كشف البروفيسور علاء الدين الزاكي الأمين العام السابق للرابطة الشرعية للعلماء والدعاة ومدير إدارة التعريب بجامعة الخرطوم، أن النائب الأول لرئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه أصدر قراراً وجه بموجبه وزارة الإرشاد والاوقاف بالتصديق والسماح للرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالتسجيل، إلا أن القرار لم ينفذ حتى الآن، وأبدى الشيخ الزاكي أسفه لعدم تنفيذ التوجيه الرئاسي، وعاب على من يطلقون على الرابطة «أنها رابطة ضرار» أنهم غير منصفين، مشيراً الى ان هناك العديد من الكيانات الدينية التي تعمل في الحقل الدعوي لكنها لا تجد اية مضايقات، وضرب مثلاً بهيئتي «شؤون الانصار والختمية»، مشدداً على أنهم ليسوا سروريين، وقال إن من يصنفونهم علي هذا الاساس قصدوا التشويه، مبيناً أن مجموعتهم استفادت كثيراً من أنصار السنة مثل استفادتها من جماعة الإخوان المسلمين، رافضاً في ذات الوقت عبارة أنهم «تنظيم أو جماعة»، وقال خلال حواره هذا مع «الصحافة» إنهم يفضّلون العمل الجماعي لا العمل في جماعة، مشيراً الى ان خيار العمل الجماعي أرقى، ويعتبر صيغة أفضل لكونها لا تتصادم مع روح الإسلام، مضيفا ان العمل المنظم كثيراً ما يتصادم مع القناعات الخاصة والشخصية، ويجعلك تخالف الكثير من المسلمات.. وشدد الرجل على رؤيته الشرعية الخاصة بعدم وجود ضرورة تبيح للحكومة السودانية الاقتراض بالربا، مضيفاً أن ورقته التي قدمها في مؤتمر مجمع الفقه الاسلامي أكدت أن السودان ليس في حاجة ماسة لاختيار القروض الربوية لصالح المشروعات التنموية، وقال ان شروط إباحة الربا لحالة الضرورة ليست مطابقة لحالة السودان، وانتقد اختلال سلم الأولويات في الصرف والانفاق، وقال إنه قدم مقترحات وبدائل تجنب قادة البلاد الالتجاء للقروض الربوية، وقدم مثالاً للتمويل البديل بوصفه نظاماً اقتصادياً معمولاً به في كل دول العالم.. والمقابلة تطرقت لكثير من المواضيع والقضايا والمحاور نطالعها عبر اللقاء أدناه: ٭ هناك ندوة عقدت حول ضوابط الاقتراض بالربا للضرورة، وقدمت فيها ورقة أحدثت صدى واسعاً ودار حولها لغط كثير.. بالضبط ما هي تفاصيل تلك الورقة؟ الورقة هذه قدمتها للندوة التي نظمها مجمع الفقه الاسلامي بالتعاون مع هيئة الرقابة الشرعية ببنك السودان التي انعقدت بالخرطوم منتصف يونيو، ودعي لها عدد من العلماء داخل وخارج السودان، وكانت بعنوان «ضوابط الضرورة في الاقتراض الربوي»، والندوة تناولت عدة أوراق، وأنا قدمت ورقة عن ضوابط الضرورة في الاقتراض بالربا في الدولة مع إنزال هذه الضوابط على حالتنا السودانية، وكانت النتائج التي توصلت اليها تتمثل في ان الربا محرم باتفاق العلماء، وليس هناك نزاع في هذا بين السابقين واللاحقين، باعتبار ان النصوص واضحة «وأحل الله البيع وحرم الربا» في هذا الشأن، فليس هناك خلاف بين السلف والخلف، وان الضرورة حالة استثنائية ولا يقاس عليها، وأن الشريعة تتفهم وتراعي أحوال وظروف المكلفين، والضوابط كثيرة تتجاوز العشرة، ولا بد من توفرها لارتكاب المحظور، ولما انزلتها على واقع السودان وجدتها لا تنطبق عليه، فوضع البلاد لا توجد فيه ضرورة