رغم الأقوال الشائعة بأن على المحب الحقيقي أن يغفر كل شي ويسامح الحبيب على الأخطاء التي يرتكبها، إلا أن هذا ليس رأي آخر الدراسات التي تناولت الثمن الذي قد تدفعه العلاقة بين الشريكين جراء غفران أحدهما لزلات الآخر. ففي هذه الدراسة التي قُدِّمت في المؤتمر السنوي للجمعية الأميركية لعلم النفس في أورلاندو أن مناقشة صريحة مفعمة بالغضب - قصير الأمد- تقدم للعلاقة بين الشريكين على المدى الطويل فوائد أفضل بكثير مما تقدمه المسامحة والغفران. هذا ورغم النزعة الشائعة في علم النفس في الفترة الأخيرة والقائلة بأن المسامحة واللطف والتفكير الإيجابي قد يجعل المحبين يتغلبون على الصعاب في علاقاتهم إلا أن الدكتور جايمس ماك نالتي يرى الموضوع من زاوية مختلفة "كنت أجد أدلة باستمرار تشير إلى أن الأفكار والتصرفات التي يقوم بها البعض بهدف أن يصلوا إلى حالة أفضل تؤدي عكس مفعولها - أي الحالة الأسوأ، وغالباً هؤلاء الأشخاص هم الأكثر حاجة لمساعدتنا". لذلك سعى الدكتور ماك نالتي إلى معرفة مدى التاثيرات الإيجابية الفعلية لهذه الطريقة في التفكير على العلاقة بين الشريكين من خلال مراجعته لمجموعةٍ من الدراسات الحديثة والتي وجد من خلالها أن المسامحة قد تؤدي إلى تأثيراتٍ سلبية غير مرغوبةٍ على هذه العلاقة. إذ يذكر الدكتور ماك نالتي: "نمر جميعنا بأوقاتٍ يؤذينا فيها الشريك بشكل أو بآخر، فقد يكون غير مسؤول مادياً أو لا يدعمنا عندما نكون بأمس الحاجة إليه أو حتى قد يخوننا، وفي هذه الظروف نتسائل ما إذا كان يجب علينا أن نسامح شريكنا أم أن نغضب ونتمسك بهذا الغضب". وقد أشار الدكتور ماك نالتي إلى أن عواملَ كثيرة تلعب دوراً في التأثيراتِ السلبية للمسامحة على العلاقة، منها تكرار وشدة الأذية التي يسببها الشريك ومنها النضج النفسي لديه ودرجة وعيه، إذ يذكر الدكتور "الاقتناع بأن الشريك يسامح يقود الأشخاص اللطيفين إلى محاولة عدم الإساءة إليه مجدداً والأشخاص المسيئين إلى الإساءة إليه مجدداً". بالإضافة لذلك فإن الغضب يلعب دوراً مهماً في الإشارة إلى الطرف المسيء بأن سلوكه ليس مقبولاً: "إن كان بمستطاع الشريك أن يحل المشكلة التي قد تستمر وتؤثر على العلاقة في حال لم يفعل شيئاً حيالها، فلعله من المفيد تأجيل المسامحة وإظهار الغضب إلى حين". ويشير هذا العمل - وفقاً للباحث الرئيسي- إلى أنه على الناس أن يكونوا مرنين في كيفية تعاملهم مع المشاكل التي قد تظهر في مسيرة علاقاتهم العاطفية، إذ يقول الدكتور: "ليس هناك رصاصة سحرية أو طريقة واحدة للتفكير خلال العلاقة، فتبعات أي قرارٍ نتخذه في أي موقفٍ يواجهنا خلال علاقاتنا يعتمد على الظروف المحيطة بذلك الموقف". لذلك عزيزي القارىء، في المرة القادمة التي تختلف فيها مع شريك حياتك، تشاجر معه وعاقبه قليلاً بدل أن يرق قلبك وتسامحه بسرعة لكي تستمر علاقتكما كما يجب!(