دعك من كل الاختبارات التي تقول أن دماغ الرجل أكبر وأنه أكثر قدرة على ممارسة بعض الأمور بفعالية فإن معظم تلك الاختبارات على ما يبدو منحازٌ ذكورياً وعكس تلك النتائج قد يكون صحيحاً، حيث أثبتت دراسة حديثة أن النساء أكثر ذكاء من الرجال حيث أنهم يسجلون نتائجاً أعلى في اختبارات الذكاء. شملت الدراسة التي أجراها باحثون في نيوزيلندا على تحليل بيانات اختبارات الذكاء لخمسمائة رجل وخمسمائة امرأة تتراوح أعمارهم بين الخامسة عشر والثامنة عشر وذلك في عدد كبير من الدول المتقدمة. إن النتائج التي ستنشر في أيلول ضمن كتاب بعنوان "هل أصبحنا أكثر ذكاءً؟" قد أظهرت أن النساء كنّ متراجعات عن الرجال بمقدار خمس نقاط عند البدء بتطبيق اختبار الذكاء ولكن الهوة بين النساء والرجال قد تقلصت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة وهذه السنة فإن النساء قد تقدمن على الرجال بنقطة إلى نقطتين تقريباً. ويعقب البروفسور جيمس فلين على ذلك بقوله "لقد تحسنت معدلات الذكاء لكلا الجنسين على مدى القرن الماضي حيث كانت المرأة تتخلف عن الرجل عادة بأربع إلى خمس نقاط ولكن في السنوات القليلة الماضية ارتفعت نتائج النساء بشكل أسرع وتجاوزت نتائج الرجال بنحو نقطة واحدة". ويضيف: "عندما يكون أمام المرأة الفرصة الكاملة للاستفادة من الحداثة، فإن المرأة تتساوى أو تتفوق قليلاً على الرجل". ومن الجدير بالذكر أن معدلات الذكاء قد ارتفعت بما يقارب 30 نقطة عن القرن الماضي وهذا لا يعني أننا قد اصبحنا جميعاً عباقرة الآن ولكن العقل الحديث هو أكثر قدرة على التعامل مع المسائل المجردة. كما أنه من المثير للاهتمام حقاً أن نتائج هذه الدراسة قد أفادت أيضاً أن النساء كنّ أكثر قدرة على التأهل لمرحلة ما بعد التعليم الثانوي بالمقارنة مع الرجال الذين سجلوا نفس الدرجات في اختبار الذكاء، حيث أنه بين طلاب وطالبات المدارس الثانوية كانت النساء اللواتي سجلن 100 نقطة في اختبار الذكاء يحصلن على درجات A وB وذلك أعلى من درجات الرجال الذين سجلوا 100 نقطة في اختبار الذكاء وكانوا يحصلون على درجات B وC. ويقول الدكتور جيمس فلين "إن النساء لسن فقط أكثر ذكاءً من الرجال ولكنهم يتفوقون عليهم أكاديمياً كذلك بسبب سمات في الشخصية". وهناك عدّة نظريات تحاول تفسير أسباب تقدم النساء في اختبارات الذكاء ومنها أن النساء كنّ سابقاً محرومات بشكل كبير وأن الحداثة قد أعادت إليهن الكثير من حقوقهن مما ساهم في تطورهن بشكل سريع، بينما تعزو إحدى النظريات ذلك التقدم إلى تعدد المهام التي تقوم بها المرأة بين الأسرة والعمل مما يعزز من ذكائها، بينما يحلو للبعض الآخر الافتراض أن المرأة بطبيعتها أكثر ذكاءً من الرجل. وفي السياق ذاته فإن عدّة دراسات سابقة أثبتت أن النساء أفضل خلقاً من الرجال وأكثر تعاطفا ً و قدرة على تبني سياسات اجتماعية، حيث أن النساء أكثر ميلا ً للموافقة على التعاطف السياسي كتخفيف الفرق الطبقي بين الفقراء والأغنياء و دعم قضايا المساواة والعدالة. وربما إذا استمرت نتائج النساء في التحسن قد نجد مستقبلاً حملات للمطالبة بالمساواة مع المرأة وإعادة حقوق الرجل.