تبيح ارتكاب هذا المحظور إطلاقاً.. بل هناك اخلال بالشروط المذكورة، ومن الشروط ان تكون الحالة التي مرت حالة اضطرار يصل لمرحلة الهلاك او المشارفة على الهلاك، وهذه حالة لم نصل اليها، والمشروعات كالطرق والكباري والمطارات ليست هناك مشقة إذا لم يتم تنفيذها في الوقت الراهن، والمطار القديم موجود، ومن الشروط أيضا الا يجد الانسان مسلكاً غير الضرورة، فالبدائل موجودة، والمطروح مثل التمويل البديل بأن تقوم شركات مثلاً ببناء او تشييد المطار، ثم تقوم الشركات بتحصيل الفلوس حتى يتم حل الدين، وهذا نظام معمول به في كل أنحاء العالم.. كذلك لدينا قدرة على انفاق اموال طائلة في التحسينات والمباحات يمكن الاستغناء عنها، فنحن اليوم نصرف في قضايا كمالية. ولدينا دستوريون كثيرون جدا «حوالى 700 دستوري»، وهناك تحسينات نهتم بها كثيراً وننفق فيها كثيراً من الأموال الطائلة، وكذا الحال بالنسبة للكباري والجسور.. فالمشروعات التي اقترحتها الدولة ليست ضرورة لهذه الدرجة التي تضطرنا إلى نستحل الربا. ٭ لكن بدا أن العلماء من خارج السودان كان لهم رأي غير رأيك؟ من وفدوا من خارج السودان أعطوا صورة مغايرة عن أوضاع السودان، فهم لم يطلعوا على واقع السودان، وأفهموا ان السودان محاصر اقتصادياً وسياسياً.. فهؤلاء رغم احترامنا لهم لم يقفوا على حقيقة الأوضاع بشكل جيد، لذلك كان موقفهم مختلفاً حيث أيدوا فتوى جواز الأخذ بإباحة الربا للضرورة حسب الظروف التي اطلعوا عليها.. لكن في تقديري أن الواقع يكذب هذا الافتراض، ذلك أن السودان ليس محاصراً فهو باعتباره دولة يتعامل مع العالم الخارجي بشكل عادي، وبترولنا يباع في الاسواق العالمية، ونتعامل مع الصين وماليزيا وفرنسا وغيرها من الدول، وهناك حركة تصدير واستيراد.. فأين هو الحصار إذن؟! وسد مروي نفسه قام عن طريق التمويل والاقتراض من بيوت المال العربية، فلو كان هناك حصار لما قام السد!! فالاحتجاج بأن السودان دولة محاصرة هو احتجاج في غير محله.. كذلك دخل البترول تجاوز ال «70» مليار دولار، والسؤال الذي يطرح نفسه أين ذهبت هذه الأموال؟.. كما أن هناك مشروعات قامت مثل سكر النيل الأبيض وسد مروي، ولم تستشر الدولة العلماء.. فما الذي حدث؟ فالدولة اقترضت بالربا قبل خمس سنوات.. فاي فتوى يشترط فيها شرطان فقه الشريعة وفقه الواقع، ولا بد من الجمع بين القضيتين فهم الشريعة والواقع الذي تتنزل فيه.. وواضح ان الدولة تريد تبريراً لما فعلته سابقا أي بأثر رجعي، ووقتها لم تصدر فتاوى ولم يعقد مؤتمر ولم يجمع العلماء!! ٭ أحد الإخوة التقيته قبل فترة وقال لي إن الفتوى حول إباحة الربا للضرورة أصلاً كانت منذ عام 1984م في عهد الرئيس الاسبق جعفر نميري، فبعض الشركات كانت تطالبه بأموال وديون، ورد بأنه لا يعطيهم إلا بعد فتوى من العلماء؟ طبعا مجمع الفقه الاسلامي جمع كل الفتاوى الصادرة قديماً وحديثاً، فتحليل الربا للضرورة ليس أمراً عادياً، ويجب التعامل معه بحذر شديد وليس بتهاون، فمثلاً أكل الميتة فيه دفع ضرر أكبر مقابل أكل الميتة، وهو تحقق أمر الموت، فالربا بركة المال فيه ممحوقة، والشاهد سد مروي، وقالوا إذا قام سد مروي ستحل مشكلة الكهرباء، فهناك مشكلة في التوليد ومشكلة في الخط الناقل ومشكلة في أسعار الكهرباء.. فمثلاً الادوية المنقذة للحياة يمكن الاقتراض لشرائها، لكن لن تكون هناك بركة، فنحن نقترض منذ الاستقلال وكل يوم نعاني. ٭ حدث توقيع من قبل العلماء على الفتوى؟ لا ليس كلهم، فهناك من رفض التوقيع على الفتوى مثل الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري، وكذلك الدكتورة عائشة الغبشاوي رفضت، وحينما مررت عليَّ الفتوي أنا رفضت التوقيع عليها.. فلذلك المسألة محتاجة لمزيدٍ من الحوار والتأمل والنقاش، والمؤسف أن مجلس الوزراء أجاز ذلك دون أن يخضع المسألة للحوار والتدقيق والتكييف الفقهي لها، فالقضية خطيرة، ومقام إباحة الربا للضرورة ليس أمراً هيناً ويجب التوقف عنده كثيراً.. وفي تقديري أن من أقبل على الله بصدق سيفرج الله كربته، فلماذا نلجأ للطريق القصير ولا نصبر أو نقبل على الله بصدق النوايا حتى يخفف الله ما بنا من مصائب وضيق وكربات.. ولا يمكن أن نجيز للدولة بناء الطرق والمطارات بالربا.. ومن يتق الله يجعل له مخرجاً. ٭ فاتنا ونحن ندخل في الموضوع أن نعرف القراء بالشيخ علاء الدين الزاكي.. ما هي بطاقتكم الشخصية لعرضها على القارئ ؟ علاء الدين الامين الزاكي داعية من الدعاة في الساحة.. تخرجت في كلية الشريعة في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة.. وحصلت على درجتي الماجستير والدكتوراة من جامعة القرآن الكريم، والآن استاذ بروفيسور في جامعة الخرطوم، وأعمل أستاذاً للشريعة بكلية القانون بجامعة الخرطوم، وأتحرك في حقل الدعوة الى الله تعالى.. وأستاذ مشارك في عام 2004م وبروفيسور في عام 2008م.. ومديراً لإدارة التعريب بجامعة الخرطوم. ٭ سابقاً هل كنت منتمياً لتنظيم سياسي معين؟ نعم في المرحلة الثانوية انتميت للاتجاه الاسلامي بمدرسة سنار الثانوية تقريباً في عام 1984م، وكنت عضواً في الاتحاد، وكانت الحركة الطلابية نشطة وقوية، وكان ذلك في عهد الرئيس النميري وقبل تكوين الجبهة الاسلامية القومية.. وبعد دخولي الجامعة كنت عضو مكتب سياسي بالجامعة حينما كنت طالباً بجامعة أم درمان الإسلامية قبل التحاقي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.. كذلك جالست عدداً من قادة الحركة الإسلامية في عام1985م مثل الاستاذ علي عثمان محمد طه الذي كان نائباً برلمانياً وزعيم الأغلبية المعارضة بالجمعية التأسيسية، وكان النشاط السياسي قوياً في الفترة الديمقراطية رغم أنني كنت صغيراً في السن. ومن زملاء الجامعة في أم درمان الاسلامية السفير أنس الطيب الجيلاني والصادق محمد علي الشيخ وزير الدولة بالكهرباء، وكذلك عاصرنا عثمان البشير الكباشي وكان رئيساً لاتحاد جامعة النيلين، وكانت تسمى وقتها «جامعة القاهرة فرع الخرطوم»، وكان ياسر عرمان تقريباً في السنة النهائية بتلك الجامعة. ٭ هل استمررت في التنظيم حتى بعد التخرج؟ طبعاً.. طبعاً.. كنت انتمي إلى الاتجاه الإسلامي حتى بعد التخرج في عام 1992م، لكن بعدها حدث خلاف بيننا خاصة مع الدكتور الترابي في عام 1995م، رغم أنني كنت بعيداً، فقد كنت في العمليات في مناطق الجنوب والنيل الأزرق وغيرها، وكنا قبل ذلك نرى ان أفكار الدكتور الترابي اجتهادات فردية تخصه، لكن بعد أن صار المنظر للدولة تبنت الدولة آراءه، وأصبح الأمر خطيراً ولم نستطع السكوت عليه، فكانت المفاصلة. ٭ مثل ماذا؟ قضايا كثيرة كثيرة.. يعني بعد أن آلت كل الأمور إلى الدكتور الترابي على مستوى التنظيم والدولة والسلطة، حاول تطبيق الأفكار الشاذة لتكون منهج حياة، ونحن اعترضنا عليها مثل الموقف من الشيعة والنصارى والفكر الابراهيمي ومؤتمر حوار الاديان وزيارة البابا للسودان.. فهذه ابرز تجديداته الفقهية، وللأسف الشديد بعض هذه الافكار مازالت موجودة رغم ان الدكتور الترابي قد تخلى عن الحكم.. فالرجل لم يكن يرى فرقاً بين الشيعة والسنة، وأن النصارى مؤمنون، والفرق بين السني والشيعي كالفرق بين مالك والشافعي، وهكذا نحن رأينا الافضل مفارقة الرجل، وكان هذا هو الخيار المتاح لنا، فكل ذلك شكل قاصمة الظهر بيننا وبينه تقريباً، وكان ذلك في عام 1995م، وسبب المشكلة الاساسية وهو السبب الخاص بخروجي، فقد كان هناك اجتماع في جامعة القرآن الكريم، وكان الاجتماع خاصاً بقيادات الحركة الاسلامية، فطرحت من وجهة نظري رؤيتي في هذه الاشياء وفق منظور فقهي نقدي، فلم يجد حديثي ارتياحاً فخرجت، ثم أنني كنت بعدها في مناطق العمليات، وحينما عدت فضلت المفاصلة. ٭ هل حاولت الانتماء لجماعة أخرى؟ حقيقة أنا أرى أن العمل الجماعي أفضل بالنسبة لي من العمل في جماعة، فأنا انسق واتعامل مع جميع الجماعات الإسلامية، وليست لدي محاذير أو تحفظات، لكن العمل في جماعة يفرض عليك التزامات قد تصادم الكتاب والسنة، وهذا لا يجد أفضلية عندي. ٭ لكن علاء الدين الزاكي محسوب على التيار الجديد في السلفية أو ما يسمى بالسرورية.. بمعنى أن علاء الدين الزاكي ليس أخاً مسلماً ولا أنصار سنة؟ للناس أن يقولوا ما يشاءون ولهم الحق في ذلك، لكن أنا منذ أن كنت «اتجاه إسلامي» كنت اقيس الامور بمنظار الكتاب والسنة، فكان فهماً سلفياً، ومن ثم استوعبنا الإسلام وفق هذا المنهج وليس على منهج الخلف، وبعد أن تركت الحركة الاسلامية مازال فهمي هو هو.. الإسلام بمفهومه الشمولي. ٭ مع من تتعاون؟ مع عدد من المشايخ.. مثل الشيخ عماد الدين أبو حراز والشيخ محمد عبد الكريم والشيخ مدثر أحمد اسماعيل.. فنحن استفدنا من خير كل جماعة، مثل انصار السنة في العقيدة.. توحيد العبادة، وكذلك من الإخوان المسلمين.. العمل الحركي، ومن كتابات وأفكار الشهيد سيد قطب والمودودي.. توحيد الحاكمية، ومن غيرهم. ٭ لكن هذا هو المنهج السروري الذي يتبناه الشيخ سرور، وله شيوخ مثل سلمان العودة وغيرهم؟ مرة أخرى أوكد لك أن للناس الحق في ان يقولوا ما شاءوا، لكن تعليقي على هذا أنني ما عرفت محمد سرور أبداً الا قبل فترة وجيزة، وما كنت اقرأ له، وكنت اسمع هذه الكلمة، لكنني لم اسمع من قبل بتنظيم سروري، وقد أعلن سرور نفسه في محاضرة له بمجمع جبر آل ثاني بحضور عدد من الدعاة والشيوخ من مختلف الطوائف، وقال أنا لست مسؤولا عن أي تنظيم وليس لي اي تنظيم.. فالرجل قال انه لا يملك وصاية على اي تنظيم أو جماعة في العالم. ٭ هو ليس تنظيماً بل هو تيار؟ ليس مهماً تنظيماً أو تياراً سمّه ما شئت.. المهم أن ذلك غير موجود، لكن البعض تستهويهم الاسماء والمصطلحات، فالامام محمد احمد المهدي كان الناس يطلقون على حركته اسم المهدية، ومحمد بن عبد الوهاب كان الناس يطلقون على اتباعه الوهابية.. وطبعا ذلك بقصد تشويه السمعة.. فهي كلمة تطلق من الخصوم تجاه هؤلاء. ٭ لكن الناس يطلقون هذه الأسماء نسبة للمؤسسين، فالمهدية نسبة للمهدي المؤسس، والوهابية نسبة لمحمد بن عبد الوهاب.. فهل سرور أسس السرورية؟ لا.. لا.. هو لم يؤسسها أبداً، لكن الغرض ان الناس تستهويهم النسبة للأشخاص.. والآن في انصار سنة بقول انا وهابي.. وسيقول لا هم لم يسموا انفسهم وهابية هم انصار سنة.. لكن الناس صنفوهم وقالوا انهم وهابية فهي اجتهادات. ٭ طيب بمناسبة الاجتهادات هذا التيار له اجتهادات في مجال العمل الدعوي والطوعي خلال منظمات.. هل هناك اي اتجاه لبلورة الامر في تنظيم سياسي أو دعوي؟ انا اقول لك العمل الجماعي قناعة شخصية، فالعمل الجماعي ارقى من العمل في جماعة.. ويمكن ان نعمل وفق وقائع معينة، فهنا كأننا هربنا من شيء لشيء آخر.. المهم الاتفاق حول الحق.. ويمكن ان يتطور هذا لصورة عمل جماعي أفضل وأرقى. ٭ يمكن أن يكون ذلك في شكل تنظيم؟ التنظيم ليس عيباً.. فهناك من هم منظمون وليسوا جماعات كالنقابات مثلاً، والتنظيم بوصفه فكرة قصد منه الترتيب.. ترتيب الاعمال والامور والأولويات.. لكن ليس بالضرورة ان يكون له رئيس ومجلس شورى. وهكذا فالعمل في جماعة يضطرك في بعض الاحيان إلى أن تعمل شيئاً انت غير مقتنع به، وتكون رؤية التنظيم ملزمة لك. ٭ بخصوص الرابطة الشرعية كانت التوقعات أن تنضموا لهيئة علماء السودان.. ما هي دواعي وضرورات تكوين الرابطة الشرعية في عام 2004م؟ الرابطة الشرعية أنشئت باعتبارها مرجعية شرعية للنظر في النوازل بعيداً عن أي تأثير تنظيمي أو سياسي.. طبعاً نحن لم تكن نيتنا في يوم من الايام أن ننضم لهيئة علماء السودان، كذلك الرابطة لا تمثل رأينا نحن فقط، خذ مثلاً شيخ صادق عبد الله عبد الماجد فهو عضو مجلس خمسيني وإن لم يحضر اجتماعاتها لكنه كان يشارك في نشاطها وفعالياتها.. وأول فتوى كانت حكم الانتماء للحركة الشعبية ووقع عليها «52» من العلماء، وكان لها وقع وتأثير في الرابطة الشرعية التي تضم كثيراً من العلماء والدعاة، وليسوا بالضرورة يتفقون معنا في كل شيء. ٭ لكن الرابطة الشرعية في تكوينها حاولت إقصاء بعض الناشطين في ساحة العمل الإسلامي؟ لا.. لا.. لم يكن هناك أقصاء، فنحن دعونا الجميع ليشاركوا فيها.. صحيح كانت في البداية دائرة المشاروات فيها ضيقة، وهذا لظروف، وحتي الاخوان المسلمين رغم مناوشاتهم لكن لم يبعدوا، فمثلا شيخ ياسر عثمان جاد الله... ٭ «مقاطعاً» لكنه ليس عضواً؟ صحيح ليس عضواً، والشيخ سليمان أبو نارو لم يشترط ابعاده أو اقصاؤه، ولا يوجد توجه لاي اقصاء. ٭ لكن خلال ثماني سنوات والاخوان المسلمون «الإصلاح» لم يدعوا اليها؟ «رد سريعاً» في امكانهم ان يأتوا. ٭ لكن يا شيخنا هم لا يأتون هم يدعون كما تمت دعوة الآخرين؟ هناك من سمع بنا فقط ولم ندعه، ولا داعي لذكر الاسماء، ونحن نرحب بهم، وبالتالي لا يوجد اقصاء لأحد، ففي البداية لم يكن هناك قصد لابعاد أو عدم دعوة لأحد.. وقد تكون الصعاب التي واجهتنا هي السبب.. والغريب ان البعض يقول اننا قمنا باعتبارنا عملاً مضاداً لهيئة علماء السودان، وان الرابطة هي رابطة ضرار.. وهناك رابطة الختمية وهيئة شؤون الانصار.. فلماذا يستهدفوننا نحن فقط؟ ٭ لكن هذه الهيئات تختلف عنكم لأنها عريقة وقديمة ولا تشتغل بالفتوى مثلكم.. بل عملها دعوي فقط؟ لها فتاوى ولها اجتهادات، لكنها لم تصنف لها مواقف سياسية في بعض القضايا الاجتهادية.. فلماذا نحن بالذات.. شيء غريب.. وقلنا ان الساحة تسع الجميع نحن وغيرنا.. فلماذا يتم الاعتراض على الرابطة الشرعية؟ ٭ طيب لماذا لم تسجل؟ والله هذا تسأل عنه الحكومة، لكن نحن تقدمنا بطلب رسمي لتسجيلنا لوزارة الارشاد والاوقاف، فتم تحويل الطلب للأجهزة الأمنية، وحتى الآن لم يصلنا الرد.. وفي الواقع الحكومة رفضت التسجيل. ٭ ذلك كان في عهد الدكتور عصام البشير ولكن الوزير تغير؟ والله حتى بعد أن تغير الوزير لم نتلقَ الرد من جهة الاختصاص.. ولا أدري لماذا لم يصادق على الرابطة الشرعية؟ لماذا يقولون إن الرابطة الشرعية هي رابطة ضرار؟ لقد جلسنا مع الوزير ولكن للأسف الشديد مازلنا ننتظر ولم يأتنا الرد بعد!! ومن الغريب أننا جلسنا حتى مع النائب الاول الاستاذ علي عثمان محمد طه وبحضور الدكتور عصام البشير، ووجه بالتصديق للرابطة.. لكننا لم نر الترخيص حتى الآن!! ٭ هل تابعتم التوصية؟ هي ليست مجرد توصية فحسب، بل هي توجيه رئاسي لا يحتاج لمتابعة، بل يحتاج لتنفيذ.. وللأسف لم ينفذ !! لكن ذلك لم يعطلنا عن المضي في طريقنا ومواصلة المسيرة رغم عدم التسجيل. ٭ ماذا بالنسبة لملف الوحدة بين التيارات السلفية واتفاقها علي خطوط مشتركة؟ والله أشواقي أن تتوحد كل الجماعات السلفية، وليس بالضرورة أن تكون في جماعة واحدة.. المهم هو الاتفاق يد واحدة على من سواها، فالمسلم لا يوالي جملة واحدة وكذلك لا يعادي جملة واحدة، بل يوالي بقدر ما فيه من الخير والصواب، ويعادي بمثل ذلك المقدار من الشر والخطأ، فالاولوية هي التناقش والتناصح والاتفاق الحقيقي على الخطوط المشتركة. ٭ هل جرت أية محاولات في هذا الشأن؟ طبعاً في خواتيم مؤتمر العمل الإسلامي بين الاتفاق والافتراق الذي نظمته جامعة الخرطوم قسم الثقافة الإسلامية في عام 2004م، كان من ضمن التوصيات فقرة تنص بوضوح على وحدة الاسلاميين. ٭ لماذا فشلت الوحدة؟ للأسف من ينتمون للحكومة ليست لديهم رغبة في وحدة حقيقية، فلم تكن النوايا صادقة في تحقيق الوحدة الحقيقية بقدر ما أننا تعودنا على أن نجمع في حالة الملمات والمصائب، وتستغل هذه التجمعات لصالح النظام فقط. ٭ لا المساحة المتاحة للحوار تسمح ولا زمنكم يتسع، ونتمنى أن نتناول قضايا أخرى في حوار آخر، ولكم كلمة أخيرة؟ أتمني ان تُدار الدولة بشكل فيه تداول، فالدولة تحتاج لمراجعات شاملة وحقيقية، فالنظام حتى الآن شمولي، فنحن نحتاج لوحدة حقيقية، وأن تفتح الحكومة الباب على مصراعيه للجميع لبناء السودان الذي يقف الآن على مفترق الطرق.. فهي تحتاج لإصلاحات جذرية، فما عاد الناس يصدقون الإجراءات والمعالجات الصورية بغرض الوصول لبر الأمان وتجنيب السودان أية إشكالات قد يتعرض لها مستقبلاً. الصحافة