من سيفوز؟ تشير آخر استطلاعات الرأي الى أن المرشح الجمهوري ميت رومني قلص الفارق بينه وبين الرئيس باراك أوباما في نوايا تصويت الأميركيين، بعد تفوق نسبي في أول مناظرة تلفزيونية. ومهما تكن نتائج الاستطلاعات، فإن أغلب المحللين يستبعدون احتمال فوز رومني، لأن كتلا كبيرة من المجتمع الأمريكي تقف على مسافة بعيدة عن مواقفه اليمينية المتشددة. كما أن مواقف رومني في التسجيلات التي تم تسريبها من جلسات خاصة، بدأت تؤلب قطاعات أخرى من المجتمع. فكتلة الليبراليين محسوم أمرها لصالح أوباما، وجانب كبير من قطاع الأعمال أيضا بعد مواقفه من عدد من الشركاء التجاريين الكبار مثل الصين، وكذلك حال الطبقات الفقيرة التي وصفها رومني بأنها عالة على الاقتصاد الأميركي. ومهما كان فوز رومني مستبعد،ا فلا بد من رصد ما يمكن أن يطرأ على السياسة الأميركية في حال فوزه في الانتخابات المقبلة في السادس من الشهر المقبل. في الملف السوري صرح أوباما علنا بأنه سيقوم بتسليح المعارضة السورية في حال وصوله الى البيت الأبيض، لكن محللين يرجحون أن يذهب أبعد من ذلك ولا يستبعدون تدخلا عسكريا أميركيا مباشرا لإسقاط نظام الأسد. أما في الملف الإيراني، فلا يبدو أن رومني مقتنع بالسياسة الأميركية في السنوات الأربع الماضية التي ضيقت الخناق على طهران، من خلال عقوبات لم يسبق لها مثيل، بدأت تقوض النظام من الداخل، بعد انهيار العملة الإيرانية التي فقدت نحو 70٪ من قيمتها منذ بداية العام ونحو ثلث قيمتها في الأسبوعين الماضيين. ويرى محللون أن رومني لن يكتفي باعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، بل إنهم لا يستبعدون أن تتدخل إدارة بقيادة رومني مباشرة في إيران، بعد أن قال صراحة أنه يؤيد ضربة عسكرية لإيران. وأدت تصريحاته المؤيدة للجناح المتشدد في إسرائيل، الى خلافات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع أيهود باراك، الذي أبدى تفهما لمواقف الرئيس أوباما. وفي الملف الفلسطيني، كان موقف رومني صريحا، حيث اتهمهم بأنهم سبب تعثر المفاوضات، بل وقال في شريط مسرب إنه "ليس لدى الفلسطينيين اي رغبة بالسلام مع اسرائيل". وقدم رومني كل فروض الطاعة لإسرائيل، وأعلن أن القدس هي عاصمتها الأبدية، بل وذهب أبعد من أكثر المواقف الإسرائيلية تشددا. ولا يخفى على المراقبين انحياز جميع الدول الغربية لسياسة أوباما، التي تناغمت وتطابقت معها طوال ولايته الأولى. وتبدو مواقف الصين وروسيا أكثر وضوحا بعد أن نالتهما تصريحات رومني المتشددة. في حال الصين طالب رومني باعلان الصين متلاعبة بسعر صرف عملتها، وباتخاذ موقف حازم سيفتح أبواب حرب تجارية، تهدد الشراكة التجارية الكبيرة بين اكبر اقتصادين في العالم. هذا الموقف لا يثير غضب الصين فحسب بل والشركات الاميركية التي لديها استثمارات هائلة في الصين. فمعظم الشركات الأميركية العملاقة تنتج في الصين أكثلر مما تنتج في الولاياتالمتحدة. كما أن ما يزيد على ثلث صادرات الصين تذهب الى الولاياتالمتحدة، وأي سياسة أميركية متشددة ستهدد اقتصادي البلدين، وقد تدفع الاقتصاد العالمي الى ركود شديد. أما العلاقات الروسية الأميركية، فسوف تدخل في توتر شديد في حال فوز رومني، الذي أشار الى أنه سيعتمد سياسة متشددة حيال روسيا، وهو ما أثار غضب موسكو التي اعتبرت تصريحاته غير مقبولة. وأخيرا في ملف الأزمة المالية الأوروبية، فان مجموع تلك السياسات ستدخل الاقتصاد العالمي والاقتصاد الأميركي في أزمة شديدة، ستعمق الازمة الاقتصادية في الولاياتالمتحدة وسينعكس ذلك على أوروبا والاقتصاد العالمي. ويبدو أن احتمال فوز رومني المستبعد يمكن أن يدخل العالم في أزمات كثيرة، وقد يفجر الكثير من الحروب والصراعات التجارية، وهي إن اجتمعت فسوف تفرز مشاكل، قد لا تخطر ببال المراقبين والمحللين. وبعد سنوات من جهود أوباما، التي نجحت الى حد بعيد في تحسين صورة الولاياتالمتحدة في العالم، فان فوز رومني يمكن أن يضعها في عزلة تفوق تلك التي وضعتها فيها سياسات الرئيس جورج دبليو بوش. وستضع اقتصادها على شفا ركود لم يسبق له مثيل في تاريخها. لكن ما يثير الاطمئنان أن معظم المحللين يرجحون فوزا مريحا للرئيس أوباما، وأن التقدم الذي يتمتع به في نوايا التصويت واستطلاعات الرأي سيتسع كثيرا حين يمسك الأميركيون باوراق التصويت. ويشير هؤلاء الى التأييد الواسع الذي يتمتع بع أوباما في الاوساط الليبرالية ورجال الأعمال والاقليات والطبقات الفقيرة والنساء، إضافة الى اتساع نسبة الأميركيين الذين نالت منهم تصريحات رومني المتشددة. ميدل ايست أونلاين