الكل يتساوى في شرابه الغني والفقير, وهو الملك المتوج في كل الموائد الرمضانية بالسودان. اذ لا تخلو منه اي مائدة . وتنشط صناعته في الأيام التي تسبق الشهر الكريم .انه مشروب "الحلو مر" كما تحلو تسميته هنا في السودان لان طعمه يحمل مزيجا من الحلاوة والمرارة. وتتعاون نساء الحي أو القرية في عملية صناعته وإعداده عبر جلسات نسائية يتبادلن فيها العمل ,والذي يبدأ بجلب الذرة "الفتريتة" . وهي نوع من الذرة حمراء اللون تستخدم في صناعته، وتضاف الى ذلك كمية ليست قليلة من التوابل والبهارات لتعطيه لونا ومذاقا، ويتحول طحين الذرة إلى عجينة ثم يجهز صاج تحته كمية من الحطب وتشعل النارويسكب العجين على الصاج بشكل دائري حتى تستوي الطبقة لتظهر بصورة أقرب لرقاق الخبز ذات لون أحمر ومن ثم تضع اللفافات المصنوعة في حلة :طنجرة "كبيرة ثم يجهز كمشروب باضافة الماء البارد لفترة زمنية ليصفى بعد ذلك وتضاف إليه قطع الثلج مع كمية من السكر وتحريكه لتذويب السكر والثلج ويقدم كمشروب. وتقوم الاسر عادة خاصة تلك التي لديها أبناء واقرباء في خارج السودان باعداده وحزمه اليهم ايا كانت الدولة التي يعيشون فيها ببلاد الاغتراب. المشروب مهدد هذا العام بالاختفاء من بعض الموائد الرمضانية خاصة بالنسبة للأسر الفقيرة نسبة لغلاء اسعار الذرة وارتفاع تكلفة صنعه بعد ان بلغ سعر جوال الذرة 18000 جنيه، الأمر الذي يجعل من "الحلو مر " مشروبا للاغنياء فقط كما يرى بعض السودانيين. غير ان بعضهم يرى عكس ذلك باعتبار ان الأهالي مهما يكن الأمر لا يمكن ان يستغنوا عنه، ويستدلون على ذلك بانه ورغم الاجراءات الاقتصادية التقشفية التي اتخذتها الحكومة السودانية مؤخرا وما خلفته من غلاء في السلع الاستهلاكية ، الا ان ذلك لم يمنع الاسر من التجهيز لشهر رمضان بصورة عامة وتجهيز كمية وان كانت اقل من السابق من "الحلو مر" . ولاننسى هنا مشروبا آخر لايقل شعبية وهو توأم للأول ,وهو الآبري الأبيض وأيضا يصنع من الذرة وله نكهته المحببة ويفضله الأطفال لأن كوبه يروي ويشبع في آن معا.
