبرك علي ان تفكر بطريقة الدولة وبطريقة المؤسسات، فانا اعتقد ان الدولة كما ان الانسان او السياسي يحاول ان يشكل الدولة، الدولة ايضا تشكل، فكثير من الذين دخلوا في هذه التجربة شكلتهم الدولة بدلا ان يقوموا بتشكيلها وعدلت رؤاهم بدل ان يقوموا باعادة هيكلة الدولة وهذا هو مأزق كثير من الحركات الإسلامية التي وصلت الي مرحلة الدولة وهو المأزق الذي ينتظر التي لم تصل لمرحلة الدولة.
# قيم مثل قيم الحريات وحقوق الإنسان وتداول السلطة في تجارب الحركات التي لم تصل ،وفي تجارب الحركات التي اتيح لها ان تطبق مشروعها علي ارض الواقع. هل ترى هذه القيم بارزة في تجارب الإسلاميين؟
_ طبعا قيمة تبادل السلطة وقيمة الحرية جربت في مرحلة ما قبل الدولة والنتائج لم تكن باهرة بأي حال من الاحوال لأن التنظيمات الإسلامية في داخلها تعثرت فيها فكرة تبادل السلطة وطبعا امير الجماعة اصبح مثل الخليفة العباسي لا يتخلى ولا يتحول من قيادة الحركة الا بالموت الطبيعي او الانقلابات والمؤامرات الداخلية وهذه تجربة غير مشجعة فاذا انت لم تستطع ان تبسط الحرية والشورى وتبادل السلطة في داخل التنظيم الإسلامي فكيف يتسنى لك ان تفعل ذلك حين تتولى الدولة الكبرى وهذه واحدة من التحديات الحقيقية ، فالحركات الإسلامية مطالبة ان تثبت ان القيم الإسلامية قيمة العدل وقيمة الحرية والشفافية وتبادل السلطة هذه القيم الراقية مطالبة هذه الحركات ان تخرج لنا نماذج عملية واقعية في داخل التنظيمات الإسلامية نفسها ثم من بعد ذلك تتوطد ثقة الجماهير بها.
# من اين تسرب هذا .. الاستمرار فترة طويلة في قيادة تنظيمات إسلامية محددة من اين تسرب الي فكر الحركات الإسلامية ، هل من التيارات التقليدية التي تحتك بها هذه الحركات في دول معينة ام من أين تسرب؟
# هناك خيط من التراث الإسلامي السابق في فكرة لا نقيل ولا نستقيل في ان الانسان الذي ينال الثقة يستمر الي ان يجد سببا يسحب منه الثقة وهناك خيط اخر من التراث الإسلامي ايضا هو المحافظة والخوف من الفتن والنزاع فلا تنازع أهل الامر في هذه الأمور وهناك خيط اخر من المجتمعات الإسلامية انها في عمومها مجتمعات محافظة وهناك جزء آخر عملي ان القيادة في ظروف ما قبل الدولة لها تكلفة ولها ثمن ولها تضحيات فالناس لا يتحمسون لها كثيرا فمن تصدى لها يترك لان ليس لديها نواتج سعيدة بالتالي ليس هناك حماس شديد للتصدي والمنافسة للقيادة فترة ما قبل الدولة امكن فترة ما بعد الدولة امر مختلف لذلك يترك من يصير اميرا او مسؤولا للجماعة الي ان يقضي الله امرا كان مفعولا، وهذه الاسباب في تقديرنا التي ادت لعدم وجود تبادل للسلطة لانه ليس هناك سلطة بصورة حقيقية يتنافس فيها الناس ولا شيء مغري بل بالعكس هناك تضحيات ومشاكل شديدة مما جعل الجماعة تركن الي من يتحمل هذه الاعباء وهذه المسؤولية ولا ينافسونه.
