بعد أن كانت محظورة في أغلب المؤسسات الحكومية والخاصة في العالم العربي تحولت أدوات التواصل الاجتماعي وعلى رأسها فيسبوك وتويتر لتصبح قناة اتصال عصرية بين الحكومات ومواطنيها وبين الشركات وزبائنها. المحرك الأساسي لهذا التحول هو النشاط الكبير الذي شهدته مواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة العربية خلال السنوات الأخيرة؛ فعدد مستخدمي فيسبوك فيها تجاوز 45 مليونا في يوليو 2012 بزيادة نسبتها 50% عما كان عليه في 2010 وفقا لإحصائيات مؤسسة دبي للإدارة الحكومية. وتجاوز عدد المغردين العرب على تويتر المليونين في يونيو 2012، فيما قدر عدد التغريدات اليومية الصادرة عن العالم العربي ب5 ملايين و750 ألفا بمعدل 3993 تغريدة في الدقيقة و67 تغريدة في الثانية. دول مجلس التعاون الخليجي كانت الأسرع في تبني وسائل الإعلام الاجتماعي للتواصل مع مواطنيها، وقد شاركت هيئات ومؤسسات حكومية خليجية في قمة خاصة للتواصل الاجتماعي استضافتها دبي على مدى ثلاثة أيام، سلطت الضوء على تجارب ناجحة في هذا المجال وعلى العقبات التي قد تواجه اعتماد هذه القنوات. فحسب الاختصاصي في التسويق الإلكتروني والإعلام الاجتماعي عادل أحمد ميمون فإن أكثر من ثلث الهيئات والوزارات الحكومية في مجلس التعاون أصبح لها وجود على تويتر، ومنها وزارتا الخارجية الإماراتية والكويتية وهيئة شؤون الإعلام في البحرين ووزارة الداخلية بقطر، إضافة إلى عشرات الشركات الخاصة. وخلال القمة استعرض مستشار وزير الخارجية الإماراتية لنظم المعلومات الدكتور سعيد خلفان الظاهري تجربة الوزارة في اعتماد تويتر وسيلة لنشر الأخبار والإعلانات والتنبيهات الهامة، وعرض نموذجا لتواصل الخارجية الإماراتية مع الدبلوماسيين، إضافة إلى تواصل هؤلاء مع المواطنين عبر ذات الوسيلة. غير أن التحول إلى أسلوب التواصل الجديد يواجه تحديات لا تختلف عن تلك التي تعترض انتشارها في الدول الغربية، وفقا لما قالت مديرة فيسبوك للشؤون الحكومية إليزابيث ليندر، التي شددت على ضرورة توعية المواطنين بأدوات التواصل الاجتماعي وفهم طريقة عملها. رئيس قسم الابتكار في مجموعة "ستاركوم ميديا فيست" طارق داعوق رأى تحديين أمام تحول وسائل التواصل الاجتماعي لتحل بديلا عن مراكز الاتصال التقليدية. التحدي الاول، وفقا لداعوق، قانوني؛ إذ لا تتوافر في المنطقة العربية قوانين منظمة للنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أما الثاني فهو لوجستي أو تقني ويتمثل في النسبة القليلة لانتشار الإنترنت، التي لا تتجاوز نسبة 20% في بعض الدول العربية. لقد قطعت مؤسسات وهيئات حكومية وشركات خاصة شوطا كبيرا في الوصول إلى المواطنين والزبائن، واستطلاع آرائهم والاستجابة لطلباتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الطريق لا يزال طويلا وفقا لما يرى خبراء في المجال. وإن كتب للتحول إلى وسائل التواصل الاجتماعي النجاح؛ فلن يكون المواطن في المستقبل القريب بحاجة إلى المكالمات الهاتفية التقليدية للإبلاغ عن خلل في خدمة الماء والكهرباء أو الهاتف مثلا، بل ستكفيه تغريدة على الحساب الخاص بالشركة المزودة أو تعليق على حسابها على فيسبوك لتعاود الاتصال به وتحل المشكلة.