يعتبر مسجد الشيخ محي الدين بن عربي بمنطقة الدروشاب جنوب في الخرطوم بحري من المساجد العريقة في المنطقة، وهو أحد ثلاثة مساجد شهيرة في كل من سوريا ومصر والسودان، تحمل الاسم نفسه ويعتمد المسجد “الطريقة الأكبرية" في نشر الدعوة وعلوم الدين ويركز على قطاعي الشباب والمرأة للنهوض بهما عبر منهج صوفي وفقه مالكي، وهو أيضا ساحة لتجمع أهل السياسة على مختلف ألوانهم . قد ارتبط المسجد باسم الشيخ حاج علي أحمد سليمان، حيث طغى اسم مسجد “حاج علي" على اسم بن عربي، ويعد حاج علي، الذي يحرص دائماً على تذكير الناس باسم “ابن عربي"، مؤسسا للمسجد وجارا له حيث يقطن وأسرته الكريمة داخل حرم المسجد في منطقة واسعة وأصبح أحد أبنائه من الأمة والدعاة . يقول حاج علي: المسجد هو واحد من أنشط الآليات التابعة لمجمع الشيخ محي الدين في السودان، والتي تمتد في كل البلاد، وهو واحد من ثلاثة مساجد شهيرة في العالم أولها مسجد سيدي الشيخ ابن عربي وضريحه في سوريا، ومسجد بالاسم ذاته في منطقة البساتين في مصر، وهنا في السودان مسجد سيدي الشيخ ابن عربي الأكبر في الدروشاب . ويروي حاج علي تاريخ تأسيس المسجد، قائلاً إن حجر الأساس وضعه، السيد محمد عثمان الميرغني زعيم طائفة الختمية ورئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي في العام ،1981 وافتتح بعد ثلاثة أعوام على يد أخيه الراحل أحمد الميرغني . رسالة المسجد ويضيف: تهدف رسالة المسجد أساساً بالإضافة إلى الدعوة وبث العلوم، إلى جمع أهل هذه المنطقة الكريمة التي تحتضن جميع الطوائف والملل والقبائل السودانية تقريبا، وهي - منطقة الدروشاب - التي تتوسط العاصمة وتقع على خاصرتها الشمالية بكيلومترات معدودة، وهذا المسجد ذو المنهج الصوفي والفقه المالكي، يدعو دائماً للنهوض بالشباب والمرأة، وبحمد الله أدى رسالته في هذه الفترة، وكان في أوائل الثمانينات المسجد الوحيد في المنطقة والثاني في المدينة، والآن بحمد الله امتلأت المدينة بأكثر من 25 مسجداً . ويواصل حاج علي: تعاقب على المسجد بفضل الله حفظة القرآن وقاموا بواجب التحفيظ والدروس المستمرة للطلاب واعتمدوا المسابقات الدينية، وأصبح المسجد مركزاً لاستضافة كثير من الدعاة، خاصة أولئك الذين يخرجون في سبيل الله، ونمى إلى علمناً أن هذا المسجد موصى عليه في باكستان، ولذلك تجد جحافل من الإخوة الباكستانيين الخارجين في سبيل الله يؤمونه بشكل دائم ويرتادونه كثيرا ويعكفون فيه مدة من الزمن، وأيضا هو ساحة لتجمع أهل السياسة على مختلف طبقاتهم، للتشاور والرأي فيما يهم البلاد، وقد زاره الرئيس البشير أكثر من مرة، وكذلك فعل الرئيس الأسبق جعفر نميري عدة مرات، وكان مركزاً للسيد محمد عثمان الميرغني يعقد فيه حلقات الذكر ومولد الختمية . مخططات مستقبلية ويقول حاج علي: من المخططات المستقبلية للمسجد أن تلحق به مدرسة قرآنية كبيرة، ونحن الآن بصدد إقامة مركز صحي كبير، والحمد لله الأراضي المخصصة لذلك موجودة، ونسأل الله أن يوفقنا في افتتاح مركز كبير للدعوة وأن يصبح مركزاً متكاملاً لعلوم القرآن، يضم كل المناشط الاجتماعية . علماً بأن المسجد افتتح له مركزا كبيرا للدعوة في الحارة 13 في المنطقة ذاتها يقوم بتدريس وتدريب الناس على استخدام الكمبيوتر في التحفيظ والدراسات الإسلامية والاهتمام بتعليم