تركّز الهيئات والمنظّمات الصحيّة على التوعية الموجّهة نحو "السلوك الجنسي" في محاربة الإيدز، وغالباً ما تستخدم في حملاتها اصطلاحات من طبيعة "استخدم الواقي الذكري" أو "ابتعد عن العلاقات العابرة"، إلا أنّ ارتباط الإيدز بالطبقات والبلدان الفقيرة جعل الباحثين يفكّرون بطريقة مختلفة. ويقول باحثون في دراسة حديثة "إنّ التدخّلات الاجتماعية والماديّة التي لا تتوجّه مباشرة إلى تغيير السلوك الجنسي يمكن أن تكون استراتيجيّات ناجحة في محاربة الإيدز". وانطلق الباحثون في هذه الدراسة من فكرة أنّ هناك سمة ثقافيّة مميّزة في الطبقات الفقيرة، إنّها مجتمعات أبويّة بامتياز يتفوّق فيها الرجل بسلطته وتتبع له المرأة مادياً، فماذا لو حاولنا دعم النساء مادياً وعزّزنا من استقلاليّتهن؟! وقاموا لهذا الغرض بتجميع عيّنات عشوائيّة من نساء لم يتزوّجن قط وتتراوح أعمارهن بين ال 13 و ال 22 عاماً، يعشن في "مالاوي" بأفريقيا وهي من أفقر بلدان العالم، قسّمن بشكل عشوائي إلى مجموعتين، تلقّت المجموعة الأولى دفعات شهريّة تتراوح بين ال 1 – 5 دولار لهنّ و 4 – 10 دولار لآبائهن، بينما لم تتلقّ المجموعة الثانية أيّ دفعات شهريّة. وبعد 18 شهراً تمّ تحرّي معّدلات الإيدز عند المشاركات فلوحظت إصابة 1.2% من نساء المجموعة الأولى بينما أصيب أكثر من ضعفهنّ – حوالي 3% – من نساء المجموعة الثانية. وتخلص هذه النتيجة إلى أنّ هذا الدعم المادّي المحدود للنساء خفّف من خطر الإصابة بالإيدز لأكثر من النصف، وهو ما يؤكّد أنّ الانعكاسات الثقافيّة لتردّي الحالة الماديّة – وما تتحمله المرأة من تبعاتها – تلعب دوراً هاماً في انتشار الأمراض الجنسيّة، وأنّ تحسين الحالة الاقتصاديّة قد يكون من أنجع الطرق في محاربة هذه الأمراض التي تهدد البشريّة. وقد عقّب مؤلفو الدراسة على هذه النتيجة بقولهم: 'يصاب حوالي ثلث النساء بالإيدز في أفريقيا جنوب الصحراء حتى وصولهن إلى سنّ العشرين، إنّ العوامل الثقافيّة كضعف التعليم والفقر وسيطرة الرجل الماديّة وانعدام المساواة بين الجنسين تبدو عوامل خطر هامّة تؤهّب النساء للإصابة بالإيدز".