أنهى الداعية عمرو خالد حلقته الاخيرة من برنامج «عمر.. صانع حضارة» باتهام للقدماء المصريين بإلقائهم الفتيات في النيل اثناء احتفالاتهم بعيد وفاء النيل واكد ان الخليفة عمر بن الخطاب هو من ابطل تلك العادة واستدل على ذلك برسالة قديمة تنسب للفاروق الى نيل مصر. ونشر موقع البديل استطلاعا للرأي مع عدد من المؤرخين والمتخصصين في التاريخ المصري القديم، والذين اتفقوا على عدم صحة هذه الواقعة، مرجحين ذكرها في بعض المصادر التاريخية ككتاب «فتوح مصر وأخبارها» لابن عبد الحكم نتيجة للغموض الذي لف نهر النيل ومصادره، حيث كان يسود اعتقاد ان نهر النيل يجري من الجنة، وآخرون اعتقدوا في وجود جن وعفاريت هي مصدر النهر والذي تم تصويره عند العرب ب «الفحل» الذي يلتهم النساء. ونقل «البديل» نفي الدكتور محمد الكحلاوي، امين عام الاثريين العرب، صحة ما ذكره عمرو خالد واعتبره مجرد كلام يعد ضمن باب النقولات، ولا يمكن ادراجه ضمن باب الحقائق، فهو كلام اسطوري وأكد انه لم ير رسومات او وثائق مصرية تشير من قريب او بعيد الى عملية القاء انثى في مجرى النيل، في اي وقت، او في عصر. وإنما كان الاحتفاء بالنيل اشبه باحتفالات بعض الهنود، والتي تتمثل في القاء الحلوى، والزهور، والانتشاء بالغناء والرقص، كما ان هناك بعض القرى الهندية، تخرج عن بكرة ابيها، وتقوم بإلقاء نفسها في البحيرات والمجاري المائية من باب الاحتفاء، ويطلقون على تلك البحيرات، بحيرات الإله المقدسة. اما الدكتور عبد الحليم نور الدين، استاذ التاريخ المصري القديم والرئيس الاسبق للمجلس الاعلى للآثار، فقد اعتبر ما اثير حول القاء القدماء المصريين الفتيات في النيل مجرد ادعاءات، ومشيرا الى عدم تخصص عمرو خالد لا في المجال الديني والفقهي او في المجال التاريخي، وله سوابق في الإساءة البالغة الى التاريخ المصري القديم. وأوضح نور الدين ان خالد في برنامج سابق عن قصص القرآن والانبياء، قال: عندما تذهبون الى الكرنك ستجدون صورة لالفي طفل من اطفال اليهود المقتلين، فقلت له: لابد انك تقصد معبد الكرنك الموجود في تل ابيب، كما قال: في تل العمارنة تجدون اخناتون وطائفته يطوفون حول الكعبة، وهي خرافات لا يمكن قبولها. وحينها قام نور الدين بالاتصال بمسؤولي القناة لتصحيح هذه المغالطات، فكان رد المسؤول: «لا استطيع ان اوقف حملة اعلامية بخمسة ملايين»، على حد قول نور الدين. وأضاف، ليس هناك دليل قاطع او حتى مجرد اشارة الى ان المصريين القوا بناتهم في النيل، كذلك لا يوجد دليل يشير الى القاء دمية، مجرد دمية، وإنما كان المصريون يلقون الزهور كما يحدث في الهند واليابان وكوريا في بعض الاحتفالات. وشدد صاحب كتاب «موسوعة الديانة المصرية القديمة» على ان المصريين لم يعرفوا العنف لا في حربهم ولا في سلمهم، وإنما كانوا ينشدون للنهر ويحتفون بقدوم الفيضان، وهو ما يعني بداية العام الجديد طبقا للتقويم المصري القديم. وبين نور الدين ان المؤرخين العرب لم يكونوا على دراية او معرفة باللغة المصرية القديمة، وهو السبب الرئيسي في ذكر المقريزي لخرافاته عن بناء الاهرامات مثلا، فقبل عام 1822، وهو العام الذي نشأ فيه علم المصريات Egyptology بعدما تم فك رموز حجر رشيد، لا يمكن الحديث عن معلومات دقيقة عن الحضارة المصرية. وتابع نور الدين: لا القي اللوم على عمرو خالد وحده، وإنما تشترك وسائل الإعلام المختلفة في المسؤولية عن نشر هذه المغالطات، فمنذ يومين استضاف التلفزيون المصري، مرشدا سياحيا، وبث كمية معلومات خاطئة لا يمكن تصورها، وهو نوع من استسهال الإعلام، الذي يبحث عن المتاح والسهل والمشهور، ومن ضمن هؤلاء «المشهورين» شخصيات تتكلم في التاريخ المصري، منها عميد سابق في الجيش، وثان حاصل على دبلوم «صنايع» قسم زخرفة، وثالث متخصص في المسالك البولية ويكتب تحت عنوان «علم المصريات»، وإذا كانت الشهرة هي المعيار، فزاهي حواس كان مشهورا ونجما وكان يردد اخطاء جسيمة عن الحضارة المصرية. مطالبا بالتدقيق العلمي والبحث الجاد. الانباء