الأطفال والنساء علوم الكمبيوتر . ويشير حاج علي إلى أنه وبحكم منصبه أميناً عاماً لهيئة إحياء النشاط الإسلامي يسعى لأن يقوم المسجد بأداء دوره في النشاط الإسلامي كمركز من المراكز الكبيرة للهيئة التي تهتم بالدعوة منذ العام ،1974 وهذه الهيئة التي كان يقودها الشيخ الراحل عوض الله صالح رحمه الله، يؤدي دورها الآن، كما كانت تؤدي في بقاع السودان المختلفة خاصة في مناطق الفونج والجنوب وجبال النوبة وغيرها من ولايات السودان . ويعرج حاج علي إلى نقطة مهمة، وهي أن مسجد محي الدين بن عربي يهدف في المقام الأول إلى تنظيم محاضرات علمية تبين حقيقة التصوف على منهجه الصحيح، الذي دعا إليه الشيح ابن عربي صاحب “الفتوحات المكية" وغيره من المؤلفات، ويقول: عندما نقول الشيخ محيي الدين بن عربي، نعني صاحب الطريقة “الأكبرية الحاتمية" في السودان، وهي طريقة مغمورة ولكنها تحسب ثالث طريقة في العالم بعد القادرية والبرهانية، وهي طريقة سيدي “أبو مدين الغوث" الذي أطلق على شيخنا محيي الدين بن عربي وصف “الأكبر" وعليه سميت الطريقة “الأكبرية" . وهذه الطريقة تدعو إلى تعلم العلم والتواضع والكرم وكل مكارم الأخلاق والسلوك تدريجا للوصول بالإنسان إلى الذوق السليم والمعارف الكاملة، وكل ذلك على نهج الرسول صلي الله عليه وسلم . كما يشير حاج علي إلى هدف ثانٍ هو العمل على وحدة الأمة الإسلامية ونصيحة الحكام والتفاهم حول أن تكون الأمة السودانية امة واحدة تدعو إلى كلمة الحق وتنبذ الفرقة فيما بينها . ويختم حاج علي كلامه بالقول: لابد أن تؤدي المساجد رسالتها الإيمانية على الوجه الصحيح ولا تصبح مكان نزاع أو صراع بين الطوائف، بل تكون ركيزة لكلمة توحيد واحدة، هي لا إله إلا الله محمد رسول الله . ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفق الأمة الإسلامية للقيام بالخير في هذا الزمان وأن تقوم بدفع الشباب إلى المساجد وأن يتعلموا منها سائر علوم العصر لتجد الدعوة الانتشار بشكل واسع وأسلوب حديث . صرح متميز ومن جانبه، يكشف إمام مسجد النور عبدالله أحمد مستور الحراك الإيماني اليومي للمسجد ويقول إنه صرح متميز في المجتمع وله رسالة كسائر المساجد، ويبدأ رسالته منذ الصباح الباكر بعد صلاة الفجر حيث تعقد حلقة تلاوة القرآن، فضلاً عن حلقات تلاوة يومياً عقب صلاة العصر، بالإضافة إلى درس يومي . أما عن شهر رمضان المعظم، فيقول شيخ النور - وهو طالب في السنة النهائية بجامعة امدرمان الإسلامية - إنه شهر التوبة والغفران، وتختلف أيامه عن بقية الأيام، ونحن نهيئ المسجد قبل وقت كافٍ ونتهيأ نفسيا لاستقبال الشهر المعظم بالترحاب والتهليل، والملاحظ أن الناس في رمضان يختلفون عن سائر الشهور، فهم يقرؤون القرآن ويتواصلون ويتجمعون في الإفطار الجماعي اليومي في باحة المسجد، وحين تقام صلاة التراويح والتي نعتمد فيها منهج التخفيف يمتلئ المسجد عن آخره، ونقيم إفطاراً جماعياً كبيراً سنوياً، ونعقد محاضرة عقب صلاة العصر يوميا فضلا عن المحاضرات الأخرى، ويزداد التواصل في شهر الخير والبركة . ويشير النور إلى أن كثيراً من الناس يرابطون في المسجد في شهر رمضان ويعتكفون في آخر الشهر ويأتي بعض العلماء أيام الجمع، ويلقون محاضرات وهي الرسالة العلمية الأساسية التي يهتم بها المسجد . الخرطوم - عماد حسن: