تتسع رقعة هيمنة المستثمرين الخليجيين على الأندية الأوروبية البارزة في كرة القدم، وآخرها انضمام وشيك لليدز يونايتد الإنكليزي العريق إلى القائمة. فقد أعلن "بيت التمويل الخليجي" ومقره في البحرين الخميس، أن شركة "بيت التمويل الخليجي كابيتال" التابعة له وقعت اتفاقا حصريا لترتيب شراء نادي ليدز الذي يلعب حاليا في الدرجة الإنكليزية الأولى. وجاء في بيان لبيت التمويل الخليجي، الذي يتخذ من البحرين مقرا له، ونشر على موقعي تداول الأسهم في الكويت والبحرين "بسبب الوضع السري للملف، لا يمكن تقديم المزيد من التفاصيل عن الشروط التجارية للصفقة". تأسس نادي ليدز عام 1919 وشهد حقبته الذهبية في السبعينات، وكان من الفرق الأساسية في الدوري الإنكليزي الممتاز، لكنه ينافس الآن في دوري الدرجة الأولى، وهو من الأندية الأكثر شعبية في إنكلترا، وسبق أن فاز بالعديد من الألقاب المحلية والأوروبية، أبرزها كأس الاتحاد الأوروبي عامي 1968 و1971، وكأس إنكلترا عام 1972، وكأس الرابطة الإنكليزية في 1968. وكالة "فرانس برس" علمت من مصدر رياضي بحريني على علم بالملف أن قيمة الصفقة تصل إلى 50 مليون جنيه إسترليني (نحو 75 مليون دولار). وأكد المصدر أيضا أن "هناك مشكلة عالقة تتعلق برهن النادي الإنكليزي لملعبه الرئيسي "ايلاند رود" والملاعب الأخرى الخاصة بالتدريب"، مضيفا "يتعين على ملاك النادي الحاليين إنهاء مشكلة الرهن". وأشارت تقارير صحافية إنكليزية إلى أن رئيس نادي ليدز كين بيتس أكد أن ممثلين عن المجموعة الخليجية حضروا مباراة الفريق الأخيرة التي تغلب فيها على نوتنغهام فوريست في ايلاند رود 2-1 السبت الماضي. الاهتمام بشراء ليدز يونايتد ليس جديدا، إذ أن مجموعة استثمارية خليجية كانت دخلت في مفاوضات مع النادي عام 2003 لشرائه لكن الصفقة لم تكتمل. وتيرة الاهتمام الخليجي بأندية كرة القدم الأوروبية ترتفع بشكل ملحوظ، إذ يأتي إعلان "بيت التمويل الخليجي" اليوم بعد أقل من ثلاثة أشهر على شراء رجال أعمال كويتيين لنادي نوتنغهام فوريست الإنكليزي أيضا. فقد أعلن فواز وعبد العزيز وعمر الحساوي شراء نوتنغهام في العاشر من تموز/يوليو الماضي. ويلعب نوتنغهام، الذي تأسس عام 1865، ضمن أندية الدرجة الأولى أيضا، وسبق أن أحرز بطولة الدوري الممتاز في 1978، وكأس إنكلترا عامي 1898 و1959، وكأس الأندية الأوروبية (دوري أبطال أوروبا حاليا) عامي 1979 و1980، وكأس السوبر الأوروبية عام 1979. وذكرت التقارير في حينها أن قيمة الصفقة ناهزت 75 مليون جنيه إسترليني. تحقيق الأرباح عن سبب هذا الاهتمام الخليجي بالأندية الأوروبية، أوضح الشيخ عبد الرحمن بن مبارك آل خليفة، الذي عمل مع مجموعة مستثمرين لشراء نادي ليدز يونايتد بالذات عام 2003 في اتصال مع وكالة فرانس برس، "أن اتجاه العرب نحو شراء الأندية الأوروبية هو لتحقيق عدة أهداف، منها الاستثمار المضمون وعدم تأثر أغلب الأندية بالأزمة الاقتصادية قبل سنوات، وهناك أندية تحقق أرباحا خيالية من خلال حقوق البث التلفزيوني ومن خلال بيع تذاكر المباريات والتسويق والدعاية الإعلانية والعديد من الأمور التي تساعد على تحقيق الأرباح". وتابع بن مبارك، عضو مجلس إدارة نادي النجمة البحريني قائلا: "الأرباح لن تتحقق إلا في حال إدارة الاستثمار بالطريقة الصحيحة من خلال بيع وشراء اللاعبين، والتسويق الجيد للاعبين واسم النادي"، وضرب مثلا يتعلق بنادي أرسنال الإنكليزي "الذي يحقق أرباحا كبيرة من خلال التعاقد مع لاعبين صغار في السن وبأسعار قليلة، ومن ثم يبيعهم بمبالغ كبيرة بعد وصولهم للنجومية". صفقة قطرية مدوية وما كاد الموسم قبل الماضي ينتهي حتى أعلنت شركة قطر للاستثمار عن صفقة مدوية بشراء نسبة 70 بالمئة من أسهم باريس سان