أثار مشهد ظهور الفنانة إنصاف مدني داخل أحد بيوتات الأعراس، الكثير من التعليقات، خصوصاً أن الفنانة وصلت إلى مكان الحفل بصحبة ثلاث سيارات، إحداهن (حافلة صغيرة) بداخلها أكثر من خمس فتيات هن (الكورس) الخاص بالفنانة، التى تم التعاقد معها لإحياء حفل حنة تلك العروس بأكثر من أربعة آلاف جنيه، وهو رقم كبير جداً، على حفل (دلوكة)، لا سيما أن الحفلات الخاصة بالدلوكة اشتهرت على مدار السنوات بأنها تكون شبه مجانية، وذلك لأنها من التراث السوداني المتوفر، لكن في الآونة الأخيرة، تبدلت الصورة وصار التعاقد لإحياء حفل (دلوكة) يفوق بالآلاف مبلغ التعاقد على إحياء حفل بفرقة موسيقية كاملة، وهو ما جعل البعض يتساءلون في حيرة: (هو الحصل شنو بالضبط)؟ لمسات (هندية): والدلوكة هي من التراث الشعبي السوداني الأصيل حيث ارتبطت بالغناء الشعبي منذ سنوات بعيدة، وهنالك بعض الأقاويل التاريخية التي تفيد بأن الهنود هم من أدخلوا هذه الآلة للسودان، حيث كانت في ذلك الوقت تصنع من الخشب، لكن السودانيين أدخلوا بعض التعديلات عليها حيث صاغوا صناعتها من خلال دبغ الجلود بالملح عقب سلخها وتنظيفها من الصوف، ثم شد الجلد على قاعدة فخارية توضع في الشمس حتى تجف. غروب جزئي: وبالرغم من صيت الدلوكة في مطلع الستينات حتى منتصف الثمانينات، إلا أنها تراجعت بصورة مثيرة للتساؤل، وذلك عقب سيطرة الآلات الموسيقية الحديثة جداً للفن الغنائي، وهذا ما دعا لغروبها الجزئي، ومن ثم العودة بصورة أكبر وأوسع بريقاً، منذ مطلع الألفية حتى يومنا هذا، ويرى كثير من المهتمين بالتراث السوداني أن تلك العودة كانت مرهونة بظهور أصوات جديدة ربما تمكنت من إعادة المنصب البارز للدلوكة وجعلته قيد الظهور من جديد. اهتمام إعلامي: وعلى ذات السياق يرى عدد من الموسيقيين أن الاهتمام الإعلامي بالدلوكة تسبب في إعادتها لدائرة الضوء من جديد، وألمح بعضهم إلى تخصيص عدد من القنوات الفضائية في أوقات سابقة لبرامج تختص بالتراث الشعبي وبالدلوكة تحديداً، مما كان له بالغ الأثر في عودة مضيئة لها، ويضيفون أن هنالك مطربات استطعن فرض أسلوب الغناء بالدلوكة من جديد وأبرزهن إنصاف مدني، التي ذكرنا قصتها في مقدمة هذا التقرير. للرجال نصيب: إغراءات أغنيات الدلوكة، و=التي هي في الأصل حصرية على النساء لم تمنع بعض الفنانين الشباب من تناولها بغرض الظهور والتجديد، بالرغم من الانتقادات القاسية التى تعرض لها بعضهم وفي مقدمتهم الشاب طه سليمان الذى ردد اغنية (جناي البريدو)، التى اخذت حيزاً ضخماً في الظهور، وحيزاً كبيراً كذلك في النقد الموجه للفنان الشاب ووصفه بأنه (مثير للجدل). مواصفات خاصة: وباعتراف عدد من المغنيات السودانيات، فإن أداء اغنيات الدلوكة هو أمر ليس بالسهل، ويحتاج لفنانة ذات مواصفات خاصة، ولعل هذا ما دفع بالفنانة إيمان لندن أن تعترف بابتعادها عن اداء اغنيات الدلوكة بسبب صعوبتها، بينما يرى عدد كبير من المطربات ان الدلوكة فن، يحتاج للكثير من المقومات حتى يبلغ أو تبلغ مؤديته قمة النجاح. السوداني