# بعض الحركات الإسلامية حاولت ان تصل الي الحكم عن طريق الممارسات الواقعية التي يحكمها ظرف اليوم مثل تجربة الإسلاميين في الجزائر وفي فلسطين حاولت ان تصل للحكم عن طريق صناديق الاقتراع لكن تم وأد التجربتين،الحديث الان عن مرونة في فكر الحركات الإسلامية في التعامل مع مفاهيم الديمقراطية وغيرها ، هل السبب ما تم لوأد في تجربتي حماس والجبهة الإسلامية في الجزائر ام ان هناك اسبابا دفعت الحركات الإسلامية الي ان يكون خطابها مرنا بعض الشيء.
_ طبعا الجزائر لها خصوصية لان الجزائر هي الحديقة الخلفية لقوى أوروبية لا تريد للجزائر اي انعتاق بعيدا عنها وكذلك فلسطين هي منطقة لصراع دولي معقد جدا فبالتالي اي محاولة وجود حركة إسلامية او حركة ديمقراطية حرة تكون مرتبطة بمصالح دولية وتعقيدات خارجية كثيرة بالتالي تحبط هذا عامل خارجي ، وهناك عامل اخر داخلي انك عندما تتحدث عن الدولة لابد ان تتحدث عن القوى الاجتماعية المستفيدة من هذه الدولة، في تقديري ان كثيرا من الحركات الإسلامية تنظر للدولة كأنها جهاز سلطوي قانوني فقط وتنسى القوى الاجتماعية ذات المصالح القوية في قيام هذه الدولة وسقوطها ، فاذا انت تريد ان تستولي علي هذه الدولة لابد ان تحدث تفاهمات ما مع القوى الاجتماعية الحقيقية التي تسيطر علي الاقتصاد وعلي التجارة وعلى عوامل الانتاج فالدولة فقط بنية فوقية لهذا فاذا كان هناك مرونة فهي ليست فقط علي المستوى السياسي او القانوني او الشعار وانما المرونة في التصالح والتحالفات والتراضي الذي يتم بين الحركات الإسلامية وبين القوى الاجتماعية الحقيقية المتنفذة فاذا استطاعت حركة حماس ان تحدث مثل هذا او استطاعت حركة في الجزائر ان تحدث مثل هذا التصالح تستطيع ان تصل الي الدولة هو التخوف ليس فقط من القوى الخارجية لكن التخوف ايضا من رأس المال القوى الرأسمالية البرجوازية الداخلية فاذا وجدت حركة إسلامية متزنة تستطيع ان تتحالف وتطمئن اصحاب المصالح بانها حينما تصل الي الدولة لن تضر بمصالحهم فسوف يمهد لها الطرق الي الحكم لكن السؤال هل سوف تظل حركة إسلامية ام تتحول هي نفسها الي عنصر من عناصر القوى الرأسمالية هذا تحدٍ كبير.
# هل يفرق كثيرا ان تصل الحركة الي السلطة عن طريق صناديق الاقتراع او عن طريق انقلاب عسكري ؟
_ نعم اعتقد يفرق لان الوصول للسلطة عن طريق القهر والاكراه سيبرز سلسلة اخرى من سلسلات القهر والهيمنة والاكراه.
# حتى لو طرحت الحركة لاحقا مشروعها الإسلامي؟
_ لن تستطيع ان تبرز مشروعها الإسلامي لانها ستدخل نفسها في شبكة من المسائل الامنية ومسائل التأمين وتحاول تسد فجوة عدم الثقة بينها وبين الذين لم يفوضوها وهذه تستهلك طاقات كثيرة، زيادة علي هذا انا اعتقد ان الذي يستولي علي السلطة بالقوة والقهر هو نفسه سايكلوجيا يتغير يصعب عليه ان يعود لمرحلة التراضي لكن اذا حدث ذلك وهي حالات قليلة فيكون هذا هو الاوفق لاننا لو استطعنا ان نجد مسوقا لاي عمل انقلابي في داخل الفكر الإسلامي فالمسوق هو النتائج التي تترتب عليه فاذا الانسان استولى واخذ الدولة بالغلبة وفعل بها احسانا وعاد بها الي اصحاب الشورى الحقيقيين فهذا قد يكفر عن ذلك لكن الذي نراه واقعا ان الذي يستولى علي الدولة عنوة وقهرا لن يعود بها بسهولة الا ان تؤخذ منه عنوة ويدخلنا في سلسلة استخدام القوة والقهر داخل النظام السياسي بالتالي تحدث تمزقات كثيرة داخل المجتمع بسبب هذا.