جرمان الفرنسي، قبل أن تستحوذ على كامل الأسهم بعد أسابيع قليلة وتنتقل إدارة النادي إليها. وأحدثت الإدارة القطرية لباريس سان جرمان جدلا في الأوساط الكروية الأوروبية، خصوصا بعد إنفاق أكثر من 200 مليون دولار لضم لاعبين هذا الموسم، وفي مقدمتهم المهاجم العملاق السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، والمدافع البرازيلي تياغو سيلفا من ميلان الإيطالي. ولم يتردد رئيس نادي باريس سان جرمان، القطري ناصر الخليفي، في إعلان أهداف النادي بالانتقال إلى الصف الأول أوروبيا بقوله: "الهدف الأساسي هو الفوز ببطولة الدوري الفرنسي، أو على الأقل المشاركة في دوري أبطال أوروبا". كما كشف عن أنه يحلم "ببناء ملعب جديد بسعة 60 ألف متفرج بدلا للملعب الحالي بارك دي برانس الذي يتسع ل50 ألفا". الانفاق الهائل لسان جرمان كان محل انتقاد من كارل هاينتس رومينيغه رئيس نادي بايرن ميونيخ الألماني، الذي اعتبر أن فريق العاصمة الفرنسية ينفق الكثير من الأموال ولن يكون قادرا على احترام مبدأ اللعب المالي النظيف. اللقب الإنكليزي يشكل نادي مانشستر سيتي، الذي اشتراه الشيخ الإماراتي منصور بن زايد آل نهيان عام 2008، مثالا يحتذى في كيفية الاستثمار الخليجي الناجح في الأندية الأوروبية. عمل مانشستر سيتي بإدارته الإماراتية وبقيادة المدرب الإيطالي روبرتو مانشيني باستراتيجية ناجحة خصوصا في التعاقدات، فلم يطل الأمر وتوج ال"سيتيزنز" في نهاية الموسم الماضي بلقب البريميرليغ للمرة الأولى منذ 44 عاما، وتحديدا منذ عام 1968، محرزا بالتالي لقبه الثالث في الدوري إذ كان الأول في 1937. وكان سيناريو الفوز باللقب مثيرا وسيبقى عالقا في الأذهان لفترات طويلة، إذ جاء في المرحلة الأخيرة وفي الثواني القاتلة بهدف لمهاجمه الأرجنتيني الدولي سيرخيو اغويرو في مرمى كوينز بارك رينجرز 3-2، لأن التعادل كان سيهدي اللقب إلى مانشستر يونايتد، فحسم الأمر بفارق الأهداف بينهما فقط. ولعل كلام الشيخ منصور بن زايد بعد اتمام الصفقة يؤشر لمدى الاهتمام بالأندية الخليجية بقوله: "تم شراء النادي كاستثمار استراتيجي"، مضيفا "نسعى لبناء ناد يكون من ضمن الأربعة الكبار في الدوري الإنكليزي، ويكون قادرا على كسب البطولات الأوروبية". تحقق الهدف المحلي، ويبقى أن يفرض سيتي ذاته من أفضل الفرق الأوروبية، وقد خسر مباراته الأخيرة 2-3 أمام ريال مدريد بصعوبة بالغة، بعد أن كان متقدما 2-1 حتى الدقائق الخمس الأخيرة. وينتشر الاستثمار الخليجي ليصل إلى إسبانيا أيضا، حيث اشترى شيخ قطري قبل أعوام نادي ملقة الذي ينافس في دوري الكبار، كما أن مستثمرا أردنيا يملك نسبة كبيرة من نادي ميونيخ 1860 الذي يلعب في الدرجة الثانية في ألمانيا. رعاية من العيار الثقيل لا يقتصر الأمر على شراء الأندية فقط، بل أن الشركات الخليجية البارزة حجزت لنفسها مكانا مهما في رعاية أندية كبرى كبرشلونة الإسباني وأرسنال الإنكليزي. ودخلت مؤسسة "قطر فاونديشين" بقوة برعاية برشلونة، عبر وضع اسمها على قمصان اللاعبين، بعد أن حملت شعار "اليونيسيف" لأعوام طويلة. ويبقى عقد رعاية شركة "طيران الإمارات" التابعة لدبي لنادي أرسنال من أقدم وأهم الاختراقات الخليجية في الساحة الرياضية الأوروبية، إذ يطلق على الملعب الجديد للنادي اللندني اسم "استاد الإمارات" لمدة عشر سنوات، وعلى قمصان اللاعبين أيضا شعار الشركة "فلاي اميريتس". كما أن شركة طيران الاتحاد الإماراتية المملوكة لحكومة أبو ظبي ترعى نادي مانشستر سيتي. ودخل بنك قطر الوطني على خط المحادثات لتوقيع عقد رعاية لباريس سان جرمان تردد أنه قد يصل الى 100 مليون يورو سنويا. يذكر أن الراعي الأساسي لسان جرمان حاليا هو "طيران الإمارات" في عقد يمتد حتى 2014.