# هناك الآن تجربة للحكم الإسلامي في إيران مسنودة بالفكر الشيعي هناك تجربة إسلامية في تركيا البعض يعتقد انها مسنودة الي حد علي علمانية لها علاقة بالغرب هناك تجربة في السودان للحركة الإسلامية في الحكم اقرب الي الإسلام السني، هل تنظر الي هذه الحركات الى انها تستفيد من تجارب بعض هل بينها خيط مشترك ؟
_ انا لست متأكدا ما اذا كان هناك فعلا شيء من تنسيق او تناغم بين هذه الحركات لكن الذي اراه ان كل هذه الحركات تسير علي طريق التجربة والخطأ إلى حد كبير بما فيها الحركة في ايران رغم ان الايرانيين في مجال التنظير وفي مجال الفلسفة ابعد باعا لكن السياسة لا تستطيع ان تضبطها علي ضوابط نظرية ففيها مجال كبير للتجربة والخطا، فأنا لا ارى ان هناك تنسيقا كاملا ولست متأكدا ما اذا كانت هناك استفادة مشتركة بين هذه الحركات ويا ليت ذلك يتم.
# هل ذلك ممكن ومتاح علي رغم الاختلافات الفكري في هذه الحركات؟
_ يمكن ان يحدث ذلك لان السياسة في عالمنا الحاضر لا تقوم علي الانفراد ولا تقوم على الاقليمية الضيقة او القطرية ولكن العالم كله يتسع ويسعى لايجاد تحالفات وايجاد نقاط مشتركة وتبادل منافع الي اخره فالدول التي اشرت اليها يمكن ان تمتد بينها اتصالات وتقوم بينها انواع من انواع الاشتراك والتعاون اذا توفرت لكن لا تنسى ان السياسة الاقليمية والسياسة الدولية لا تسمح في كل الاحيان ان يتم تنسيق حقيقي ووثيق بين الحركات الإسلامية سواء كان في ايران والسودان او في السودان وتركيا.
# ما يسمى الان بالربيع العربي، هناك حديث ان الحركات الإسلامية كان لديها دور في حركة الجماهير في الوصول الي هذه النتائج الآن هل هذا تم بوعي من هذه الحركات ام انها اختطفت ظرفا تاريخيا معينا وقفزت علي المشهد السياسي؟
_ لا اعتقد ان الحركات قفزت لكن السبب الذي اوجد لها دورا انها كانت حركات مقهورة في داخل هذه النظم مثل ليبيا ومصر تجد ان الحركات الإسلامية كانت في المعارضة وكانت في السجون وكانت علي هامش الحياة والنظام الذي اطيح به كانت جل قوته مركزة علي ضرب وتصفية هذه الحركات ويركز ليلا ونهارا علي ان هذه الحركات هي البعبع الذي ينبغي ان يزاح الي اخره ، فالحركات استفادت جماهيريا من هذا الزخم ، لا نستطيع ان نقول انها صنعت الثورات بصورة كاملة لكن نستطيع ان نقول انها شاركت في كثير من الاحيان مشاركة فعالة في انجاح هذه الثورات.
# هل سيترتب علي ذلك دور لهذه الحركات في مستقبل الأيام ؟ كيف تنظر إلى ادوارها الان بعد اكتمال المشهد بوصول الحركات الإسلامية في بعضها الي البرلمان، في بعضها يرشح الان نفسه للرئاسة؟
_ بالتأكيد هذه تدخل في اطار مأزق ما بعد الدولة وهو يمكن تلخيصه في ثلاث او اربع نقاط اساسية النقطة الأولى ان هذه الحركات إذا توصلت الي مرحلة الدولة او شاركت مشاركة فعالة فماذا يفعل او ماذا يحدث في مجال النظام السابق كيف تتعامل معه ما تسمى بالفلول ، في بعض الدول النظام السابق ليس مجرد شخصيات او افراد انما هو نظام قائم كان مستمرا لفترة طويلة النظام الدبلوماسي والعسكري كيفية تفكيك النظام البائد واقامة نظام جديد هذا تحدي لبناء دولة بصورة جديدة وقيم جديدة هذه مسألة في غاية الصعوبة، الجماهير ستحكم عليك بنجاح وفشلك في هذا.النقطة الثانية التنمية الاقتصادية ومسألة الفقر ما هو البرنامج العملي ، هذه الجماهير التي خرجت وثارت هي جماهير مطحونة بالفقر والتهميش والجهل هم يريدون ان يكون هناك برنامج واضح يغير هذه الحالة برنامج تنموي اذا وصلت الحركة الإسلامية مطالبين بالبرنامج التنموي الذي يستوعب البطالة ويحرك المصانع والمزارع ومن اين تحصل علي التمويل اللازم.
النقطة الثالثة والخطيرة في تقديري هي العلاقات الدولية وخاصة فيما يتعلق بالقوى الغربية المهيمنة والتحالف الغربي الاسرائيلي طبعا طالما هي حركات إسلامية فتطرح مباشرة مسألة فلسطين ومسألة اسرائيل فكيف تتعامل مع هذه القضية وهذا تحالف عسكري امني تقني قوي جدا فهل تستجيب عن طريق التعبئة والجهاد ام تستجيب عن طريق الهدنة والتطبيع ام هناك طريق ثالث تستطيع ان تسلكه الحركات الإسلامية لمواجهة هذه القوى فهذه تحديات في غاية الصعوبة، بالاضافة الي تحديات بناء الدولة الحديثة نفسها وكيف تكون علاقاتها مع المجتمع وماذا تفعل مع القوى الرأسمالية الموجودة هل تتحول لنظام رأسمالي وتعتمد تخصيص المؤسسات وتخصيص الدولة نفسها ام تصبح دولة قطاع عام تقوي ذراع الدولة ، طبعا اذا ذهبنا في اتجاه النظام الرأسمالي فما هو الداعي للثورة اصلا واين يوجد الشعار الإسلامي، واذا قلنا بالرجوع الي مسألة الحكومة المركزية القوية وتدعيم القطاع العام وبناء التعليم فمن أين تحصل على التمويل اللازم لهذه العمليات هذه معضلات كثيرة.
# الغرب يتهم الحركات الإسلامية انها في بعض الاحيان كانت محضناً لتفريخ الارهاب والعنف، كيف تتعامل هذه الحركات مع هذه النظرة الغربية ؟
_انا لا اعتقد ان التعامل مع هذه الاتهامات يكون بالانكار والرفض فالاخر سيظل يتهمنا بالارهاب وسيظل يتهم الحركات الإسلامية بالاصولية الي اخره لكن الرد الحقيقي ان نطور نقدا داخليا ذاتيا بصورة صحية ونعترف انه فعلا في داخل المجتمعات الإسلامية وفي داخل الفكر الإسلامي هناك خمائر تولد هذا النوع من التفكير المتطرف وهذا النوع من النزعة الاقصائية موجود في داخل تراثنا فلابد ان نطور قدرات نقدية تستطيع ان تقضي فعلا علي سمات التطرف والغلو في داخل المجتمعات نفسها لان التطرف ليس خطرا علي الغرب فحسب انما هو خطر علي المسلمين والمجتمعات الإسلامية، وأنا الاحظ ان الحركات الإسلامية حين يأتي الكلام عن التطرف والارهاب تغض الطرف وهذا لا يفيد فينبغي ان يكون للحركات الإسلامية خط واضح فهناك اشياء ينبغي ان لا نقر بها تماما سواء كانت ارتكبت جرائم ضد الغرب ام لم ترتكب فنحن لا نقبل التطرف والتفسير الشكلي والحرفي للدين والتحدث باسم الإسلام بهذه الصورة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.